الباحث القرآني
﴿يُخادِعُونَ اللهَ﴾ أيْ: رَسُولُ اللهِ، فَحَذَفَ المُضافُ كَقَوْلِهِ: ﴿واسْألِ القَرْيَةَ﴾ [يُوسُفُ: ٨٢] كَذا قالَهُ أبُو عَلِيٍّ -رَحِمَهُ اللهُ- وغَيْرُهُ، أيْ: يُظْهِرُونَ غَيْرَ ما في أنْفُسِهِمْ، فالخِداعُ: إظْهارُ غَيْرِ ما في النَفْسِ. وقَدْ رَفَعَ اللهُ مَنزِلَةَ النَبِيِّ ﷺ حَيْثُ جَعَلَ خِداعَهُ هو خِداعُهُ، وهو كَقَوْلِهِ: ﴿إنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إنَّما يُبايِعُونَ اللهَ يَدُ اللهِ فَوْقَ أيْدِيهِمْ﴾ [الفَتْحُ: ١٠] وقِيلَ: مَعْناهُ: يُخادِعُونَ اللهَ في زَعْمِهِمْ، لِأنَّهم يَظُنُّونَ أنَّ اللهَ مِمَّنْ يَصِحُّ خِداعُهُ. وهَذا المِثالُ يَقَعُ كَثِيرًا لِغَيْرِ اثْنَيْنِ، نَحْوُ قَوْلِكَ: عاقَبْتُ اللِصَّ. وقَدْ قُرِئَ: (يَخْدَعُونَ اللهَ). وهو بَيانٌ لِيَقُولَ، أوْ مُسْتَأْنَفٌ، كَأنَّهُ قِيلَ: ولِمَ يَدَّعُونَ الإيمانَ كاذِبِينَ؟ وما مَنفَعَتُهم في ذَلِكَ؟ فَقِيلَ: ﴿يُخادِعُونَ اللهَ﴾ ومَنفَعَتُهم في ذَلِكَ: مُتارَكَتُهم عَنِ المُحارَبَةِ الَّتِي كانَتْ مَعَ مَن سِواهم مِنَ الكُفّارِ، وإجْراءُ أحْكامِ المُؤْمِنِينَ عَلَيْهِمْ، ونَيْلُهم مِنَ الغَنائِمِ، وغَيْرُ ذَلِكَ. قالَ صاحِبُ "الوُقُوفِ": الوَقْفُ لازِمٌ عَلى ﴿بِمُؤْمِنِينَ﴾ لِأنَّهُ لَوْ وصَلَ لَصارَ التَقْدِيرُ: وما هم بِمُؤْمِنِينَ مُخادِعِينَ، فَيْنَتَفِي الوَصْفُ، كَقَوْلِكَ: ما هو بِرَجُلٍ كاذِبٍ، والمُرادُ: نَفْيُ الإيمانِ عَنْهُمْ، وإثْباتُ الخِداعِ لَهم. ومَن جَعَلَ يُخادِعُونَ حالًا مِنَ الضَمِيرِ فِي: يَقُولُ، والعامِلُ فِيها: يَقُولُ، والتَقْدِيرُ: يَقُولُ آمَنّا بِاللهِ مُخادِعِينَ، أوْ حالًا مِنَ الضَمِيرِ في بِمُؤْمِنِينَ، والعامِلُ فِيها اسْمُ الفاعِلِ، (p-٤٩)والتَقْدِيرُ: وما هم بِمُؤْمِنِينَ في حالِ خِداعِهِمْ، لا يَقِفُ. والوَجْهُ الأوَّلُ ﴿والَّذِينَ آمَنُوا﴾ أيْ: يُخادِعُونَ رَسُولَ اللهِ والمُؤْمِنِينَ بِإظْهارِ الإيمانِ، وإضْمارِ الكُفْرِ ﴿وَما يَخْدَعُونَ إلا أنْفُسَهُمْ﴾ أيْ: وما يُعامِلُونَ تِلْكَ المُعامَلَةَ المُشْبِهَةَ بِمُعامَلَةِ المُخادِعِينَ إلّا أنْفُسَهُمْ، لِأنَّ ضَرَرَها يَلْحَقُهُمْ، وحاصِلُ خِداعِهِمْ -وَهُوَ العَذابُ في الآخِرَةِ- يَرْجِعُ إلَيْهِمْ، فَكَأنَّهم خَدَعُوا أنْفُسَهم " وما يُخادِعُونَ " أبُو عَمْرٌو ونافِعٌ ومَكِّيٌّ لِلْمُطابَقَةِ. وعُذْرُ الأوَّلِينَ أنَّ خَدَعَ وخادَعَ هُنا- بِمَعْنًى واحِدٍ. والنَفْسُ: ذاتُ الشَيْءِ وحَقِيقَتُهُ، ثُمَّ قِيلَ لِلْقَلْبِ والرُوحِ: النَفْسُ، لِأنَّ النَفْسَ بِهِما، ولِلدَّمِ نَفْسٌ، لِأنَّ قِوامَها بِالدَمِ، ولِلْماءِ نَفْسٌ لِفَرْطِ حاجَتِها إلَيْهِ. والمُرادُ بِالأنْفُسِ هاهُنا-: ذَواتُهم. والمَعْنى بِمُخادَعَتِهِمْ ذَواتِهُمْ، أنَّ الخِداعَ لاصِقٌ بِهِمْ، لا يَعْدُوهم إلى غَيْرِهِمْ ﴿وَما يَشْعُرُونَ﴾ أنَّ حاصِلَ خِداعِهِمْ يَرْجِعُ إلَيْهِمْ. والشُعُورُ: عِلْمُ الشَيْءِ عِلْمُ حِسٍّ، مِنَ الشِعارِ، وهُوَ: ثَوْبٌ يَلِي الجَسَدَ. ومَشاعِرُ الإنْسانِ: حَواسُّهُ، لِأنَّها آلاتُ الشُعُورِ. والمَعْنى: أنَّ لُحُوقَ ضَرَرِ ذَلِكَ بِهِمْ كالمَحْسُوسِ، وهم لِتَمادِي غَفْلَتِهِمْ كالَّذِي لا حِسَّ لَهُ.
{"ayah":"یُخَـٰدِعُونَ ٱللَّهَ وَٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَمَا یَخۡدَعُونَ إِلَّاۤ أَنفُسَهُمۡ وَمَا یَشۡعُرُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق