الباحث القرآني

(p-٧٦)﴿ما يَفْتَحِ اللهُ لِلنّاسِ مِن رَحْمَةٍ﴾، نُكِّرَتِ الرَحْمَةُ لِلْإشاعَةِ والإبْهامِ، كَأنَّهُ قالَ: مِن أيَّةِ رَحْمَةٍ، رِزْقٍ، أوْ مَطَرٍ، أوْ صِحَّةٍ، أوْ غَيْرِ ذَلِكَ، ﴿فَلا مُمْسِكَ لَها﴾، فَلا أحَدَ يَقْدِرُ عَلى إمْساكِها، وحَبْسِها، واسْتُعِيرَ الفَتْحُ لِلْإطْلاقِ، والإرْسالِ، ألا تَرى إلى قَوْلِهِ: ﴿وَما يُمْسِكْ﴾، يَمْنَعْ، ويَحْبِسْ، ﴿فَلا مُرْسِلَ لَهُ﴾، مُطْلِقَ لَهُ، ﴿مِن بَعْدِهِ﴾، مِن بَعْدِ إمْساكِهِ، وأنَّثَ الضَمِيرَ الراجِعَ إلى الِاسْمِ المُتَضَمِّنِ مَعْنى الشَرْطِ، عَلى مَعْنى الرَحْمَةِ، ثُمَّ ذَكَّرَهُ، حَمْلًا عَلى اللَفْظِ المُرْجَعِ إلَيْهِ، إذْ لا تَأْنِيثَ فِيهِ، لِأنَّ الأوَّلَ فُسِّرَ بِالرَحْمَةِ، فَحَسُنَ إتْباعُ الضَمِيرِ التَفْسِيرَ، ولَمْ يُفَسَّرِ الثانِي، فَتُرِكَ عَلى أصْلِ التَذْكِيرِ، وعَنْ مُعاذٍ - مَرْفُوعًا -: "لا تَزالُ يَدُ اللهِ مَبْسُوطَةً عَلى هَذِهِ الأُمَّةِ ما لَمْ يَرْفُقْ خِيارُهم بِشِرارِهِمْ، ويُعَظِّمْ بَرُّهم فاجِرَهُمْ، وتُعِنْ قُرّاؤُهم أُمَراءَهم عَلى مَعْصِيَةِ اللهِ، فَإذا فَعَلُوا ذَلِكَ نَزَعَ اللهُ يَدَهُ عَنْهُمْ"، ﴿وَهُوَ العَزِيزُ﴾، اَلْغالِبُ، القادِرُ عَلى الإرْسالِ، والإمْساكِ، ﴿الحَكِيمُ﴾، اَلَّذِي يُرْسِلُ، ويُمْسِكُ، ما تَقْتَضِي الحِكْمَةُ إرْسالَهُ، وإمْساكَهُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب