الباحث القرآني

﴿لَيْسَ البِرَّ أنْ تُوَلُّوا﴾ أيْ: لَيْسَ البِرَّ تَوْلِيَتُكم ﴿وُجُوهَكم قِبَلَ المَشْرِقِ والمَغْرِبِ﴾ والخِطابُ لِأهْلِ الكِتابِ، لِأنَّ قِبْلَةَ النَصارى مَشْرِقَ بَيْتِ المَقْدِسِ، وقِبْلَةَ اليَهُودِ مَغْرِبَهُ، وكُلُّ واحِدٍ مِنَ الفَرِيقَيْنِ يَزْعُمُ أنَّ البِرَّ التَوَجُّهُ إلى قِبْلَتِهِ، فَرَدَّ عَلَيْهِمْ بِأنَّ البِرَّ لَيْسَ فِيما أنْتُمْ عَلَيْهِ، فَإنَّهُ مَنسُوخٌ ﴿وَلَكِنَّ البِرَّ﴾ بِرُّ ﴿مَن آمَنَ بِاللهِ﴾ أوْ ذا البِرِّ مَن آمَنَ، والقَوْلانِ عَلى حَذْفِ المُضافِ، والأوَّلُ أجْوَدُ، والبِرُّ: اسْمٌ لِلْخَيْرِ، ولِكُلِّ فِعْلٍ مَرْضِيٍّ، وقِيلَ: كَثُرَ خَوْضُ المُسْلِمِينَ وأهْلُ الكِتابِ في أمْرِ القِبْلَةِ، فَقِيلَ: لَيْسَ البِرُّ العَظِيمُ الَّذِي يَجِبُ أنْ تَذْهَلُوا بِشَأْنِهِ عَنْ سائِرِ صُنُوفِ البِرِّ أمْرَ القِبْلَةِ، ولَكِنَّ البِرَّ الَّذِي يَجِبُ الِاهْتِمامُ بِهِ بِرُّ مَن آمَنَ وقامَ بِهَذِهِ الأعْمالِ. (لَيْسَ البِرَّ) بِالنَصْبِ عَلى أنَّهُ خَبَرُ لَيْسَ، واسْمُهُ (أنَّ تُوَلُّوا) حَمْزَةُ وحَفْصٌ، (وَلَكِنَّ البِرُّ) نافِعٌ وشامِيٌّ. وعَنِ المُبَرِّدِ لَوْ كُنْتُ مِمَّنْ يَقْرَأُ القُرْآنَ لَقَرَأْتُ، (وَلَكِنَّ البِرَّ). وقُرِئَ: (وَلَكِنَّ البارَّ). ﴿واليَوْمِ الآخِرِ﴾ أيْ: يَوْمَ البَعْثِ. ﴿والمَلائِكَةِ والكِتابِ﴾ أيْ: جِنْسِ كُتُبِ اللهِ، أوِ القُرْآنِ. ﴿والنَبِيِّينَ وآتى المالَ عَلى حُبِّهِ﴾ أيْ: عَلى حُبِّ اللهِ، أوْ حُبِّ المالِ، أوْ حُبِّ الإيتاءِ، يُرِيدُ: أنْ يُعْطِيَهُ وهو طَيِّبُ النَفْسِ بِإعْطائِهِ ﴿ذَوِي القُرْبى﴾ أيِ:القَرابَةَ، وقَدَّمَهم لِأنَّهم أحَقُّ، قالَ ﷺ: « "صَدَقَتُكَ عَلى المِسْكِينِ صَدَقَةٌ، وعَلى ذَوِي رَحِمِكَ صَدَقَةٌ (p-١٥٤)وَصِلَةٌ". » و﴿واليَتامى﴾ والمُرادُ: الفُقَراءُ مِن ذَوِي القُرْبى واليَتامى، وإنَّما أطْلَقَ لِعَدَمِ الإلْباسِ. ﴿والمَساكِينَ﴾ المِسْكِينُ: الدائِمُ السُكُونِ إلى الناسِ، لِأنَّهُ لا شَيْءَ لَهُ، كالسِكِّيرِ لِلدّائِمِ السُكْرِ. ﴿وابْنَ السَبِيلِ﴾ المُسافِرُ المُنْقَطِعُ، وهو جِنْسٌ وإنْ كانَ مُفْرَدًا لَفْظًا، وجُعِلَ ابْنًا لِلسَّبِيلِ لِمُلازَمَتِهِ لَهُ، أوِ الضَيْفُ. ﴿والسائِلِينَ﴾ المُسْتَطْعِمِينَ ﴿وَفِي الرِقابِ﴾ وفي مُعاوَنَةِ المُكاتَبِينَ حَتّى يَفُكُّوا رِقابَهُمْ، أوْ فى فَكِّ الأُسارى. ﴿وَأقامَ الصَلاةَ﴾ المَكْتُوبَةَ ﴿وَآتى الزَكاةَ﴾ المَفْرُوضَةَ، قِيلَ: هو تَأْكِيدٌ لِلْأوَّلِ، وقِيلَ: المُرادُ بِالأوَّلِ: نَوافِلُ الصَدَقاتِ والمَبارِّ، ﴿والمُوفُونَ﴾ عَطْفٌ عَلى ﴿مَن آمَنَ﴾ ﴿بِعَهْدِهِمْ إذا عاهَدُوا﴾ اللهَ أوِ الناسَ ﴿والصابِرِينَ﴾ نَصْبٌ عَلى المَدْحِ والِاخْتِصاصِ إظْهارًا لِفَضْلِ الصَبْرِ في الشَدائِدِ، ومَواطِنِ القِتالِ، عَلى سائِرِ الأعْمالِ، ﴿فِي البَأْساءِ﴾ الفَقْرِ والشِدَّةِ ﴿والضَرّاءِ﴾ المَرَضِ والزَمانَةِ، ﴿وَحِينَ البَأْسِ﴾ وقْتَ القِتالِ ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا﴾ أيْ: أهْلُ هَذِهِ الصِفَةِ هُمُ الَّذِينَ صَدَقُوا في الدِينِ ﴿وَأُولَئِكَ هُمُ المُتَّقُونَ﴾
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب