الباحث القرآني

﴿فَفَهَّمْناها﴾ أيِ الحُكُومَةَ أوِ الفَتْوى ﴿سُلَيْمانَ﴾ وفِيهِ دَلِيلٌ عَلى أنَّ الصَوابَ كانَ مَعَ سُلَيْمانَ صَلَواتُ اللهِ عَلَيْهِ. وقِصَّتَهُ: أنَّ الغَنَمَ رَعَتِ الحَرْثَ وأفْسَدَتْهُ بِلا راعٍ لَيْلًا فَتَحاكَما إلى داوُدَ فَحَكَمَ بِالغَنَمِ لِأهْلِ الحَرْثِ وقَدِ اسْتَوَتْ قِيمَتاهُما أيْ: قِيمَةُ الغَنَمِ كانَتْ عَلى قَدْرِ النُقْصانِ مِنَ الحَرْثِ فَقالَ سُلَيْمانُ وهو ابْنُ إحْدى عَشْرَةَ سَنَةً:غَيْرُ هَذا أرْفَقُ بِالفَرِيقَيْنِ فَعَزَمَ عَلَيْهِ لَيَحْكُمَنَّ فَقالَ أرى أنْ تُدْفَعَ الغَنَمُ إلى أهْلِ الحَرْثِ يَنْتَفِعُونَ بِألْبانِها وأوْلادِها وأصْوافِها والحَرْثُ إلى رَبِّ الغَنَمِ حَتّى يُصْلِحَ الحَرْثَ ويَعُودَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ أُفْسِدَ ثُمَّ يَتَرادّانِ فَقالَ: القَضاءُ ما قَضَيْتَ وأمْضى الحُكْمَ بِذَلِكَ وكانَ ذَلِكَ بِاجْتِهادٍ مِنهُما وهَذا كانَ في شَرِيعَتِهِمْ، فَأمّا في شَرِيعَتِنا فَلا ضَمانَ عِنْدَ أبِي حَنِيفَةَ وأصْحابِهِ – رَحِمَهُ اللهُ- بِاللَيْلِ أوْ بِالنَهارِ إلّا أنْ يَكُونَ مَعَ البَهِيمَةِ سائِقٌ أوْ قائِدٌ وعِنْدَ الشافِعِيِّ رَحِمَهُ اللهُ يَجِبُ الضَمانُ بِاللَيْلِ وقالَ الجَصّاصُ إنَّما ضَمِنُوا لِأنَّهم أرْسَلُوها ونُسِخَ الضَمانُ بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَلاةُ (p-٤١٥)والسَلامُ:" «العَجْماءُ جُبارٌ" » وقالَ مُجاهِدٌ كانَ هَذا صُلْحًا وما فَعَلَهُ داوُدُ كانَ حُكْمًا والصُلْحُ خَيْرٌ ﴿وَكُلا﴾ مِن داوُدَ وسُلَيْمانَ ﴿آتَيْناهُ حُكْمًا﴾ [الأنبياء: ٧٤] نُبُوَّةً ﴿وَعِلْمًا﴾ مَعْرِفَةً بِمُوجِبِ الحُكْمِ ﴿وَسَخَّرْنا﴾ وذَلَّلْنا ﴿مَعَ داوُدَ الجِبالَ يُسَبِّحْنَ﴾ وهو حالٌ بِمَعْنى مُسَبِّحاتٍ أوِ اسْتِئْنافٌ كَأنَّ قائِلًا قالَ كَيْفَ سَخَّرَهُنَّ؟ فَقالَ يُسَبِّحْنَ ﴿والطَيْرَ﴾ مَعْطُوفٌ عَلى الجِبالِ أوْ مَفْعُولٌ مَعَهُ وقُدِّمَتِ الجِبالُ عَلى الطَيْرِ، لِأنَّ تَسْخِيرَها وتَسْبِيحَها أعْجَبُ وأغْرَبُ وأدْخَلُ في الإعْجازِ، لِأنَّها جَمادٌ، رُوِيَ: أنَّهُ كانَ يَمُرُّ بِالجِبالِ مُسَبِّحًا وهي تُجاوِبُهُ، وقِيلَ كانَتْ تَسِيرُ مَعَهُ حَيْثُ سارَ ﴿وَكُنّا فاعِلِينَ﴾ بِالأنْبِياءِ مِثْلَ ذَلِكَ وإنْ كانَ عَجَبًا عِنْدَكُمْ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب