الباحث القرآني

﴿وَلَقَدْ مَكَّنّاهم فِيما إنْ مَكَّنّاكم فِيهِ﴾، "إنْ"، نافِيَةٌ، أيْ: فِيما ما مَكَّنّاكم فِيهِ، إلّا أنَّ "إنْ"، أحْسَنُ في اللَفْظِ، لِما في مُجامَعَةِ "ما"، مِثْلَها مِنَ التَكْرِيرِ المُسْتَبْشِعِ، ألا تَرى أنَّ الأصْلَ في "مَهْما": "ما ما"، فَلِبَشاعَةِ التَكْرِيرِ قَلَبُوا الألِفَ هاءً؟ وقَدْ جُعِلَتْ "إنْ"، صِلَةً، وتُؤَوَّلُ بِـ "إنّا مَكَّنّاهم في مِثْلِ ما مَكَّنّاكم فِيهِ"، والوَجْهُ هو الأوَّلُ، فَقَوْلُهُ (تَعالى): ﴿هم أحْسَنُ أثاثًا ورِئْيًا﴾ [مريم: ٧٤] ﴿كانُوا أكْثَرَ مِنهم وأشَدَّ قُوَّةً وآثارًا﴾ [غافر: ٨٢]، و"ما"، بِمَعْنى "اَلَّذِي"، أوْ نَكِرَةٌ مَوْصُوفَةٌ، ﴿وَجَعَلْنا لَهم سَمْعًا وأبْصارًا وأفْئِدَةً﴾ أيْ: آلاتِ الدَرْكِ والفَهْمِ، ﴿فَما أغْنى عَنْهم سَمْعُهم ولا أبْصارُهم ولا أفْئِدَتُهم مِن شَيْءٍ﴾ أيْ: مِن شَيْءٍ مِنَ الإغْناءِ، وهو القَلِيلُ مِنهُ، ﴿إذْ كانُوا يَجْحَدُونَ بِآياتِ اللهِ﴾، "إذْ"، نُصِبَ بِقَوْلِهِ: "فَما أغْنى"، وجَرى مُجْرى التَعْلِيلِ، لِاسْتِواءِ مُؤَدّى التَعْلِيلِ، والظَرْفِ، في قَوْلِكَ: "ضَرَبْتُهُ لِإساءَتِهِ"، و"ضَرَبْتُهُ إذْ أساءَ"، لِأنَّكَ إذا ضَرَبْتَهُ في وقْتِ إساءَتِهِ فَإنَّما ضَرَبْتَهُ فِيهِ لِوُجُودِ إساءَتِهِ فِيهِ، إلّا (p-٣١٧)أنَّ "إذْ"، و"حَيْثُ"، غَلَبَتا دُونَ سائِرِ الظُرُوفِ في ذَلِكَ، ﴿وَحاقَ بِهِمْ﴾، ونَزَلَ بِهِمْ، ﴿ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾، جَزاءَ اسْتِهْزائِهِمْ، وهَذا تَهْدِيدٌ لِكُفّارِ مَكَّةَ، ثُمَّ زادَهم تَهْدِيدًا بِقَوْلِهِ:
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب