الباحث القرآني

﴿قُلْ مَن يَرْزُقُكم مِنَ السَماواتِ والأرْضِ قُلِ اللهُ﴾، أمَرَهُ بِأنْ يُقَرِّرَهم بِقَوْلِهِ: "مَن يَرْزُقُكُمْ"، ثُمَّ أمَرَهُ بِأنْ يَتَوَلّى الإجابَةَ والإقْرارَ عَنْهم بِقَوْلِهِ: "يَرْزُقُكُمُ اللهُ"، وذَلِكَ لِلْإشْعارِ بِأنَّهم مُقِرُّونَ بِهِ بِقُلُوبِهِمْ، إلّا أنَّهم رُبَّما أبَوْا أنْ يَتَكَلَّمُوا بِهِ، لِأنَّهم إنْ تَفَوَّهُوا بِأنَّ اللهَ رازِقُهُمْ، لَزِمَهم أنْ يُقالَ لَهُمْ: "فَما لَكم لا تَعْبُدُونَ مَن يَرْزُقُكُمْ، وتُؤْثِرُونَ عَلَيْهِ مَن لا يَقْدِرُ عَلى الرِزْقِ؟!"، وأمَرَهُ أنْ يَقُولَ لَهم بَعْدَ الإلْزامِ، والإلْجامِ الَّذِي إنْ لَمْ يَزِدْ عَلى إقْرارِهِمْ بِألْسِنَتِهِمْ، لَمْ يَتَقاصَرْ عَنْهُ: ﴿وَإنّا أوْ إيّاكم لَعَلى هُدًى أوْ في ضَلالٍ مُبِينٍ﴾، ومَعْناهُ: وإنَّ أحَدَ الفَرِيقَيْنِ مِنَ المُوَحِّدِينَ، ومِنَ المُشْرِكِينَ، لَعَلى أحَدِ الأمْرَيْنِ، مِنَ الهُدى، والضَلالِ، وهَذا مِنَ الكَلامِ المُنْصِفِ، الَّذِي كُلُّ مَن سَمِعَهُ مِن مُوالٍ، أوْ مُنافٍ، قالَ لِمَن خُوطِبَ بِهِ: "قَدْ أنْصَفَكَ صاحِبُكَ"، وفي دَرْجِهِ، بَعْدَ تَقَدُّمِ ما قُدِّمَ مِنَ التَقْرِيرِ، دَلالَةٌ غَيْرُ خَفِيَّةٍ عَلى مَن هو مِنَ الفَرِيقَيْنِ عَلى الهُدى، ومَن هو في الضَلالِ المُبِينِ، ولَكِنَّ التَعْرِيضَ أوْصَلُ بِالمُجادِلِ إلى الغَرَضِ، ونَحْوُهُ قَوْلُكَ لِلْكاذِبِ: إنَّ أحَدَنا لَكاذِبٌ، وخُولِفَ بَيْنَ (p-٦٣)حَرْفَيِ الجَرِّ الداخِلَيْنِ عَلى الهُدى، والضَلالِ، لِأنَّ صاحِبَ الهُدى كَأنَّهُ مُسْتَعْلٍ عَلى فَرَسٍ جَوادٍ، يَرْكُضُهُ حَيْثُ شاءَ، والضالُّ كَأنَّهُ يَنْغَمِسُ في ظَلامٍ، لا يَدْرِي أيْنَ يَتَوَجَّهُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب