الباحث القرآني

﴿ما المَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إلا رَسُولٌ﴾ فِيهِ نَفْيُ الأُلُوهِيَّةِ عَنْهُ ﴿قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُسُلُ﴾ صِفَةُ الرَسُولِ، أيْ: ما هو إلّا رَسُولٌ مِن جِنْسِ الرُسُلِ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِهِ، وإبْراؤُهُ الأكْمَهَ والأبْرَصَ، وإحْياؤُهُ المَوْتى لَمْ يَكُنْ مِنهُ، لِأنَّهُ لَيْسَ إلَهًا، بَلِ اللهُ أبْرَأ الأكْمَهَ والأبْرَصَ، وأحْيا المَوْتى عَلى يَدِهِ، كَما أحْيا العَصا، وجَعَلَها حَيَّةً تَسْعى عَلى يَدِ مُوسى، وخَلَقَهُ مِن غَيْرِ ذَكَرٍ كَخَلْقِ آدَمَ مِن غَيْرِ ذَكَرِ وأُنْثى ﴿وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ﴾ أيْ: وما أمُّهُ أيْضًا إلّا كَبَعْضِ النِساءِ المُصَدِّقاتِ لِلْأنْبِياءِ المُؤْمِناتِ بِهِمْ، ووَقَعَ اسْمُ الصِدِّيقَةِ عَلَيْهِمْ، لِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَصَدَّقَتْ بِكَلِماتِ رَبِّها وكُتُبِهِ﴾ [التَحْرِيمُ: ١٢]. ثُمَّ أبْعَدَهُما عَمّا نُسِبَ إلَيْهِما بِقَوْلِهِ: ﴿كانا يَأْكُلانِ الطَعامَ﴾ لِأنَّ مَنِ احْتاجَ إلى الِاغْتِذاءِ بِالطَعامِ، (p-٤٦٦)وَما يَتْبَعُهُ مِنَ الهَضْمِ والنَفْضِ لَمْ يَكُنْ إلّا جِسْمًا مُرَكَّبًا مِن لَحْمٍ، وعَظْمٍ، وعُرُوقٍ، وأعْصابٍ، وغَيْرِ ذَلِكَ مِمّا يَدُلُّ عَلى أنَّهُ مَصْنُوعٌ مُؤَلَّفٌ كَغَيْرِهِ مِنَ الأجْسامِ ﴿انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآياتِ﴾ أيِ: الأعْلامَ مِنَ الأدِلَّةِ الظاهِرَةِ عَلى بُطْلانِ قَوْلِهِمْ: ﴿ثُمَّ انْظُرْ أنّى يُؤْفَكُونَ﴾ كَيْفَ يُصْرَفُونَ عَنِ اسْتِماعِ الحَقِّ وتَأمُّلِهِ بَعْدَ هَذا البَيانِ، وهَذا تَعْجِيبٌ مِنَ اللهِ تَعالى في ذَهابِهِمْ عَنِ الفَرْقِ بَيْنَ الرَبِّ والمَرْبُوبِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب