الباحث القرآني

﴿قُلْ آمَنّا بِاللهِ وما أُنْـزِلَ عَلَيْنا﴾ أمَرَ رَسُولَ اللهِ ﷺ بِأنْ يُخْبِرَ عَنْ نَفْسِهِ وعَمَّنْ مَعَهُ بِالإيمانِ، فَلِذا وحَّدَ الضَمِيرَ في "قُلْ" وجَمَعَ في "آمَنّا"، أوْ أمَرَ بِأنْ يَتَكَلَّمَ عَنْ نَفْسِهِ كَما يَتَكَلَّمُ المُلُوكُ إجْلالًا مِنَ اللهِ لِقَدْرِ نَبِيِّهِ، وعُدِّيَ "أُنْزِلَ" هُنا بِحَرْفِ الِاسْتِعْلاءِ وفي البَقَرَةِ بِحَرْفِ الِانْتِهاءِ لِوُجُودِ المَعْنَيَيْنِ، إذِ الوَحْيُ يَنْزِلُ مِن فَوْقٍ ويَنْتَهِي إلى الرَسُولِ، فَجاءَ تارَةً بِأحَدِ المَعْنَيَيْنِ، وأُخْرى بِالآخَرِ، وقالَ صاحِبُ "اللُبابِ": والخِطابُ في البَقَرَةِ لِلْأُمَّةِ، لِقَوْلِهِ: "قُولُواْ" فَلَمْ يَصِحَّ إلّا "إلى"، لِأنَّ الكُتُبَ مُنْتَهِيَةٌ إلى الأنْبِياءِ وإلى أُمَّتِهِمْ جَمِيعًا، وهُنا قالَ: "قُلْ" وهو خِطابٌ لِلنَّبِيِّ ﷺ دُونَ أُمَّتِهِ، فَكانَ اللائِقُ بِهِ "عَلى"، لِأنَّ الكُتُبَ مُنَزَّلَةٌ عَلَيْهِ لا شَرِكَةَ لِلْأُمَّةِ فِيهِ، وفِيهِ نَظَرٌ، لِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿آمِنُوا بِالَّذِي أُنْـزِلَ عَلى الَّذِينَ آمَنُوا﴾ [آلِ عِمْرانَ: ٧٢] ﴿وَما أُنْـزِلَ عَلى إبْراهِيمَ وإسْماعِيلَ وإسْحاقَ ويَعْقُوبَ والأسْباطِ﴾ أوْلادُ يَعْقُوبَ، وكانَ فِيهِمْ أنْبِياءُ. ﴿وَما أُوتِيَ مُوسى وعِيسى والنَبِيُّونَ﴾ كَرَّرَ في البَقَرَةِ ﴿وَما أُوتِيَ﴾ ولَمْ يُكَرِّرْ هُنا لِتَقَدُّمِ ذِكْرِ الإيتاءِ، حَيْثُ قالَ: ﴿لَما آتَيْتُكُمْ﴾ ﴿مِن رَبِّهِمْ﴾ مِن عِنْدِ رَبِّهِمْ، ﴿لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أحَدٍ مِنهُمْ﴾ في الإيمانِ، كَما فَعَلَتِ اليَهُودُ والنَصارى ﴿وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ﴾ مُوَحِّدُونَ مُخْلِصُونَ أنْفُسَنا لَهُ، لا نَجْعَلُ لَهُ شَرِيكًا في عِبادَتِنا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب