الباحث القرآني

﴿الطَلاقُ مَرَّتانِ﴾ الطَلاقُ بِمَعْنى التَطْلِيقِ، كالسَلامِ بِمَعْنى التَسْلِيمِ، أيِ:التَطْلِيقُ الشَرْعِيُّ تَطْلِيقَةٌ بَعْدَ تَطْلِيقَةٍ عَلى التَفْرِيقِ، دُونَ الجَمْعِ والإرْسالِ دُفْعَةً واحِدَةً، ولَمْ يُرَدْ بِالمَرَّتَيْنِ التَثْنِيَةُ ولَكِنِ التَكْرِيرُ، كَقَوْلِهِ: ﴿ثُمَّ ارْجِعِ البَصَرَ كَرَّتَيْنِ﴾ [المُلْكُ: ٤] أيْ: كَرَّةً بَعْدَ كَرَّةٍ، لا كَرَّتَيْنِ اثْنَتَيْنِ. وهو دَلِيلٌ لَنا في أنَّ الجَمْعَ بَيْنَ الطَلْقَتَيْنِ والثَلاثَةِ بِدْعَةٌ في طُهْرٍ واحِدٍ، لِأنَّ اللهَ تَعالى أمَرَنا بِالتَفْرِيقِ، لِأنَّهُ وإنْ كانَ ظاهِرُهُ الخَبَرَ فَمَعْناهُ الأمْرُ، وإلّا يُؤَدِّي إلى الخَلْفِ في خَبَرِ اللهِ تَعالى، لِأنَّ الطَلاقَ عَلى وجْهِ الجَمْعِ قَدْ يُوجَدُ، وقِيلَ: قالَتْ أنْصارِيَّةٌ: إنَّ زَوْجِي قالَ: لا أزالُ أُطَلِّقُكِ ثُمَّ أُراجِعُكِ، فَنَزَلَتْ ﴿الطَلاقُ مَرَّتانِ﴾ أيِ:الطَلاقُ الرَجْعِيُّ مَرَّتانِ، لِأنَّهُ لا رَجْعَةَ بَعْدَ الثالِثِ. ﴿فَإمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ﴾ بِرَجْعَةٍ. (p-١٩١)والمَعْنى: فالواجِبُ عَلَيْكم إمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ ﴿أوْ تَسْرِيحٌ بِإحْسانٍ﴾ بِألا يُراجِعَها حَتّى تَبَيَّنَ بِالعِدَّةِ. وقِيلَ. بِأنْ يُطَلِّقَها الثالِثَةَ في الطُهْرِ الثالِثِ، ونَزَلَ في جَمِيلَةَ وزَوْجِها ثابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمّاسٍ، وكانَتْ تُبْغِضُهُ، وهو يُحِبُّها، وقَدْ أعْطاها حَدِيقَةً، فاخْتَلَعَتْ مِنهُ بِها، وهو أوَّلُ خُلْعٍ كانَ في الإسْلامِ ﴿وَلا يَحِلُّ لَكُمْ﴾ أيُّها الأزْواجُ أوِ الحُكّامُ، لِأنَّهُمُ الآمِرُونَ بِالأخْذِ والإيتاءِ عِنْدَ التَرافُعِ إلَيْهِمْ، فَكَأنَّهُمُ الآخِذُونَ والمُؤْتُونَ، ﴿أنْ تَأْخُذُوا مِمّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا﴾ مِمّا أعْطَيْتُمُوهُنَّ مِنَ المُهُورِ ﴿إلا أنْ يَخافا ألا يُقِيما حُدُودَ اللهِ﴾ إلّا أنْ يَعْلَمَ الزَوْجانِ تَرْكَ إقامَةِ حُدُودِ اللهِ فِيما يَلْزَمُهُما مِن مَواجِبِ الزَوْجِيَّةِ، لِما يَحْدُثُ مِن نُشُوزِ المَرْأةِ، وسُوءِ خُلُقِها، ﴿فَإنْ خِفْتُمْ﴾ أيُّها الوُلاةُ، وجازَ أنْ يَكُونَ أوَّلُ الخِطابِ لِلْأزْواجِ، وآخِرُهُ لِلْحُكّامِ ﴿ألا يُقِيما حُدُودَ اللهِ فَلا جُناحَ عَلَيْهِما﴾ فَلا جُناحَ عَلى الرَجُلِ فِيما أخَذَ، ولا عَلَيْها فِيما أعْطَتْ، ﴿فِيما افْتَدَتْ بِهِ﴾ فِيما افْتَدَتْ بِهِ نَفْسَها، واخْتَلَعَتْ بِهِ مِن بَذْلِ ما أُوتِيَتْ مِنَ المَهْرِ. (إلّا أنْ يُخافا) حَمْزَةُ عَلى البِناءِ لِلْمَفْعُولِ، وإبْدالُ (ألّا يُقِيما) مِن ألِفِ الضَمِيرِ، وهو مِن بَدَلِ الِاشْتِمالِ، نَحْوُ: خِيفَ زَيْدٌ تَرْكُهُ إقامَةَ حُدُودِ اللهِ ﴿تِلْكَ حُدُودُ اللهِ﴾ أيْ: ما حَدَّ مِنَ النِكاحِ، واليَمِينِ، والإيلاءِ، والطَلاقِ، والخُلْعِ، وغَيْرِ ذَلِكَ. ﴿فَلا تَعْتَدُوها﴾ فَلا تَجاوَزُوها بِالمُخالَفَةِ ﴿وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظالِمُونَ﴾ الضارُّونَ أنْفُسَهم.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب