الباحث القرآني

﴿وَما كانَ لِنَبِيٍّ أنْ يَغُلَّ﴾ مَكِّيٌّ، وأبُو عَمْرٍو، وحَفْصٌ، وعاصِمٌ، أيْ: يَخُونُ، وبِضَمِّ الياءِ وفَتْحِ الغَيْنِ غَيْرُهم يُقالُ: غَلَّ شَيْئًا مِنَ المَغْنَمِ غُلُولًا، وأغَلَّ إغْلالًا: إذا أخَذَهُ في خُفْيَةٍ، ويُقالُ: أغَلَّهُ إذا وجَدَهُ غالًّا، والمَعْنى: ما صَحَّ لَهُ ذَلِكَ، يَعْنِي: أنَّ النُبُوَّةَ تُنافِي الغُلُولَ، وكَذا مَن قَرَأ عَلى البِناءِ لِلْمَفْعُولِ، فَهو راجِعٌ إلى هَذا، لِأنَّ مَعْناهُ: وما صَحَّ لَهُ أنْ يُوجَدَ غالًّا، ولا يُوجَدُ غالًّا إلّا إذا كانَ غالًّا. رُوِيَ أنَّ قَطِيفَةً حَمْراءَ فُقِدَتْ يَوْمَ بَدْرٍ مِمّا أُصِيبَ مِنَ المُشْرِكِينَ، فَقالَ بَعْضُ المُنافِقِينَ: لَعَلَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ أخَذَها. فَنَزَلَتِ الآيَةُ ﴿وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ القِيامَةِ﴾ أيْ: يَأْتِ بِالشَيْءِ الَّذِي غَلَّهُ بِعَيْنِهِ، حامِلًا لَهُ عَلى ظَهْرِهِ، كَما جاءَ في الحَدِيثِ، أوْ يَأْتِ بِما احْتَمَلَ مِن وبالِهِ وإثْمِهِ ﴿ثُمَّ تُوَفّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ﴾ تُعْطى جَزاءَها وافِيًا، ولَمْ يَقُلْ: ثُمَّ يُوَفّى ما كَسَبَ -لِيَتَّصِلَ بِقَوْلِهِ: يَغْلُلْ- بَلْ جِيءَ بِعامٍّ لِيَدْخُلَ تَحْتَهُ كُلُّ كاسِبٍ مِنَ الغالِّ وغَيْرِهِ، فاتَّصَلَ بِهِ مِن حَيْثُ المَعْنى، وهو أبْلَغُ، لِأنَّهُ إذا عَلِمَ الغالُّ أنَّ كُلَّ كاسِبٍ خَيْرًا أوْ شَرًّا مَجْزِيٌّ فَمُوَفًّى جَزاءَهُ، عَلِمَ أنَّهُ غَيْرُ مُتَخَلِّصٍ مِن بَيْنِهِمْ مَعَ عِظَمِ ما اكْتَسَبَ ﴿وَهم لا يُظْلَمُونَ﴾ أيْ: جَزاءُ كُلٍّ عَلى قَدْرِ كَسْبِهِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب