الباحث القرآني

﴿واخْتِلافِ اللَيْلِ والنَهارِ وما أنْـزَلَ اللهُ مِنَ السَماءِ مِن رِزْقٍ﴾ أيْ: مَطَرٍ، وسُمِّي بِهِ لِأنَّهُ سَبَبُ الرِزْقِ، ﴿فَأحْيا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وتَصْرِيفِ الرِياحِ﴾، "اَلرِّيحِ"، "حَمْزَةُ وعَلِيٌّ"، ﴿آياتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾، بِالنَصْبِ، "عَلِيٌّ وحَمْزَةُ"، وغَيْرُهُما بِالرَفْعِ، وهَذا مِنَ (p-٢٩٨)العَطْفِ عَلى عامِلَيْنِ، سَواءٌ نَصَبْتَ، أوْ رَفَعْتَ، فالعامِلانِ إذا نَصَبْتَ "إنَّ"، و"فِي"، أُقِيمَتِ الواوُ مَقامَهُما، فَعَمِلَتِ الجَرَّ في "واخْتِلافِ اللَيْلِ والنَهارِ"، والنَصْبَ في "آياتٍ"، وإذا رَفَعْتَ فالعامِلانِ الِابْتِداءُ، و"فِي"، عَمِلَتِ الواوُ الرَفْعَ في "آياتٌ"، والجَرَّ في "واخْتِلافِ"، هَذا مَذْهَبُ الأخْفَشِ، لِأنَّهُ يَجُوزُ العَطْفُ عَلى عامِلَيْنِ، وأمّا سِيبَوَيْهِ فَإنَّهُ لا يُجِيزُهُ، وتَخْرِيجُ الآيَةِ عِنْدَهُ أنْ يَكُونَ عَلى إضْمارِ "فِي"، والَّذِي حَسَّنَهُ تَقْدِيمُ ذِكْرِ "فِي"، في الآيَتَيْنِ قَبْلَ هَذِهِ الآيَةِ، ويُؤَيِّدُهُ قِراءَةُ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -: "وَفِي اخْتِلافِ اللَيْلِ والنَهارِ"، ويَجُوزُ أنْ يَنْتَصِبَ "آياتٌ"، عَلى الِاخْتِصاصِ بَعْدَ انْقِضاءِ المَجْرُورِ، مَعْطُوفًا عَلى ما قَبْلَهُ، أوْ عَلى التَكْرِيرِ، تَوْكِيدًا لِـ "آياتٍ"، اَلْأُولى، كَأنَّهُ قِيلَ: "آياتٍ آياتٍ"، ورَفْعُهُما بِإضْمارِ "هِيَ"، والمَعْنى في تَقْدِيمِ الإيمانِ عَلى الإيقانِ، وتَوْسِيطِهِ، وتَأْخِيرِ الآخَرِ أنَّ المُنْصِفِينَ مِنَ العِبادِ إذا نَظَرُوا في السَماواتِ والأرْضِ نَظَرًا صَحِيحًا، عَلِمُوا أنَّها مَصْنُوعَةٌ، وأنَّهُ لا بُدَّ لَها مِن صانِعٍ، فَآمَنُوا بِاللهِ، فَإذا نَظَرُوا في خَلْقِ أنْفُسِهِمْ وتَنَقُّلِها مِن حالٍ إلى حالٍ، وفي خَلْقِ ما ظَهَرَ عَلى الأرْضِ مِن صُنُوفِ الحَيَوانِ، ازْدادُوا إيمانًا، وأيْقَنُوا، فَإذا نَظَرُوا في سائِرِ الحَوادِثِ الَّتِي تَتَجَدَّدُ في كُلِّ وقْتٍ، كاخْتِلافِ اللَيْلِ والنَهارِ، ونُزُولِ الأمْطارِ، وحَياةِ الأرْضِ بِها بَعْدَ مَوْتِها، وتَصْرِيفِ الرِياحِ جَنُوبًا وشَمالًا، وقُبُولًا ودُبُورًا، عَقَلُوا، واسْتَحْكَمَ عِلْمُهُمْ، وخَلَصَ يَقِينُهم.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب