الباحث القرآني
(سارِعُوا) مَدَنِيٌّ، وشامِيٌّ. فَمَن أثْبَتَ الواوَ عَطَفَها عَلى ما قَبْلَها، ومَن حَذَفَها اسْتَأْنَفَها، ومَعْنى المُسارَعَةِ إلى المَغْفِرَةِ، والجَنَّةِ: الإقْبالُ عَلى ما يُوَصِّلُ إلَيْهِما، ثُمَّ قِيلَ: هي الصَلَواتُ الخَمْسُ، أوِ التَكْبِيرَةُ الأُولى، أوِ الطاعَةُ، أوِ الإخْلاصُ، أوِ التَوْبَةُ، أوِ الجُمْعَةُ، والجَماعاتُ.
﴿عَرْضُها السَماواتُ والأرْضُ﴾ أيْ: عَرْضُها عَرْضُ السَمَواتِ والأرْضِ، كَقَوْلِهِ: ﴿عَرْضُها كَعَرْضِ السَماءِ والأرْضِ﴾ [الحَدِيدُ: ٢١] والمُرادُ: وصْفُها بِالسَعَةِ والبَسْطِ، فَشُبِّهَتْ بِأوْسَعِ ما عَلِمَهُ الناسُ مِن خَلْقِهِ وبَسْطِهِ، وخَصَّ العَرْضَ، لِأنَّهُ في العادَةِ أدْنى مِنَ الطُولِ لِلْمُبالَغَةِ، وعَنِ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما: كَسَبْعِ سَمَواتٍ وسَبْعِ أرَضِينَ لَوْ وصَلَ بَعْضَها بِبَعْضٍ. وما رُوِيَ: أنَّ الجَنَّةَ في السَماءِ السابِعَةِ، أوْ في السَماءِ الرابِعَةِ، فَمَعْناهُ أنَّها في جِهَتِها، لا أنَّها فِيها، أوْ في بَعْضِها، كَما يُقالُ: في الدارِ بُسْتانٌ، وإنْ كانَ يَزِيدُ عَلَيْها، لِأنَّ المُرادَ: أنَّ بابَهُ إلَيْها " أُعِدَّتْ " في مَوْضِعِ جَرٍّ صِفَةٌ لَجْنَةٍ أيْضًا، أيْ: جَنَّةٌ واسِعَةٌ مُعَدَّةٌ، " لّلْمُتَّقِينَ " ودَلَّتِ الآيَتانِ عَلى أنَّ الجَنَّةَ والنارَ مَخْلُوقَتانِ ثُمَّ المُتَّقِي: مَن يَتَّقِي الشِرْكَ، كَما قالَ: ﴿وَجَنَّةٍ عَرْضُها كَعَرْضِ السَماءِ والأرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ ورُسُلِهِ﴾ [الحَدِيدُ: ٢١] أوْ مَن يَتَّقِي المَعاصِيَ، فَإنْ كانَ المُرادُ الثانِيَ فَهي لَهم بِغَيْرِ عُقُوبَةٍ، وإنْ كانَ الأوَّلُ فَهي لَهم أيْضًا في العاقِبَةِ، ويُوقَفُ عَلَيْهِ إنْ جُعِلَ ﴿الَّذِينَ يُنْفِقُونَ في السَرّاءِ والضَرّاءِ﴾ في حالِ اليُسْرِ والعُسْرِ، مُبْتَدَأً، وعُطِفَ عَلَيْهِ ﴿والَّذِينَ إذا فَعَلُوا فاحِشَةً﴾ وجُعِلَ الخَبَرُ "أُولَئِكَ" وإنْ جُعِلَ وصْفًا لِلْمُتَّقِينَ، وعُطِفَ عَلَيْهِ ﴿والَّذِينَ إذا فَعَلُوا فاحِشَةً﴾ أيْ: أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ والتائِبِينَ فَلا وقْفَ، فَإنْ قُلْتَ: الآيَةُ تَدُلُّ عَلى أنَّ الجَنَّةَ مُعَدَّةٌ لِلْمُتَّقِينَ والتائِبِينَ (p-٢٩٣)دُونَ المُصِرِّينَ، قُلْتُ: جازَ أنْ تَكُونَ مُعَدَّةً لَهُما، ثُمَّ يَدْخُلُها بِفَضْلِ اللهِ وعَفْوِهِ غَيْرُهُما، كَما يُقالُ: أُعِدَّتْ هَذِهِ المائِدَةُ لِلْأمِيرِ، ثُمَّ قَدْ يَأْكُلُها أتْباعُهُ، ألا تَرى أنَّهُ قالَ: ﴿واتَّقُوا النارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ﴾ [آلُ عِمْرانَ: ١٣١] ثُمَّ قَدْ يَدْخُلُها غَيْرُ الكافِرِينَ بِالِاتِّفاقِ؟! وافْتُتِحَ بِذِكْرِ الإنْفاقِ، لِأنَّهُ أشَقُّ شَيْءٍ عَلى النَفْسِ، وأدَلُّهُ عَلى الإخْلاصِ، ولِأنَّهُ كانَ في ذَلِكَ الوَقْتِ أعْظَمَ الأعْمالِ لِلْحاجَةِ إلَيْهِ في مُجاهَدَةِ العَدُوِّ، ومُواساةِ فُقَراءِ المُسْلِمِينَ. وقِيلَ: المُرادُ: الإنْفاقُ في جَمِيعِ الأحْوالِ، لِأنَّها لا تَخْلُو مِن حالِ مَسَرَّةٍ ومَضَرَّةٍ ﴿والكاظِمِينَ الغَيْظَ﴾ والمُمْسِكِينَ الغَيْظَ عَنِ الإمْضاءِ. يُقالُ: كَظَمَ القِرْبَةَ إذا مَلَأها، وشَدَّ فاها، ومِنهُ كَظْمُ الغَيْظِ: وهو أنْ يُمْسِكَ عَلى ما في نَفْسِهِ مِنهُ بِالصَبْرِ، ولا يَظْهَرُ لَهُ أثَرًا، والغَيْظُ: تَوَقُّدُ حَرارَةِ القَلْبِ مِنَ الغَضَبِ. وعَنِ النَبِيِّ ﷺ: « "مَن كَظَمَ غَيْظًا وهو يَقْدِرُ عَلى إنْفاذِهِ مَلَأ اللهُ قَلْبَهُ أُمْنًا وإيمانًا". »﴿والعافِينَ عَنِ الناسِ﴾ أيْ: إذا جَنى عَلَيْهِمْ أحَدٌ لَمْ يُؤاخِذُوهُ. ورُوِيَ: « "يُنادِي مُنادٍ يَوْمَ القِيامَةِ: أيْنَ الَّذِينَ كانَتْ أُجُورُهم عَلى اللهِ؟ فَلا يَقُومُ إلّا مَن عَفا". » وعَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ: أنَّهُ رَواهُ لِلرَّشِيدِ -وَقَدْ غَضِبَ عَلى رَجُلٍ- فَخَلّاهُ ﴿واللهُ يُحِبُّ المُحْسِنِينَ﴾ اللامُ لِلْجِنْسِ، فَيَتَناوَلُ كُلَّ مُحْسِنٍ، ويَدْخُلُ تَحْتَهُ هَؤُلاءِ المَذْكُورُونَ، أوْ لِلْعَهْدِ، فَيَكُونُ إشارَةً إلى هَؤُلاءِ. عَنِ الثَوْرِيِّ: الإحْسانُ: أنْ تُحْسِنَ إلى المُسِيءِ فَإنَّ الإحْسانَ إلى المُحْسِنِ مُتاجَرَةٌ.
{"ayahs_start":133,"ayahs":["۞ وَسَارِعُوۤا۟ إِلَىٰ مَغۡفِرَةࣲ مِّن رَّبِّكُمۡ وَجَنَّةٍ عَرۡضُهَا ٱلسَّمَـٰوَ ٰتُ وَٱلۡأَرۡضُ أُعِدَّتۡ لِلۡمُتَّقِینَ","ٱلَّذِینَ یُنفِقُونَ فِی ٱلسَّرَّاۤءِ وَٱلضَّرَّاۤءِ وَٱلۡكَـٰظِمِینَ ٱلۡغَیۡظَ وَٱلۡعَافِینَ عَنِ ٱلنَّاسِۗ وَٱللَّهُ یُحِبُّ ٱلۡمُحۡسِنِینَ"],"ayah":"ٱلَّذِینَ یُنفِقُونَ فِی ٱلسَّرَّاۤءِ وَٱلضَّرَّاۤءِ وَٱلۡكَـٰظِمِینَ ٱلۡغَیۡظَ وَٱلۡعَافِینَ عَنِ ٱلنَّاسِۗ وَٱللَّهُ یُحِبُّ ٱلۡمُحۡسِنِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق