الباحث القرآني

﴿فَلَمّا بَلَغَ مَعَهُ السَعْيَ﴾، بَلَغَ أنْ يَسْعى مَعَ أبِيهِ في أشْغالِهِ، وحَوائِجِهِ، و"مَعَهُ"، لا يَتَعَلَّقُ بِـ "بَلَغَ"، لِاقْتِضائِهِ بُلُوغَهُما مَعًا حَدَّ السَعْيِ، ولا بِـ "اَلسَّعْيَ"، لِأنَّ صِلَةَ المَصْدَرِ لا تَتَقَدَّمُ عَلَيْهِ، فَبَقِيَ أنْ يَكُونَ بَيانًا، كَأنَّهُ لَمّا قالَ: "فَلَمّا بَلَغَ السَعْيَ"، أيْ: اَلْحَدَّ الَّذِي يَقْدِرُ فِيهِ عَلى السَعْيِ، قِيلَ: مَعَ مَن؟ قالَ: "مَعَ أبِيهِ"، (p-١٣١)وَكانَ إذْ ذاكَ ابْنَ ثَلاثَ عَشَرَةَ سَنَةً، ﴿قالَ يا بُنَيَّ﴾، "حَفْصٌ"، والباقُونَ بِكَسْرِ الياءِ، ﴿إنِّي أرى في المَنامِ أنِّي أذْبَحُكَ﴾، وبِفَتْحِ الياءِ فِيهِما، "حِجازِيٌّ وأبُو عَمْرٍو"، قِيلَ لَهُ في المَنامِ: "اِذْبَحِ ابْنَكَ"، ورُؤْيا الأنْبِياءِ وحْيٌ، كالوَحْيِ في اليَقَظَةِ، وإنَّما لَمْ يَقُلْ: "رَأيْتُ"، لِأنَّهُ رَأى مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ، فَقَدْ قِيلَ: رَأى لَيْلَةَ التَرْوِيَةِ كَأنَّ قائِلًا يَقُولُ لَهُ: "إنَّ اللهَ يَأْمُرُكَ بِذَبْحِ ابْنِكَ هَذا"، فَلَمّا أصْبَحَ رَوّى في ذَلِكَ مِنَ الصَباحِ، إلى الرَواحِ، أمِنَ اللهِ هَذا الحُلْمُ أمْ مِنَ الشَيْطانِ؟ فَمِن ثَمَّ سُمِّيَ "يَوْمَ التَرْوِيَةِ"، فَلَمّا أمْسى رَأى مِثْلَ ذَلِكَ، فَعَرَفَ أنَّهُ مِنَ اللهِ، فَمِن ثَمَّ سُمِّيَ "يَوْمَ عَرَفَةَ"، ثُمَّ رَأى مِثْلَ ذَلِكَ في اللَيْلَةِ الثالِثَةِ، فَهَمَّ بِنَحْرِهِ، فَسُمِّيَ اليَوْمُ "يَوْمَ النَحْرِ"، ﴿فانْظُرْ ماذا تَرى﴾، مِن "اَلرَّأْيُ"، عَلى وجْهِ المُشاوَرَةِ، لا مِن رُؤْيَةِ العَيْنِ، ولَمْ يُشاوِرْهُ لِيَرْجِعَ إلى رَأْيِهِ، ومَشُورَتِهِ، ولَكِنْ لِيَعْلَمَ أيَجْزَعُ أمْ يَصْبِرُ، "تُرِي"، "عَلِيٌّ وحَمْزَةُ"، أيْ: "ماذا تُبْصِرُ مِن رَأْيِكَ وتُبْدِيهِ؟"، ﴿قالَ يا أبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ﴾ أيْ: ما تُؤْمَرُ بِهِ، وقُرِئَ بِهِ، ﴿سَتَجِدُنِي إنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصابِرِينَ﴾، عَلى الذَبْحِ، رُوِيَ أنَّ الذَبِيحَ قالَ لِأبِيهِ: "يا أبَتِ، خُذْ بِناصِيَتِي، واجْلِسْ بَيْنَ كَتِفَيَّ، حَتّى لا أُؤْذِيَكَ إذا أصابَتْنِي الشَفْرَةُ، ولا تَذْبَحْنِي وأنْتَ تَنْظُرُ في وجْهِي، عَسى أنْ تَرْحَمَنِي، واجْعَلْ وجْهِي إلى الأرْضِ"، ويُرْوى: "اِذْبَحْنِي وأنا ساجِدٌ، واقْرَأْ عَلى أُمِّي السَلامَ، وإنْ رَأيْتَ أنْ تَرُدَّ قَمِيصِي عَلى أُمِّي فافْعَلْ، فَإنَّهُ عَسى أنْ يَكُونَ أسْهَلَ لَها".
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب