الباحث القرآني
﴿وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أحَدٌ﴾، ولَمْ يُكافِئْهُ أحَدٌ، أيْ: لَمْ يُماثِلْهُ، سَألُوهُ أنْ يَصِفَهُ لَهُمْ، فَأوْحى إلَيْهِ ما يَحْتَوِي عَلى صِفاتِهِ (تَعالى)، فَقَوْلُهُ: "هُوَ اللهُ"، إشارَةٌ إلى أنَّهُ خالِقُ الأشْياءِ، وفاطِرُها، وفي طَيِّ ذَلِكَ وصْفُهُ بِأنَّهُ قادِرٌ، عالِمٌ، لِأنَّ الخالِقَ يَسْتَدْعِي القُدْرَةَ، والعِلْمَ، لِكَوْنِهِ واقِعًا عَلى غايَةِ إحْكامٍ، واتِّساقٍ، وانْتِظامٍ، وفي ذَلِكَ وصْفُهُ بِأنَّهُ حَيٌّ، لِأنَّ المُتَّصِفَ بِالقُدْرَةِ والعِلْمِ لا بُدَّ وأنْ يَكُونَ حَيًّا، وفي ذَلِكَ وصْفُهُ بِأنَّهُ سَمِيعٌ بَصِيرٌ، مُرِيدٌ، مُتَكَلِّمٌ، إلى غَيْرِ ذَلِكَ مِن صِفاتِ الكَمالِ، إذْ لَوْ لَمْ يَكُنْ مَوْصُوفًا بِها، لَكانَ مَوْصُوفًا بِأضْدادِها، وهي نَقائِصُ، وذا مِن أماراتِ الحَدَثِ، فَيَسْتَحِيلُ اتِّصافُ القَدِيمِ بِها، وقَوْلُهُ: "أحَدٌ"، وصْفٌ بِالوَحْدانِيَّةِ، ونَفْيِ الشَرِيكِ، وبِأنَّهُ المُتَفَرِّدُ بِإيجادِ المَعْدُوماتِ، والمُتَوَحِّدُ بِعِلْمِ الخَفِيّاتِ، وقَوْلُهُ: "اَلصَّمَدُ"، وصْفٌ بِأنَّهُ لَيْسَ إلّا مُحْتاجًا إلَيْهِ، وإذا لَمْ يَكُنْ إلّا مُحْتاجًا إلَيْهِ، فَهو غَنِيٌّ، لا يَحْتاجُ إلى أحَدٍ، ويَحْتاجُ إلَيْهِ كُلُّ أحَدٍ، وقَوْلُهُ: "لَمْ يَلِدْ"، نَفْيٌ لِلشَّبَهِ، والمُجانَسَةِ، وقَوْلُهُ: "وَلَمْ يُولَدْ"، نَفْيٌ لِلْحُدُوثِ، ووَصْفٌ بِالقِدَمِ، والأوَّلِيَّةِ، وقَوْلُهُ: "وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أحَدٌ"، نَفْيٌ أنْ يُماثِلَهُ شَيْءٌ، ومَن زَعَمَ أنَّ نَفْيَ الكُفْءِ - وهو المِثْلُ، في الماضِي، لا يَدُلُّ عَلى نَفْيِهِ لِلْحالِ، والكُفّارُ يَدَّعُونَهُ في الحالِ - فَقَدْ تاهُ في غَيِّهِ، لِأنَّهُ إذا لَمْ يَكُنْ فِيما مَضى، لَمْ يَكُنْ في الحالِ ضَرُورَةً، إذِ الحادِثُ لا يَكُونُ كُفُؤًا لِلْقَدِيمِ، وحاصِلُ كَلامِ الكَفَرَةِ يَؤُولُ إلى الإشْراكِ، والتَشْبِيهِ، والتَعْطِيلِ، والسُورَةُ تَدْفَعُ الكُلَّ، كَما قَرَّرْنا، واسْتَحْسَنَ سِيبَوَيْهِ تَقْدِيمَ الظَرْفِ، إذا كانَ مُسْتَقِرًّا، أيْ: خَبَرًا، لِأنَّهُ لَمّا كانَ مُحْتاجًا إلَيْهِ قُدِّمَ، لِيُعْلَمَ مِن أوَّلِ الأمْرِ أنَّهُ خَبَرٌ، لا فَضْلَةٌ، وتَأْخِيرَهُ إذا كانَ لَغْوًا، أيْ: فَضْلَةً، لِأنَّ التَأْخِيرَ مُسْتَحَقٌّ لِلْفَضْلاتِ، وإنَّما قُدِّمَ في الكَلامِ الأفْصَحِ (p-٦٩٦)لِأنَّ الكَلامَ سِيقَ لَنَفْيِ المُكافَأةِ عَنْ ذاتِ البارِئِ - سُبْحانَهُ -، وهَذا المَعْنى مَصَبُّهُ ومَرْكَزُهُ هَذا الظَرْفُ، فَكانَ الأهَمُّ تَقْدِيمَهُ، وكانَ أبُو عَمْرٍو يَسْتَحِبُّ الوَقْفُ عَلى "أحَدٌ"، ولا يَسْتَحِبُّ الوَصْلَ، قالَ عَبْدُ الوارِثِ: عَلى هَذا أدْرَكْنا القُرّاءَ، وإذا وصَلَ نَوَّنَ وكَسَرَ، أوْ حَذَفَ التَنْوِينَ، كَقِراءَةِ: ﴿عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ﴾ [التوبة: ٣٠]، "كُفْئًا"، بِسُكُونِ الفاءِ، والهَمْزَةِ، " حَمْزَةُ وخَلَفٌ "، "كُفْوًا"، مُثَقَّلَةٌ غَيْرُ مَهْمُوزَةٍ، " حَفْصٌ "، اَلْباقُونَ: مُثَقَّلَةٌ مَهْمُوزَةٌ، وفي الحَدِيثِ: " «مَن قَرَأ سُورَةَ (اَلْإخْلاصِ)، فَقَدْ قَرَأ ثُلُثَ القُرْآنِ"، » لِأنَّ القُرْآنَ يَشْتَمِلُ عَلى تَوْحِيدِ اللهِ، وذِكْرِ صِفاتِهِ، وعَلى الَأوامِرِ، والنَواهِي، وعَلى القِصَصِ، والمَواعِظِ، وهَذِهِ السُورَةُ قَدْ تَجَرَّدَتْ لِلتَّوْحِيدِ، والصِفاتِ، فَقَدْ تَضَمَّنَتْ ثُلُثَ القُرْآنِ، وفِيهِ دَلِيلُ شَرَفِ عِلْمِ التَوْحِيدِ، وكَيْفَ لا يَكُونُ كَذَلِكَ والعِلْمُ يَشْرُفُ بِشَرَفِ المَعْلُومِ، ويَتَّضِعُ بِضَعَتِهِ؟! ومَعْلُومُ هَذا العِلْمِ هو اللهُ، وصِفاتُهُ، وما يَجُوزُ عَلَيْهِ، وما لا يَجُوزُ عَلَيْهِ، فَما ظَنُّكَ بِشَرَفِ مَنزِلَتِهِ، وجَلالَةِ مَحَلِّهِ؟! اَللَّهُمَّ احْشُرْنا في زُمْرَةِ العالِمِينَ بِكَ، العامِلِينَ لَكَ، الراجِينَ لِثَوابِكَ، الخائِفِينَ مِن عِقابِكَ، المُكَرَّمِينَ بِلِقائِكَ، «وَسَمِعَ رَسُولُ اللهِ ﷺ رَجُلًا يَقْرَأُ "قُلْ هو اللهُ أحَدٌ"، فَقالَ: "وَجَبَتْ"، فَقِيلَ: يا رَسُولَ اللهِ، ما وجَبَتْ؟ قالَ: "وَجَبَتْ لَهُ الجَنَّةُ » ".
{"ayah":"وَلَمۡ یَكُن لَّهُۥ كُفُوًا أَحَدُۢ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق