الباحث القرآني

﴿وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ﴾ هَمَّ عَزْمٍ ﴿وَهَمَّ بِها﴾ هَمَّ الطِباعِ مَعَ الِامْتِناعِ، قالَهُ الحَسَنُ، وقالَ الشَيْخُ أبُو مَنصُورٍ رَحِمَهُ اللهُ: وهَمَّ بِها هَمَّ خَطْرَةٍ ولا صُنْعَ لِلْعَبْدِ فِيما يَخْطُرُ بِالقَلْبِ ولا مُؤاخَذَةَ عَلَيْهِ ولَوْ كانَ هَمُّهُ كَهَمِّها لَما مَدَحَهُ اللهُ تَعالى بِأنَّهُ مِن عِبادِهِ المُخْلَصِينَ وقِيلَ: "وَهَمَّ بِها" وشارَفَ أنْ يَهُمَّ بِها، يُقالُ: هَمَّ بِالأمْرِ، إذا قَصَدَهُ وعَزَمَ عَلَيْهِ، وجَوابُ ﴿لَوْلا أنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ﴾ مَحْذُوفٌ أيْ: لَكانَ ما كانَ، وقِيلَ "وَهَمَّ بِها" جَوابُهُ ولا يَصِحُّ، لِأنَّ جَوابَ لَوْلا لا يَتَقَدَّمُ عَلَيْها، لِأنَّهُ في حُكْمِ الشَرْطِ ولَهُ صَدْرُ الكَلامِ، والبُرْهانُ:الحُجَّةُ، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ "وَهَمَّ بِها" داخِلًا في حُكْمِ القَسَمِ في قَوْلِهِ "وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ" ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ خارِجًا ومِن حَقِّ القارِئِ إذا قَدَّرَ خُرُوجَهُ مِن حُكْمِ القَسَمِ وجَعَلَهُ كَلامًا بِرَأْسِهِ أنْ يَقِفَ عَلى " بِهِ " ويَبْتَدِئَ بِقَوْلِهِ "وَهَمَّ بِها" وفِيهِ أيْضًا إشْعارٌ بِالفَرْقِ بَيْنَ الهَمَّيْنِ، وفُسِّرَ هَمُّ يُوسُفَ بِأنَّهُ حَلَّ تِكَّةَ سَراوِيلِهِ وقَعَدَ بَيْنَ شُعَبِها الأرْبَعِ وهي مُسْتَلْقِيَةٌ عَلى قَفاها، وفُسِّرَ (p-١٠٤)البُرْهانُ بِأنَّهُ سَمِعَ صَوْتًا: إيّاكَ وإيّاها مَرَّتَيْنِ فَسَمِعَ ثالِثًا أعْرِضْ عَنْها فَلَمْ يُنْجِعْ فِيهِ حَتّى مَثُلَ لَهُ يَعْقُوبُ عاضًّا عَلى أُنْمُلَتِهِ، وهو باطِلٌ، ويَدُلُّ عَلى بُطْلانِهِ قَوْلُهُ ﴿هِيَ راوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي﴾ [يوسف: ٢٦] ولَوْ كانَ ذَلِكَ مِنهُ أيْضًا لَمّا بَرَّأ نَفْسَهُ مِن ذَلِكَ، وقَوْلُهُ " ﴿كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُوءَ والفَحْشاءَ﴾ ولَوْ كانَ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنِ السُوءُ مَصْرُوفًا عَنْهُ، وقَوْلُهُ ﴿ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أنِّي لَمْ أخُنْهُ بِالغَيْبِ﴾ [يوسف: ٥٢] " ولَوْ كانَ كَذَلِكَ لَخانَهُ بِالغَيْبِ، وقَوْلُهُ " ﴿ما عَلِمْنا عَلَيْهِ مِن سُوءٍ﴾ [يوسف: ٥١] ﴿الآنَ حَصْحَصَ الحَقُّ أنا راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وإنَّهُ لَمِنَ الصادِقِينَ﴾ [يوسف: ٥١] ولِأنَّهُ لَوْ وُجِدَ مِنهُ ذَلِكَ لَذُكِرَتْ تَوْبَتُهُ واسْتِغْفارُهُ كَما كانَ لِآدَمَ ونُوحٍ وذِي النُونِ وداوُدَ عَلَيْهِمُ السَلامُ وقَدْ سَمّاهُ اللهُ مُخْلَصًا فَعُلِمَ بِالقَطْعِ أنَّهُ ثَبَتَ في ذَلِكَ المَقامِ وجاهَدَ نَفْسَهُ مُجاهَدَةَ أُولِي العَزْمِ ناظِرًا في دَلائِلِ التَحْرِيمِ حَتّى اسْتَحَقَّ مِنَ اللهِ الثَناءَ، ومَحَلُّ الكافِ في ﴿كَذَلِكَ﴾ نَصْبٌ أيْ: مِثْلَ ذَلِكَ التَثْبِيتِ ثَبَّتْناهُ، أوْ رَفْعٌ أيْ: الأمْرُ مِثْلُ ذَلِكَ ﴿لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُوءَ﴾ خِيانَةَ السَيِّدِ ﴿والفَحْشاءَ﴾ الزِنا ﴿إنَّهُ مِن عِبادِنا المُخْلَصِينَ﴾ بِفَتْحِ اللامِ حَيْثُ كانَ:مَدَنِيٌّ وكُوفِيٌّ، أيِ الَّذِينَ أخْلَصَهُمُ اللهُ لِطاعَتِهِ وبِكَسْرِها غَيْرُهم أيِ الَّذِينَ أخْلَصُوا دِينَهم لِلَّهِ، ومَعْنى ﴿مِن عِبادِنا﴾ بَعْضُ عِبادِنا أيْ: هو مُخْلَصٌ مِن جُمْلَةِ المُخْلَصِينَ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب