الباحث القرآني
وَلَمّا «قالَ وفْدُ نَجْرانَ لِرَسُولِ اللهِ ﷺ: لِمَ تَعِيبُ صاحِبَنا عِيسى؟ قالَ: "وَأيُّ شَيْءٍ أقُولُ؟" قالُوا: تَقُولُ: إنَّهُ عَبْدُ اللهِ ورَسُولُهُ. قالَ: "إنَّهُ لَيْسَ بِعارٍ أنْ يَكُونَ عَبْدَ اللهِ". قالُوا: بَلى، » نَزَلَ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿لَنْ يَسْتَنْكِفَ المَسِيحُ﴾ أيْ: لَنْ يَأْنَفَ ﴿أنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ﴾ هو رَدٌّ عَلى النَصارى ﴿وَلا المَلائِكَةُ﴾ رَدٌّ عَلى مَن يَعْبُدُهم مِنَ العَرَبِ، وهو عَطْفٌ عَلى المَسِيحِ ﴿المُقَرَّبُونَ﴾ أيِ: الكُرُوبِيُّونَ الَّذِينَ حَوْلَ العَرْشِ، كَجِبْرِيلَ، ومِيكائِيلَ، وإسْرافِيلَ، ومَن في طَبَقَتِهِمْ. والمَعْنى: ﴿وَلا المَلائِكَةُ المُقَرَّبُونَ﴾ أنْ يَكُونُوا عِبادًا لِلَّهِ، فَحُذِفَ ذَلِكَ لِدَلالَةِ ﴿عَبْدًا لِلَّهِ﴾ عَلَيْهِ إيجازًا. وتَشَبَّثَتِ المُعْتَزِلَةُ والقائِلُونَ بِتَفْضِيلِ المَلَكِ عَلى البَشَرِ بِهَذِهِ الآيَةِ، وقالُوا: الِارْتِقاءُ إنَّما يَكُونُ (p-٤٢٠)إلى الأعْلى، يُقالُ: فُلانٌ لا يَسْتَنْكِفُ عَنْ خِدْمَتِي، ولا أبُوهُ، ولَوْ قالَ: ولا عَبْدُهُ لَمْ يُحْسِنْ، وكانَ مَعْنى قَوْلِهِ: ﴿وَلا المَلائِكَةُ المُقَرَّبُونَ﴾ ولا مَن هو أعْلى مِنهُ قَدْرًا، وأعْظَمُ مِنهُ خَطَرًا، ويَدُلُّ عَلَيْهِ: تَخْصِيصُ المُقَرَّبِينَ. والجَوابُ: إنّا نُسَلِّمُ تَفْضِيلَ الثانِي عَلى الأوَّلِ، لَكِنَّ هَذا لا يَمَسُّ ما تَنازَعْنا فِيهِ، لِأنَّ الآيَةَ تَدُلُّ عَلى أنَّ المَلائِكَةَ المُقَرَّبِينَ بِأجْمَعِهِمْ أفْضَلُ مِن عِيسى، ونَحْنُ نُسَلِّمُ بِأنَّ جَمِيعَ المَلائِكَةِ المُقَرَّبِينَ أفْضَلُ مِن رَسُولٍ واحِدٍ مِنَ البَشَرِ. إلى هَذا ذَهَبَ بَعْضُ أهْلِ السُنَّةِ، ولِأنَّ المُرادَ: أنَّ المَلائِكَةَ مَعَ ما لَهم مِنَ القُدْرَةِ الفائِقَةِ قَدْرَ البَشَرِ والعُلُومِ اللَوْحِيَّةِ، وتَجَرُّدِهِمْ عَنِ التَوَلُّدِ الِازْدِواجِيِّ رَأْسًا لا يَسْتَنْكِفُونَ عَنْ عِبادَتِهِ، فَكَيْفَ بِمَن يَتَوَلَّدُ مِن آخَرَ، ولا يَقْدِرُ عَلى ما يَقْدِرُونَ، ولا يَعْلَمُ ما يَعْلَمُونَ؟! وهَذا لِأنَّ شِدَّةَ البَطْشِ، وسَعَةَ العُلُومِ، وغَرابَةَ التَكَوُّنِ هي الَّتِي تُورِثُ الحَمْقى -أمْثالَ النَصارى- وهُمُ التَرَفُّعُ عَنِ العُبُودِيَّةِ، حَيْثُ رَأوُا المَسِيحَ وُلِدَ مِن غَيْرِ أبٍ، وهو يُبْرِئُ الأكْمَهَ والأبْرَصَ، ويُحْيِي المَوْتى، ويُنْبِئُ بِما يَأْكُلُونَ، ويَدَّخِرُونَ في بُيُوتِهِمْ فَبَرَّؤُوهُ مِنَ العُبُودِيَّةِ، فَقِيلَ لَهُمْ: هَذِهِ الأوْصافُ في المَلائِكَةِ أتَمُّ مِنها في المَسِيحِ، ومَعَ هَذا لَمْ يَسْتَنْكِفُوا عَنِ العُبُودِيَّةِ، فَكَيْفَ المَسِيحُ؟! والحاصِلُ أنَّ خَواصَّ البَشَرِ -وَهُمُ الأنْبِياءُ عَلَيْهِمُ السَلامُ- أفْضَلُ مِن خَواصِّ المَلائِكَةِ -وَهُمُ الرُسُلُ- مِنهُمْ: كَجِبْرِيلَ، ومِيكائِيلَ، وعِزْرائِيلَ، ونَحْوِهِمْ. وخَواصُّ المَلائِكَةِ أفْضَلُ مِن عَوامِّ المُؤْمِنِينَ مِنَ البَشَرِ، وعَوامِّ المُؤْمِنِينَ مِنَ البَشَرِ أفْضَلُ مِن عَوامِّ المَلائِكَةِ. ودَلِيلُنا عَلى تَفْضِيلِ البَشَرِ عَلى المَلِكِ ابْتِداءً: أنَّهم قَهَرُوا نَوازِعَ الهَوى في ذاتِ اللهِ تَعالى، مَعَ أنَّهم جُبِلُوا عَلَيْها، فَضاهَتِ الأنْبِياءُ عَلَيْهِمُ السَلامُ المَلائِكَةَ عَلَيْهِمُ السَلامُ في العِصْمَةِ، وتُفِضِّلُوا عَلِيهِمْ في قَهْرِ البَواعِثِ النَفْسانِيَّةِ، والدَواعِي الجَسَدانِيَّةِ، فَكانَتْ طاعَتُهم أشُقَّ، لِكَوْنِها مَعَ الصَوارِفِ بِخِلافِ طاعَةِ المَلائِكَةِ، لِأنَّهم جُبِلُوا عَلَيْها، فَكانَتْ أزْيَدَ ثَوابًا بِالحَدِيثِ ﴿وَمَن يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبادَتِهِ ويَسْتَكْبِرْ﴾ بِتَرَفُّعٍ، ويَطْلُبُ الكِبْرِياءَ ﴿فَسَيَحْشُرُهم إلَيْهِ جَمِيعًا﴾ فَيُجازِيهِمْ عَلى اسْتِنْكافِهِمْ. واسْتِكْبارُهم ثُمَّ فَصَّلَ، فَقالَ:
(p-٤٢١)
{"ayah":"لَّن یَسۡتَنكِفَ ٱلۡمَسِیحُ أَن یَكُونَ عَبۡدࣰا لِّلَّهِ وَلَا ٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةُ ٱلۡمُقَرَّبُونَۚ وَمَن یَسۡتَنكِفۡ عَنۡ عِبَادَتِهِۦ وَیَسۡتَكۡبِرۡ فَسَیَحۡشُرُهُمۡ إِلَیۡهِ جَمِیعࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











