الباحث القرآني

(p-٩٩)﴿قالَ إنَّهُ يَقُولُ إنَّها بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ تُثِيرُ الأرْضَ﴾ "لا ذَلُولٌ"صِفَة لِبَقَرَةٍ بِمَعْنى: بَقَرَةٌ غَيْرُ ذَلُولٍ، يَعْنِي: لَمْ تُذَلَّلْ لِلْكِرابِ، وإثارَةِ الأرْضِ ﴿وَلا تَسْقِي الحَرْثَ﴾ ولا هي مِنَ النَواضِحِ الَّتِي يُسْنى عَلَيْها لَسَقْي الحُرُوثِ، ولا الأُولى نافِيَةٌ، والثانِيَةُ مَزِيدَةٌ لِتَوْكِيدِ الأُولى، لِأنَّ المَعْنى لا ذَلُولٌ تُثِيرُ الأرْضَ، أيْ: تُقَلِّبُها لِلزِّراعَةِ، وتَسْقِي الحَرْثَ، عَلى أنَّ الفِعْلَيْنِ صِفَتانِ لِذَلُولٍ، كَأنَّهُ قِيلَ: لا ذَلُولٌ مُثِيرَةٌ وساقِيَةٌ ﴿مُسَلَّمَةٌ﴾ عَنِ العُيُوبِ، وآثارِ العَمَلِ ﴿لا شِيَةَ فِيها﴾ لا لَمْعَةَ في نَقَبَتِها مِن لَوْنٍ آخَرَ سِوى الصُفْرَةِ، فَهي صَفْراءُ كُلُّها حَتّى قَرْنُها وظِلْفُها، وهي في الأصْلِ مَصْدَرُ، وشّاهُ وشْيًا وشِيَةً: إذا خَلَطَ بِلَوْنِهِ لَوْنًا آخَرَ. ﴿قالُوا الآنَ جِئْتَ بِالحَقِّ﴾ أيْ: بِحَقِيقَةِ وصْفِ البَقَرَةِ، وما بَقِيَ إشْكالٌ في أمْرِها. "جِيتَ" وبابُهُ بِغَيْرِ هَمْزٍ، أبُو عَمْرٍو. ﴿فَذَبَحُوها﴾ فَحَصَّلُوا البَقَرَةَ الجامِعَةَ لِهَذِهِ الأوْصافِ كُلِّها، فَذَبَحُوها، ﴿وَما كادُوا يَفْعَلُونَ﴾ لِغَلاءِ ثَمَنِها، أوْ خَوْفِ الفَضِيحَةِ في ظُهُورِ القاتِلِ. رُوِيَ «أنَّهُ كانَ في بَنِي إسْرائِيلَ شَيْخٌ صالِح لَهُ عِجَلَةٌ، فَأتى بِها الغَيْضَةَ، وقالَ: اللهُمَّ إنِّي اسْتَوْدَعْتُكَها لِابْنِي حَتّى يَكْبُرَ، وكانَ بَرًّا بِوالِدَيْهِ، فَشَبَّتِ البَقَرَةُ، وكانَتْ مِن أحْسَنِ البَقَرِ وأسْمَنِهِ، فَساوَمُوها اليَتِيمَ وأمَّهُ حَتّى اشْتَرَوْها بِمَلْءٍ مَسْكِها ذَهْبًا، وكانَتِ البَقَرَةُ ذاكَ بِثَلاثَةِ دَنانِيرَ، وكانُوا طَلَبُوا البَقَرَةَ المَوْصُوفَةَ أرْبَعِينَ سَنَةً، » وهَذا البَيانُ مِن قَبِيلِ تَقْيِيدِ المُطْلَقِ فَكانَ نَسْخًا، والنَسْخُ قَبْلَ الفِعْلِ جائِزٌ، وكَذا قَبْلَ التَمَكُّنِ مِنهُ عِنْدَنا، خِلافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب