الباحث القرآني

" أم مَّنْ "، قَرَأ بِالتَخْفِيفِ مَكِّيٌّ ونافِعٌ وحَمْزَةُ، عَلى إدْخالِ هَمْزَةِ الِاسْتِفْهامِ عَلى "مَن"، وبِالتَشْدِيدِ غَيْرُهُمْ، عَلى إدْخالِ "أمْ"، عَلَيْهِ، و"مَن"، مُبْتَدَأٌ، خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ، تَقْدِيرُهُ: "أمْ مَن هو قانِتٌ كَغَيْرِهِ؟!"، أيْ: "أمْ مَن هو مُطِيعٌ كَمَن هو عاصٍ"، والقانِتُ: اَلْمُطِيعُ لِلَّهِ، وإنَّما حُذِفَ لِدَلالَةِ الكَلامِ عَلَيْهِ، وهو جَرْيُ ذِكْرِ الكافِرِ قَبْلَهُ، وقَوْلُهُ بَعْدَهُ: ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ والَّذِينَ (p-١٧٢)لا يَعْلَمُونَ﴾ ﴿آناءَ اللَيْلِ﴾، ساعاتِهِ، ﴿ساجِدًا وقائِمًا﴾، حالانِ مِنَ الضَمِيرِ في "قانِتٌ"، ﴿يَحْذَرُ الآخِرَةَ﴾ أيْ: عَذابَ الآخِرَةِ، ﴿وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ﴾ أيْ: اَلْجَنَّةَ، ودَلَّتِ الآيَةُ عَلى أنَّ المُؤْمِنَ يَجِبُ أنْ يَكُونَ بَيْنَ الخَوْفِ، والرَجاءِ، يَرْجُو رَحْمَتَهُ، لا عَمَلَهُ، ويَحْذَرُ عِقابَهُ لِتَقْصِيرِهِ في عَمَلِهِ، ثُمَّ الرَجاءُ إذا جاوَزَ حَدَّهُ يَكُونُ أمْنًا، والخَوْفُ إذا جاوَزَ حَدَّهُ يَكُونُ إياسًا، وقَدْ قالَ اللهُ (تَعالى): ﴿فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللهِ إلا القَوْمُ الخاسِرُونَ﴾ [الأعراف: ٩٩]، وقالَ: ﴿إنَّهُ لا يَيْأسُ مِن رَوْحِ اللهِ إلا القَوْمُ الكافِرُونَ﴾ [يوسف: ٨٧]، فَيَجِبُ ألّا يُجاوِزَ أحَدُهُما حَدَّهُ، ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ والَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ﴾ أيْ: يَعْلَمُونَ، ويَعْمَلُونَ بِهِ، كَأنَّهُ جَعَلَ مَن لا يَعْمَلُ غَيْرَ عالِمٍ، وفِيهِ ازْدِراءٌ عَظِيمٌ بِالَّذِينِ يَقْتَنُونَ العُلُومَ ثُمَّ لا يَقْنُتُونَ، ويَفْتَنُّونَ فِيها، ثُمَّ يُفْتَنُونَ بِالدُنْيا، فَهم عِنْدَ اللهِ جَهَلَةٌ، حَيْثُ جَعَلَ القانِتِينَ هُمُ العُلَماءَ، أوْ أُرِيدَ بِهِ التَشْبِيهُ، أيْ: كَما لا يَسْتَوِي العالِمُ، والجاهِلُ، كَذَلِكَ لا يَسْتَوِي المُطِيعُ والعاصِي، ﴿إنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُو الألْبابِ﴾، جَمْعُ "لُبٌّ"، أيْ: إنَّما يَتَّعِظُ بِوَعْظِ اللهِ أُولُو العُقُولِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب