الباحث القرآني
﴿فَإذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾، مِن "اَللِّقاءُ"، وهو الحَرْبُ،
﴿فَضَرْبَ الرِقابِ﴾، أصْلُهُ: "فاضْرِبُوا الرِقابَ ضَرْبًا"، فَحَذَفَ الفِعْلَ، وقَدَّمَ المَصْدَرَ، فَأُنِيبَ مَنابَهُ، مُضافًا إلى المَفْعُولِ، وفِيهِ اخْتِصارٌ، مَعَ إعْطاءِ مَعْنى التَوْكِيدِ، لِأنَّكَ تَذْكُرُ المَصْدَرَ، وتَدُلُّ عَلى الفِعْلِ بِالنَصْبَةِ الَّتِي فِيهِ، و"ضَرْبُ الرِقابِ"، عِبارَةٌ عَنِ القَتْلِ، لا أنَّ الواجِبَ أنْ تَضْرِبَ الرِقابَ خاصَّةً، دُونَ غَيْرِها مِنَ الأعْضاءِ، ولِأنَّ قَتْلَ الإنْسانِ أكْثَرُ ما يَكُونُ بِضَرْبِ رَقَبَتِهِ، فَوَقَعَ عِبارَةً عَنِ القَتْلِ، وإنْ ضَرَبَ غَيْرَ رَقَبَتِهِ،
﴿حَتّى إذا أثْخَنْتُمُوهُمْ﴾، أكْثَرْتُمْ فِيهِمُ القَتْلَ،
﴿فَشُدُّوا الوَثاقَ﴾، فَأسِرُوهُمْ، و"اَلْوَثاقُ"، بِالفَتْحِ، والكَسْرِ: اِسْمُ ما يُوثَقُ بِهِ، والمَعْنى: فَشُدُّوا وثاقَ الأُسارى، حَتّى لا يُفْلِتُوا مِنكُمْ،
﴿فَإمّا مَنًّا بَعْدُ﴾ أيْ: بَعْدَ أنْ تَأْسِرُوهُمْ،
﴿وَإمّا فِداءً﴾، "مَنًّا"، و"فِداءً"، مَنصُوبانِ بِفِعْلَيْهِما مُضْمَرَيْنِ، أيْ: "فَإمّا تُمَنُّونَ مَنًّا، أوْ تَفْدُونَ فِداءً"، والمَعْنى التَخْيِيرُ بَيْنَ الأمْرَيْنِ بَعْدَ الأسْرِ، بَيْنَ أنْ يَمُنُّوا عَلَيْهِمْ فَيُطْلِقُوهُمْ، وبَيْنَ أنْ يُفادُوهُمْ، وحُكْمُ أُسارى المُشْرِكِينَ عِنْدَنا: اَلْقَتْلُ، أوْ الِاسْتِرْقاقُ، والمَنُّ والفِداءُ المَذْكُورانِ في الآيَةِ مَنسُوخٌ بِقَوْلِهِ: ﴿فاقْتُلُوا المُشْرِكِينَ﴾ [التوبة: ٥]، لِأنَّ (p-٣٢٣)سُورَةَ "بَراءَةٌ"، مِن آخِرِ ما نَزَلَ، عَنْ مُجاهِدٍ: "لَيْسَ اليَوْمَ مَنٌّ ولا فِداءٌ، إنَّما هو الإسْلامُ أوْ ضَرْبُ العُنُقِ"، أوِ المُرادُ بِالمَنِّ أنْ يُمَنَّ عَلَيْهِمْ بِتَرْكِ القَتْلِ، ويُسْتَرَقُّوا، أوْ يُمَنَّ عَلَيْهِمْ فَيُخَلَّوْا لِقَبُولِهِمُ الجِزْيَةَ، وبِالفِداءِ أنْ يُفادى بِأُساراهم أُسارى المُسْلِمِينَ، فَقَدْ رَواهُ الطَحاوِيُّ مَذْهَبًا عَنْ أبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللهُ -، وهو قَوْلُهُما، والمَشْهُورُ أنَّهُ لا يَرى فِداءَهُمْ، لا بِمالٍ، ولا بِغَيْرِهِ، لِئَلّا يَعُودُوا حَرْبًا عَلَيْنا، وعِنْدَ الشافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللهُ (تَعالى) -: لِلْإمامِ أنْ يَخْتارَ أحَدَ الأُمُورِ الأرْبَعَةِ: اَلْقَتْلَ، والِاسْتِرْقاقَ، والفِداءَ بِأُسارى المُسْلِمِينَ، والمَنَّ،
﴿حَتّى تَضَعَ الحَرْبُ أوْزارَها﴾، أثْقالَها، وآلاتِها، الَّتِي لا تَقُومُ إلّا بِها، كالسِلاحِ، والكُراعِ، وقِيلَ: "أوْزارَها": آثامَها، يَعْنِي: "حَتّى يَتْرُكَ أهْلُ الحَرْبِ - وهُمُ المُشْرِكُونَ - شِرْكَهُمْ، بِأنْ يُسْلِمُوا"، أوْ "حَتّى"، لا يَخْلُو مِن أنْ يَتَعَلَّقَ بِالضَرْبِ والشَدِّ، أوْ بِالمَنِّ والفِداءِ، فالمَعْنى عَلى كِلا المُتَعَلَّقَيْنِ عِنْدَ الشافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللهُ - أنَّهم لا يَزالُونَ عَلى ذَلِكَ أبَدًا، إلى ألّا يَكُونَ حَرْبٌ مَعَ المُشْرِكِينَ، وذَلِكَ إذا لَمْ يَبْقَ لَهم شَوْكَةٌ، وقِيلَ: إذا نَزَلَ عِيسى - عَلَيْهِ السَلامُ -، وعِنْدَ أبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللهُ -: إذا عُلِّقَ بِالضَرْبِ والشَدِّ، فالمَعْنى أنَّهم يُقْتَلُونَ، ويُؤْسَرُونَ، حَتّى تَضَعَ جِنْسُ الحَرْبِ الأوْزارَ، وذَلِكَ حِينَ لا تَبْقى شَوْكَةٌ لِلْمُشْرِكِينَ، وإذا عُلِّقَ بِالمَنِّ والفِداءِ، فالمَعْنى أنَّهُ يُمَنُّ عَلَيْهِمْ، ويُفادَوْنَ، حَتّى تَضَعَ حَرْبُ "بَدْرٍ"، أوْزارَها، إلّا أنْ يُتَأوَّلَ المَنُّ والفِداءُ بِما ذَكَرْنا مِنَ التَأْوِيلِ،
﴿ذَلِكَ﴾ أيْ: الأمْرُ ذَلِكَ، فَهو مُبْتَدَأٌ وخَبَرٌ، أوْ: اِفْعَلُوا بِهِمْ ذَلِكَ، فَهو في مَحَلِّ النَصْبِ،
﴿وَلَوْ يَشاءُ اللهُ لانْتَصَرَ مِنهُمْ﴾، لانْتَقَمَ مِنهم بِغَيْرِ قِتالٍ، بِبَعْضِ أسْبابِ الهَلاكِ، كالخَسْفِ، أوِ الرَجْفَةِ، أوْ غَيْرِ ذَلِكَ،
﴿وَلَكِنْ﴾، أمَرَكم بِالقِتالِ،
﴿لِيَبْلُوَ بَعْضَكم بِبَعْضٍ﴾،، أيْ: اَلْمُؤْمِنِينَ بِالكافِرِينَ، تَمْحِيصًا لِلْمُؤْمِنِينَ، وتَمْحِيقًا لِلْكافِرِينَ،
﴿والَّذِينَ قُتِلُوا﴾، "بَصْرِيٌّ وحَفْصٌ"، "قاتَلُوا"، غَيْرُهُمْ،
﴿فِي سَبِيلِ اللهِ فَلَنْ يُضِلَّ أعْمالَهُمْ﴾
{"ayah":"فَإِذَا لَقِیتُمُ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ فَضَرۡبَ ٱلرِّقَابِ حَتَّىٰۤ إِذَاۤ أَثۡخَنتُمُوهُمۡ فَشُدُّوا۟ ٱلۡوَثَاقَ فَإِمَّا مَنَّۢا بَعۡدُ وَإِمَّا فِدَاۤءً حَتَّىٰ تَضَعَ ٱلۡحَرۡبُ أَوۡزَارَهَاۚ ذَ ٰلِكَۖ وَلَوۡ یَشَاۤءُ ٱللَّهُ لَٱنتَصَرَ مِنۡهُمۡ وَلَـٰكِن لِّیَبۡلُوَا۟ بَعۡضَكُم بِبَعۡضࣲۗ وَٱلَّذِینَ قُتِلُوا۟ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ فَلَن یُضِلَّ أَعۡمَـٰلَهُمۡ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











