الباحث القرآني
﴿وَأتِمُّوا الحَجَّ والعُمْرَةَ لِلَّهِ﴾ وأدُّوهُما تامِّينَ بِشَرائِطِهِما وفَرائِضِهِما لِوَجْهِ اللهِ تَعالى، بِلا تَوانٍ ولا نُقْصانٍ، وقِيلَ: الإتْمامُ يَكُونُ بَعْدَ الشُرُوعِ، فَهو دَلِيلٌ عَلى أنَّ مَن شَرَعَ فِيهِما لَزِمَهُ إتْمامُهُما، وبِهِ نَقُولُ: إنَّ العُمْرَةَ تَلْزَمُ بِالشُرُوعِ، ولا تَمَسُّكَ لِلشّافِعِيِّ -رَحِمَهُ اللهُ- بِالآيَةِ عَلى لُزُومِ العُمْرَةِ، لِأنَّهُ أمَرَ بِإتْمامِها، وقَدْ يُؤْمَرُ بِإتْمامِ الواجِبِ والتَطَوُّعِ، أوْ إتْمامِهِما أنْ تُحْرِمَ بِهِما مِن دُوَيْرَةِ أهْلِكَ، أوْ أنْ تُفْرِدَ لِكُلِّ واحِدٍ مِنهُما سَفَرًا، أوْ أنْ تُنْفِقَ فِيهِما حَلالًا، أوْ ألّا تَتَّجِرَ مَعَهُما.
﴿فَإنْ أُحْصِرْتُمْ﴾ يُقالُ: أحْصَرَ فُلانٌ، إذا مَنَعَهُ أمْرٌ مِن خَوْفٍ، أوْ مَرَضٍ، أوْ عَجْزٍ. وحُصِرَ: إذا حَبَسَهُ عَدُوٌّ عَنِ المُضِيِّ، وعِنْدَنا الإحْصارُ يَثْبُتُ بِكُلِّ مَنعٍ مِن عَدُوٍّ، أوْ مَرَضٍ، أوْ غَيْرِهِما لِظاهِرِ النَصِّ. وقَدْ جاءَ في الحَدِيثِ: « "مَن كُسِرَ أوْ عُرِجَ فَقَدْ حَلَّ"، » أيْ: جازَ لَهُ أنْ يَحِلَّ « "وَعَلَيْهِ الحَجُّ مِن قابِلٍ". » وعِنْدَ الشافِعِيِّ -رَحِمَهُ اللهُ-: الإحْصارُ بِالعَدُوِّ وحْدَهُ. وظاهِرُ النَصِّ يَدُلُّ عَلى أنَّ (p-١٦٨)الإحْصارَ يَتَحَقَّقُ في العُمْرَةِ أيْضًا، لِأنَّهُ ذَكَرَ عَقِبَهُما.
﴿فَما اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ﴾ فَما تَيَسَّرَ مِنهُ، يُقالُ: يَسُرَ الأمْرُ واسْتَيْسَرَ، كَما يُقالُ: صَعُبَ واسْتَصْعَبَ. والهَدْيُ: جَمْعُ هَدِيَّةٍ، يَعْنِي: فَإنْ مُنِعْتُمْ مِنَ المُضِيِّ إلى البَيْتِ، وأنْتُمْ مُحْرِمُونَ بِحَجٍّ أوْ عُمْرَةٍ، فَعَلَيْكم إذا أرَدْتُمُ التَحَلُّلَ ما اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ مِن بَعِيرٍ أوْ بَقَرَةٍ أوْ شاةٍ، "فَما" رَفْعٌ بِالِابْتِداءِ، أيْ: فَعَلَيْكم ما اسْتَيْسَرَ، أوْ نَصْبٌّ، أيْ: فاهْدُوا ما اسْتَيْسَرَ،
﴿وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكم حَتّى يَبْلُغَ الهَدْيُ مَحِلَّهُ﴾ الخِطابُ لِلْمُحْصَرِينَ، أيْ: لا تَحِلُّوا بِحَلْقِ الرَأْسِ حَتّى تَعْلَمُوا أنَّ الهَدْيَ الَّذِي بَعَثْتُمُوهُ إلى الحَرَمِ بَلَغَ مَحِلَّهُ، أيْ: مَكانَهُ الَّذِي يَجِبُ نَحْرُهُ فِيهِ، وهو الحَرَمُ. وهو حُجَّةٌ لَنا -فِي أنَّ دَمَ الإحْصارِ لا يُذْبَحُ إلّا فى الحَرَمِ- عَلى الشافِعِيِّ -رَحِمَهُ اللهُ- إذْ عِنْدَهُ يَجُوزُ في غَيْرِ الحَرَمِ.
﴿فَمَن كانَ مِنكم مَرِيضًا﴾ فَمَن كانَ مِنكم بِهِ مَرَضٌ يُحْوِجُهُ إلى الحَلْقِ،
﴿أوْ بِهِ أذًى مِن رَأْسِهِ﴾ وهو القُمَّلُ، أوِ الجِراحَةُ،
﴿فَفِدْيَةٌ﴾ فِعْلَيْهِ إذا حَلَقَ فَدِيَةٌ ﴿مِن صِيامٍ﴾ ثَلاثَةُ أيّامٍ ﴿أوْ صَدَقَةٍ﴾ عَلى سِتَّةِ مَساكِينَ، لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صاعٍ مِن بُرٍّ،
﴿أوْ نُسُكٍ﴾ شاةٌ. وهو مَصْدَرٌ، أوْ جَمْعُ نَسِيكَةٍ.
﴿فَإذا أمِنتُمْ﴾ الإحْصارَ، أيْ: فَإذا لَمْ تُحْصَرُوا، وكُنْتُمْ في حالِ أمْنٍ وسَعَةٍ ﴿فَمَن تَمَتَّعَ﴾ اسْتَمْتَعَ ﴿بِالعُمْرَةِ إلى الحَجِّ﴾ واسْتِمْتاعُهُ بِالعُمْرَةِ إلى وقْتِ الحَجِّ انْتِفاعُهُ بِالتَقَرُّبِ بِها إلى اللهِ قَبْلَ انْتِفاعِهِ بِالتَقَرُّبِ بِالحَجِّ، وقِيلَ: إذا حَلَّ مِن عُمْرَتِهِ انْتَفَعَ بِاسْتِباحَةِ ما كانَ مُحَرَّمًا عَلَيْهِ إلى أنْ يُحْرِمَ بِالحَجِّ،
﴿فَما اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ﴾ هو هَدْيُ المُتْعَةِ، وهو نُسُكٌ يُؤْكَلُ مِنهُ، ويُذْبَحُ يَوْمَ النَحْرِ،
﴿فَمَن لَمْ يَجِدْ﴾ الهَدْيَ،
﴿فَصِيامُ ثَلاثَةِ أيّامٍ في الحَجِّ﴾ فِعْلَيْهِ صِيامُ ثَلاثَةِ أيّامٍ في وقْتِ الحَجِّ -وَهُوَ أشْهَرُهُ- ما بَيْنَ الإحْرامَيْنِ: إحْرامِ العُمْرَةِ، وإحْرامِ الحَجِّ.
﴿وَسَبْعَةٍ إذا رَجَعْتُمْ﴾ إذا نَفَرْتُمْ وفَرَغْتُمْ مِن أفْعالِ الحَجِّ ﴿تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ﴾ في وُقُوعِها بَدَلًا عَنِ الهَدْيِ، أوْ في الثَوابِ، أوِ المُرادُ: رَفْعُ الإبْهامَ فَلا يُتَوَهَّمُ في الواوِ أنَّها بِمَعْنى الإباحَةِ، كَما في جالِسِ الحَسَنَ وابْنَ سَيْرَيْنِ، ألا تَرى أنَّهُ لَوْ جالَسَهُما، أوْ واحِدًا مِنهُما، كانَ مُمْتَثِلًا.
﴿ذَلِكَ﴾ إشارَةٌ إلى التَمَتُّعِ، إذْ لا تَمَتُّعَ (p-١٦٩)وَلا قِرانَ لِحاضِرِي المَسْجِدِ الحَرامِ عِنْدَنا. وعِنْدَ الشافِعِيِّ -رَحِمَهُ اللهُ- إلى الحُكْمِ الَّذِي هو وُجُوبُ الهَدْيِ، أوِ الصِيامِ، ولَمْ يُوجِبْ عَلَيْهِمْ شَيْئًا،
﴿لِمَن لَمْ يَكُنْ أهْلُهُ حاضِرِي المَسْجِدِ الحَرامِ﴾ هم أهْلُ المَواقِيتِ، فَمَن دُونَها إلى مَكَّةَ،
﴿واتَّقُوا اللهَ﴾ فِيما أمَرَكم بِهِ، ونَهاكم عَنْهُ في الحَجِّ وغَيْرِهِ ﴿واعْلَمُوا أنَّ اللهَ شَدِيدُ العِقابِ﴾ لِمَن لَمْ يَتَّقِهِ.
{"ayah":"وَأَتِمُّوا۟ ٱلۡحَجَّ وَٱلۡعُمۡرَةَ لِلَّهِۚ فَإِنۡ أُحۡصِرۡتُمۡ فَمَا ٱسۡتَیۡسَرَ مِنَ ٱلۡهَدۡیِۖ وَلَا تَحۡلِقُوا۟ رُءُوسَكُمۡ حَتَّىٰ یَبۡلُغَ ٱلۡهَدۡیُ مَحِلَّهُۥۚ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِیضًا أَوۡ بِهِۦۤ أَذࣰى مِّن رَّأۡسِهِۦ فَفِدۡیَةࣱ مِّن صِیَامٍ أَوۡ صَدَقَةٍ أَوۡ نُسُكࣲۚ فَإِذَاۤ أَمِنتُمۡ فَمَن تَمَتَّعَ بِٱلۡعُمۡرَةِ إِلَى ٱلۡحَجِّ فَمَا ٱسۡتَیۡسَرَ مِنَ ٱلۡهَدۡیِۚ فَمَن لَّمۡ یَجِدۡ فَصِیَامُ ثَلَـٰثَةِ أَیَّامࣲ فِی ٱلۡحَجِّ وَسَبۡعَةٍ إِذَا رَجَعۡتُمۡۗ تِلۡكَ عَشَرَةࣱ كَامِلَةࣱۗ ذَ ٰلِكَ لِمَن لَّمۡ یَكُنۡ أَهۡلُهُۥ حَاضِرِی ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِۚ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ وَٱعۡلَمُوۤا۟ أَنَّ ٱللَّهَ شَدِیدُ ٱلۡعِقَابِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق