الباحث القرآني
(p-٣١٥)سُورَةُ البَيِّنَةِ
مَكِّيَّةٌ في قَوْلِ يَحْيى بْنِ سَلامٍ، وعِنْدَ الجُمْهُورِ مَدَنِيَّةٌ وهو الصَّوابُ.
قَوْلُهُ تَعالى ﴿لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن أهْلِ الكِتابِ والمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ﴾ مَعْناهُ لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ اليَهُودِ والنَّصارى الَّذِينَ هم أهْلُ الكِتابِ، ولَمْ يَكُنِ المُشْرِكُونَ الَّذِينَ هم عَبَدَةُ الأوْثانِ مِنَ العَرَبِ، وغَيْرُهُمُ الَّذِينَ لَيْسَ لَهم كِتابٌ.
. ﴿مُنْفَكِّينَ﴾ فِيهِ أرْبَعَةُ تَأْوِيلاتٍ: أحَدُها: لَمْ يَكُونُوا مُنْتَهِينَ عَنِ الشِّرْكِ ﴿حَتّى تَأْتِيَهُمُ البَيِّنَةُ﴾ حَتّى يَتَبَيَّنَ لَهُمُ الحَقُّ.
وَهَذا قَوْلٌ ثانٍ: لَمْ يَزالُوا مُقِيمِينَ عَلى الشِّرْكِ والرِّيبَةِ حَتّى تَأْتِيَهُمُ البَيِّنَةُ، يَعْنِي الرُّسُلَ، قالَهُ الرَّبِيعُ.
الثّالِثُ: لَمْ يَفْتَرِقُوا ولَمْ يَخْتَلِفُوا أنَّ اللَّهَ سَيَبْعَثُ إلَيْهِمْ رَسُولًا حَتّى بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّدًا ﷺ وتَفَرَّقُوا، فَمِنهم مَن آمَنَ بِرَبِّهِ، ومِنهم مَن كَفَرَ، قالَهُ ابْنُ عِيسى.
الرّابِعُ: لَمْ يَكُونُوا لِيُتْرَكُوا مُنْفَكِّينَ مِن حُجَجِ اللَّهِ تَعالى، حَتّى تَأْتِيَهُمُ البَيِّنَةُ الَّتِي تَقُومُ بِها عَلَيْهِمُ الحُجَّةُ، قالَ امْرُؤُ القَيْسِ
؎ إذا قُلْتُ أنْفَكُّ مِن حُبِّها أبى عالِقُ الحُبِّ إلّا لُزُوما
(p-٣١٦)
وَفِي ﴿البَيِّنَةُ﴾ ها هُنا ثَلاثَةُ أوْجُهٍ:
أحَدُها: القُرْآنُ، قالَهُ قَتادَةُ.
الثّانِي: الرَّسُولُ الَّذِي بانَتْ فِيهِ دَلائِلُ النُّبُوَّةِ.
الثّالِثُ: بَيانُ الحَقِّ وظُهُورُ الحُجَجِ.
وَفي قِراءَةِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: ما كانَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن أهْلِ الكِتابِ والمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ، وفي قِراءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ: لَمْ يَكُنِ المُشْرِكُونَ وأهْلُ الكِتابِ مُنْفَكِّينَ.
﴿رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ﴾ يَعْنِي مُحَمَّدًا.
﴿يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً﴾ يَعْنِي القُرْآنَ.
وَيَحْتَمِلُ ثانِيًا: يَتَعَقَّبُ بِنُبُوَّتِهِ نُزُولَ الصُّحُفِ المُطَهَّرَةِ عَلى الأنْبِياءِ قَبْلَهُ.
وَفي ﴿مُطَهَّرَةً﴾ وجْهانِ:
أحَدُهُما: مِنَ الشِّرْكِ، قالَهُ عِكْرِمَةُ.
الثّانِي: مُطَهَّرَةُ الحُكْمِ بِحُسْنِ الذِّكْرِ والثَّناءِ، قالَهُ قَتادَةُ.
وَيَحْتَمِلُ ثالِثًا: لِنُزُولِها مِن عِنْدِ اللَّهِ.
﴿فِيها كُتُبٌ قَيِّمَةٌ﴾ فِيهِ وجْهانِ:
أحَدُهُما: يَعْنِي كُتُبَ اللَّهِ المُسْتَقِيمَةَ الَّتِي جاءَ القُرْآنُ بِذِكْرِها، وثَبَتَ فِيهِ صِدْقُها، حَكاهُ ابْنُ عِيسى.
الثّانِي: يَعْنِي فُرُوضَ اللَّهِ العادِلَةَ، قالَهُ السُّدِّيُّ.
﴿وَما تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ﴾ يَعْنِي اليَهُودَ والنَّصارى.
﴿إلا مِن بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ البَيِّنَةُ﴾ فِيهِ قَوْلانِ:
أحَدُهُما: القُرْآنُ، قالَهُ أبُو العالِيَةِ.
الثّانِي: مُحَمَّدٌ ﷺ، قالَهُ ابْنُ شَجَرَةَ.
وَيَحْتَمِلُ ثالِثًا: البَيِّنَةُ ما في كُتُبِهِمْ مِن صِحَّةِ نُبُوَّتِهِ.
﴿وَما أُمِرُوا إلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ أوْجُهٍ:
أحَدُها: مُقِرِّينَ لَهُ بِالعِبادَةِ.
الثّانِي: ناوِينَ بِقُلُوبِهِمْ وجْهَ اللَّهِ تَعالى في عِبادَتِهِمْ.
الثّالِثُ: إذا قالَ لا إلَهَ إلّا اللَّهُ أنْ يَقُولَ عَلى أثَرِها (اَلْحَمْدُ لِلَّهِ)، قالَهُ ابْنُ جَرِيرٍ.(p-٣١٧)
وَيَحْتَمِلُ رابِعًا: إلّا لِيُخْلِصُوا دِينَهم في الإقْرارِ بِنُبُوَّتِهِ.
﴿حُنَفاءَ﴾ فِيهِ سِتَّةُ أوْجُهٍ:
أحَدُها: مُتَّبَعِينَ.
الثّانِي: مُسْتَقِيمِينَ، قالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبَ.
الثّالِثُ: مُخْلِصِينَ، قالَهُ خَصِيفٌ.
الرّابِعُ: مُسْلِمِينَ، قالَهُ الضَّحّاكُ، وقالَ الشّاعِرُ
؎ أخَلِيفَةَ الرَّحْمَنِ إنّا مَعْشَرٌ ∗∗∗ حُنَفاءُ نَسْجُدُ بُكْرَةً وأصِيلًا
الخامِسُ: يَعْنِي حُجّاجًا، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ ; وقالَ عَطِيَّةُ العُوفِيُّ: إذا اجْتَمَعَ الحَنِيفُ والمُسْلِمُ كانَ مَعْنى الحَنِيفِ الحاجَّ وإذا انْفَرَدَ الحَنِيفُ كانَ مَعْناهُ المُسْلِمَ، وقالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: لا تُسَمِّي العَرَبُ الحَنِيفَ إلّا لِمَن حَجَّ واخْتَتَنَ.
السّادِسُ: أنَّهُمُ المُؤْمِنُونَ بِالرُّسُلِ كُلِّهِمْ، قالَهُ أبُو قِلابَةَ.
﴿وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ ويُؤْتُوا الزَّكاةَ وذَلِكَ دِينُ القَيِّمَةِ﴾ وفِيهِ ثَلاثَةُ أوْجُهٍ:
أحَدُها: مَعْناهُ وذَلِكَ دِينُ الأُمَّةِ المُسْتَقِيمَةِ.
الثّانِي: وذَلِكَ دِينُ القَضاءِ القَيِّمِ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ.
الثّالِثُ: وذَلِكَ الحِسابُ المُبِينُ، قالَهُ مُقاتِلٌ.
وَيَحْتَمِلُ رابِعًا: وذَلِكَ دِينُ مَن قامَ لِلَّهِ بِحَقِّهِ.
{"ayahs_start":1,"ayahs":["لَمۡ یَكُنِ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ مِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَـٰبِ وَٱلۡمُشۡرِكِینَ مُنفَكِّینَ حَتَّىٰ تَأۡتِیَهُمُ ٱلۡبَیِّنَةُ","رَسُولࣱ مِّنَ ٱللَّهِ یَتۡلُوا۟ صُحُفࣰا مُّطَهَّرَةࣰ","فِیهَا كُتُبࣱ قَیِّمَةࣱ","وَمَا تَفَرَّقَ ٱلَّذِینَ أُوتُوا۟ ٱلۡكِتَـٰبَ إِلَّا مِنۢ بَعۡدِ مَا جَاۤءَتۡهُمُ ٱلۡبَیِّنَةُ","وَمَاۤ أُمِرُوۤا۟ إِلَّا لِیَعۡبُدُوا۟ ٱللَّهَ مُخۡلِصِینَ لَهُ ٱلدِّینَ حُنَفَاۤءَ وَیُقِیمُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ وَیُؤۡتُوا۟ ٱلزَّكَوٰةَۚ وَذَ ٰلِكَ دِینُ ٱلۡقَیِّمَةِ"],"ayah":"وَمَا تَفَرَّقَ ٱلَّذِینَ أُوتُوا۟ ٱلۡكِتَـٰبَ إِلَّا مِنۢ بَعۡدِ مَا جَاۤءَتۡهُمُ ٱلۡبَیِّنَةُ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق