الباحث القرآني

﴿قالَ يا نُوحُ إنَّهُ لَيْسَ مِن أهْلِكَ﴾ ثُمَّ عَلَّلَ لِانْتِفاءِ كَوْنِهِ مِن أهْلِهِ بِقَوْلِهِ ﴿إنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ﴾ وفِيهِ إيذانٌ بِأنَّ قَرابَةَ الدِينِ غامِرَةٌ لِقَرابَةِ النَسَبِ وأنَّ نَسِيبَكَ في دِينِكَ - وإنْ كانَ حَبَشِيًّا وكُنْتَ قُرَشِيًّا - لَصِيقُكَ، ومَن لَمْ يَكُنْ عَلى دِينِكَ - وإنْ كانَ أمَسَّ أقارِبِكَ رَحِمًا - فَهو أبْعَدُ بِعِيدٍ مِنكَ، وجُعِلَتْ ذاتُهُ عَمَلًا غَيْرَ صالِحٍ مُبالَغَةً في ذَمِّهِ كَقَوْلِها ؎......... ∗∗∗ فَإنَّما هي إقْبال وإدْبارٌ أوِ التَقْدِيرُ: إنَّهُ ذُو عَمَلٍ وفِيهِ إشْعارٌ بِأنَّهُ إنَّما أنْجى مَن أنْجى مِن أهْلِهِ لِصَلاحِهِمْ لا لِأنَّهم أهْلُهُ وهَذا لَمّا انْتَفى عَنْهُ الصَلاحُ لَمْ تَنْفَعْهُ أُبُوَّتُهُ، " عَمِلَ غَيْرَ صالِحٍ":عَلِيٌّ قالَ الشَيْخُ أبُو مَنصُورٍ رَحِمَهُ اللهُ: كانَ عِنْدَ نُوحٍ عَلَيْهِ السَلامُ أنَّ ابْنَهُ كانَ عَلى دِينِهِ، لِأنَّهُ كانَ يُنافِقُ، وإلّا لا يُحْتَمَلُ أنْ يَقُولَ ابْنِي مِن أهْلِي ويَسْألَهُ نَجاتَهُ وقَدْ سَبَقَ مِنهُ النَهْيُ عَنْ سُؤالِ مِثْلِهِ بِقَوْلِهِ ﴿وَلا تُخاطِبْنِي في الَّذِينَ ظَلَمُوا إنَّهم مُغْرَقُونَ﴾ [هود: ٣٧] فَكانَ يَسْألُهُ عَلى الظاهِرِ الَّذِي عِنْدَهُ كَما كانَ أهْلُ النِفاقِ يُظْهِرُونَ المُوافَقَةَ لِنَبِيِّنا - عَلَيْهِ الصَلاةُ والسَلامُ - ويُضْمِرُونَ الخِلافَ لَهُ ولَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ حَتّى أطْلَعَهُ اللهُ عَلَيْهِ، وقَوْلُهُ ﴿لَيْسَ مِن أهْلِكَ﴾ أيْ: مِنَ الَّذِينَ وعَدْتُ النَجاةَ لَهم وهُمُ المُؤْمِنُونَ حَقِيقَةً في السِرِّ والظاهِرِ "فَلا تَسْألْنِ" اجْتِزاءً بِالكَسْرَةِ عَنِ الياءِ كُوفِيٌّ، "تَسْألْنِي" بَصْرِيٌّ، "تَسْألْنِيَ" مَدَنِيٌّ، "تَسْألَنِّ" شامِيٌّ، فَحَذَفَ الياءَ واجْتَزَأ بِالكَسْرَةِ والنُونُ نُونُ التَوْكِيدِ، "تَسْألَنَّ" مَكِّيٌّ ﴿ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ﴾ بِجَوازِ مَسْألَتِهِ ﴿إنِّي أعِظُكَ أنْ (p-٦٥)تَكُونَ مِنَ الجاهِلِينَ﴾ هو كَما نَهى رَسُولَنا بِقَوْلِهِ ﴿فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الجاهِلِينَ﴾ [الأنعام: ٣٥]
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب