الباحث القرآني

وَلَمّا «قالَتِ اليَهُودُ لِلنَّبِيِّ ﷺ: إنَّكَ تَدَّعِي أنَّكَ عَلى مِلَّةِ إبْراهِيمَ، وأنْتَ تَأْكُلُ لُحُومَ الإبِلِ وألْبانَها، فَقالَ ﷺ: "كانَ ذَلِكَ حَلالًا لِإبْراهِيمَ فَنَحْنُ نُحِلُّهُ" فَقالَتِ اليَهُودُ: إنَّها لَمْ تَزَلْ مُحَرَّمَةً في مِلَّةِ إبْراهِيمَ ونُوحٍ عَلَيْهِما السَلامُ، نَزَلَ تَكْذِيبًا لَهُمْ: ﴿كُلُّ الطَعامِ﴾ » أيِ: المَطْعُوماتِ الَّتِي فِيها النِزاعُ، فَإنَّ مِنها ما هو حَرامٌ قَبْلَ ذَلِكَ، كالمَيْتَةِ، والدَمِ، ﴿كانَ حِلا لِبَنِي إسْرائِيلَ﴾ أيْ: حَلالًا، وهو مَصْدَرٌ، يُقالُ: حَلَّ الشَيْءُ حِلًّا، ولِذا اسْتَوى في صِفَةِ المُذَكَّرِ والمُؤَنَّثِ والواحِدِ والجَمْعِ، قالَ اللهُ تَعالى: ﴿لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ﴾ [المُمْتَحِنَةُ: ١٠] ﴿إلا ما حَرَّمَ إسْرائِيلُ﴾ أيْ: يَعْقُوبُ، ﴿عَلى نَفْسِهِ مِن قَبْلِ أنْ تُنَـزَّلَ التَوْراةُ﴾ وبِالتَخْفِيفِ مَكِّيٌّ وبَصْرِيٌّ، وهو لُحُومُ الإبِلِ وألْبانُها، وكانا أحَبَّ الطَعامِ إلَيْهِ، والمَعْنى: أنَّ المَطاعِمَ كُلَّها لَمْ تَزَلْ حَلالًا لِبَنِي إسْرائِيلَ مِن قَبْلِ إنْزالِ التَوْراةِ سِوى ما حَرَّمَ إسْرائِيلُ عَلى نَفْسِهِ، فَلَمّا نَزَلَتِ التَوْراةُ عَلى مُوسى حَرَّمَ عَلَيْهِمْ فِيها لُحُومَ الإبِلِ وألْبانَها، لِتَحْرِيمِ إسْرائِيلَ ذَلِكَ عَلى نَفْسِهِ ﴿قُلْ فَأْتُوا بِالتَوْراةِ فاتْلُوها إنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ﴾ أُمِرَ بِأنْ يُحاجَّهم بِكِتابِهِمْ ويُبَكِّتَهم بِما هو ناطِقٌ بِهِ مِن أنَّ تَحْرِيمَ ما حُرِّمَ عَلَيْهِمْ تَحْرِيمٌ حادِثٌ بِسَبَبِ ظُلْمِهِمْ وبَغْيِهِمْ، لا تَحْرِيمٌ قَدِيمٌ كَما يَدَّعُونَهُ، فَلَمْ يَجْرُؤُوا عَلى إخْراجِ التَوْراةِ وبُهِتُوا، وفِيهِ دَلِيلٌ بَيِّنٌ عَلى صِدْقِ النَبِيِّ ﷺ، وعَلى جَوازِ النَسْخِ الَّذِي يُنْكِرُونَهُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب