الباحث القرآني

﴿قُلْ إنَّما أعِظُكم بِواحِدَةٍ﴾، بِخَصْلَةٍ واحِدَةٍ، وقَدْ فَسَّرَها بِقَوْلِهِ: ﴿أنْ تَقُومُوا﴾، عَلى أنَّهُ عَطْفُ بَيانٍ لَها، وقِيلَ: هو بَدَلٌ، وعَلى هَذَيْنِ الوَجْهَيْنِ هو في مَحَلِّ الجَرِّ، وقِيلَ: هو في مَحَلِّ الرَفْعِ، عَلى تَقْدِيرِ: "وَهِيَ أنْ تَقُومُوا"، والنَصْبُ عَلى تَقْدِيرِ: "أعْنِي"، وأرادَ بِقِيامِهِمُ القِيامَ عَنْ مَجْلِسِ رَسُولِ اللهِ ﷺ وتَفَرُّقِهِمْ عَنْ مُجْتَمَعِهِمْ عِنْدَهُ، أوْ قِيامَ القَصْدِ إلى الشَيْءِ، دُونَ النُهُوضِ، والِانْتِصابِ، والمَعْنى: إنَّما أعِظُكم بِواحِدَةٍ، إنْ فَعَلْتُمُوها أصَبْتُمُ الحَقَّ، وتَخَلَّصْتُمْ، وهي أنْ تَقُومُوا ﴿لِلَّهِ﴾ أيْ: لِوَجْهِ اللهِ خالِصًا، لا لِحَمِيَّةٍ، ولا عَصَبِيَّةٍ، بَلْ لِطَلَبِ الحَقِّ، ﴿مَثْنى﴾، اِثْنَيْنِ اثْنَيْنِ، ﴿وَفُرادى﴾، فَرْدًا فَرْدًا، ﴿ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا﴾، في أمْرِ مُحَمَّدٍ ﷺ، وما جاءَ بِهِ، أمّا الِاثْنانِ فَيَتَفَكَّرانِ، ويَعْرِضُ كُلُّ واحِدٍ مِنهُما مَحْصُولَ فِكْرِهِ عَلى صاحِبِهِ، ويَنْظُرانِ فِيهِ نَظَرَ الصِدْقِ، والإنْصافِ، حَتّى يُؤَدِّيَهُما النَظَرُ الصَحِيحُ إلى الحَقِّ، وكَذَلِكَ الفَرْدُ يَتَفَكَّرُ في نَفْسِهِ بِعَدْلٍ، ونَصَفَةٍ، ويَعْرِضُ فِكْرَهُ عَلى عَقْلِهِ، ومَعْنى تَفَرُّقِهِمْ مَثْنى وفُرادى أنَّ الِاجْتِماعَ مِمّا يُشَوِّشُ الخَواطِرَ، ويُعْمِي البَصائِرَ، ويَمْنَعُ مِنَ الرُؤْيَةِ، ويَقِلُّ الإنْصافُ فِيهِ، ويَكْثُرُ الِاعْتِسافُ، ويَثُورُ عِجاجُ التَعَصُّبِ، ولا يُسْمَعُ إلّا نُصْرَةُ المَذْهَبِ، و"تَتَفَكَّرُوا"، مَعْطُوفٌ عَلى "تَقُومُوا"، ﴿ما بِصاحِبِكُمْ﴾، يَعْنِي مُحَمَّدًا ﷺ، ﴿مِن جِنَّةٍ﴾، جُنُونٍ، والمَعْنى: ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا، فَتَعْلَمُوا ما بِصاحِبِكم مِن جِنَّةٍ، ﴿إنْ هو إلا نَذِيرٌ لَكم بَيْنَ يَدَيْ عَذابٍ شَدِيدٍ﴾، قُدّامَ عَذابٍ شَدِيدٍ، وهو عَذابُ الآخِرَةِ، وهو كَقَوْلِهِ ﷺ: « "بُعِثْتُ بَيْنَ يَدَيِ الساعَةِ". » (p-٧١)ثُمَّ بَيَّنَ أنَّهُ لا يَطْلُبُ أجْرًا عَلى الإنْذارِ، بِقَوْلِهِ:
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب