الباحث القرآني

﴿مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وعادٍ وثَمُودَ والَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ﴾، ولَمْ يُلْبَسْ أنَّ كُلَّ حِزْبٍ مِنهم كانَ لَهُ يَوْمُ دَمارٍ - اقْتَصَرَ عَلى الواحِدِ مِنَ الجَمْعِ، ودَأْبُ هَؤُلاءِ: دُؤُوبُهم في عَمَلِهِمْ، مِنَ الكُفْرِ، والتَكْذِيبِ، وسائِرِ المَعاصِي، وكَوْنُ ذَلِكَ دائِبًا دائِمًا مِنهُمْ، لا يَفْتُرُونَ عَنْهُ، ولا بُدَّ مِن حَذْفِ مُضافٍ، أيْ: "مِثْلَ جَزاءِ دَأْبِهِمْ"، وانْتِصابُ (p-٢١٠)"مِثْلَ"، اَلثّانِي، بِأنَّهُ عَطْفُ بَيانٍ لِـ "مِثْلَ"، اَلْأوَّلِ، ﴿وَما اللهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبادِ﴾ أيْ: وما يُرِيدُ اللهُ أنْ يَظْلِمَ عِبادَهُ، فَيُعَذِّبَهم بِغَيْرِ ذَنْبٍ، أوْ يَزِيدَ عَلى قَدْرِ ما يَسْتَحِقُّونَ مِنَ العَذابِ، يَعْنِي أنَّ تَدْمِيرَهم كانَ عَدْلًا، لِأنَّهُمُ اسْتَحَقُّوهُ بِأعْمالِهِمْ، وهو أبْلَغُ مِن قَوْلِهِ: ﴿وَما رَبُّكَ بِظَلامٍ لِلْعَبِيدِ﴾ [فصلت: ٤٦]، حَيْثُ جَعَلَ المَنفِيَّ إرادَةَ ظُلْمٍ مُنَكَّرٍ، ومَن بَعُدَ عَنْ إرادَةِ ظُلْمٍ ما لِعِبادِهِ، كانَ عَنِ الظُلْمِ أبْعَدَ وأبْعَدَ، وتَفْسِيرُ المُعْتَزِلَةِ بِأنَّهُ لا يُرِيدُ لَهم أنْ يَظْلِمُوا، بَعِيدٌ، لِأنَّ أهْلَ اللُغَةِ قالُوا: إذا قالَ الرَجُلُ لِآخَرَ: "لا أُرِيدُ ظُلْمًا لَكَ"، مَعْناهُ: "لا أُرِيدُ أنْ أظْلِمَكَ"، وهَذا تَخْوِيفٌ بِعَذابِ الدُنْيا، ثُمَّ خَوَّفَهم مِن عَذابِ الآخِرَةِ بِقَوْلِهِ:
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب