الباحث القرآني
قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿إنَّما الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ والمَساكِينِ﴾ اخْتَلَفَ أهْلُ العِلْمِ فِيها عَلى سِتَّةِ أقاوِيلَ: أحَدُها: أنَّ الفَقِيرَ المُحْتاجُ المُتَعَفِّفُ عَنِ المَسْألَةِ.
والمِسْكِينُ: المُحْتاجُ السّائِلُ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ والحَسَنُ وجابِرٌ وابْنُ زَيْدٍ والزُّهْرِيُّ ومُجاهِدٌ وزَيْدٌ.
والثّانِي: أنَّ الفَقِيرَ هو ذُو الزَّمانَةِ مِن أهْلِ الحاجَةِ، والمِسْكِينُ: هو الصَّحِيحُ الجِسْمِ مِنهم، قالَهُ قَتادَةُ.
والثّالِثُ: أنَّ الفُقَراءَ هُمُ المُهاجِرُونَ، والمَساكِينُ: غَيْرُ المُهاجِرِينَ، قالَهُ الضَّحّاكُ بْنُ مُزاحِمٍ وإبْراهِيمُ.
والرّابِعُ: أنَّ الفَقِيرَ مِنَ المُسْلِمِينَ، والمِسْكِينَ: مِن أهْلِ الكِتابِ، قالَهُ عِكْرِمَةُ.
والخامِسُ: أنَّ الفَقِيرَ الَّذِي لا شَيْءَ لَهُ لِأنَّ الحاجَةَ قَدْ كَسَرَتْ فَقارَهُ، والمِسْكِينُ الَّذِي لَهُ ما لا يَكْفِيهِ لَكِنْ يَسْكُنُ إلَيْهِ، قالَهُ الشّافِعِيُّ.
وَقالَ عُمَرُ بْنُ الخَطّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَيْسَ المِسْكِينُ الَّذِي لا مالَ لَهُ ولَكِنَّ (p-٣٧٥)المِسْكِينَ الأخْلَقُ الكَسْبِ.
قالَ ابْنُ عُلَيَّةَ: الأخْلَقُ المُحارِفُ عِنْدَنا وقالَ الشّاعِرُ:
؎ لَمّا رَأى لُبَدَ النُّسُورِ تَطايَرَتْ رَفَعَ القَوادِمَ كالفَقِيرِ الأعْزَلِ
والسّادِسُ: أنَّ الفَقِيرَ الَّذِي لَهُ ما لا يَكْفِيهِ، والمِسْكِينَ: الَّذِي لَيْسَ لَهُ شَيْءٌ يَسْكُنُ إلَيْهِ قالَهُ أبُو حَنِيفَةَ.
ثُمَّ قالَ: ﴿والعامِلِينَ عَلَيْها﴾ وهُمُ السُّعاةُ المُخْتَصُّونَ بِجِبايَتِها وتَفْرِيقِها قالَ الشّاعِرُ:
؎ إنَّ السُّعاةَ عَصَوْكَ حِينَ بَعَثْتَهم ∗∗∗ لَمْ يَفْعَلُوا مِمّا أمَرْتَ فَتِيلًا
وَلَيْسَ الإمامُ مِنَ العامِلِينَ عَلَيْها ولا والِي الإقْلِيمُ.
وَفي قَدْرِ نَصِيبِهِمْ مِنها قَوْلانِ: أحَدُهُما: الثَّمَنُ، لِأنَّهم أحَدُ الأصْنافِ الثَّمانِيَةِ، قالَ مُجاهِدٌ والضَّحّاكُ.
والثّانِي: قَدْرُ أُجُورِ أمْثالِهِمْ، قالَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ.
﴿والمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ﴾ وهم قَوْمٌ كانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَتَألَّفُهم بِالعَطِيَّةِ، وهم صِنْفانِ: مُسْلِمُونَ ومُشْرِكُونَ.
فَأمّا المُسْلِمُونَ فَصِنْفانِ: صِنْفٌ كانَتْ نِيّاتُهم في الإسْلامِ ضَعِيفَةً فَتَألُّفُهم تَقْوِيَةٌ لِنِيّاتِهِمْ، كَعَقَبَةَ بْنِ زَيْدٍ وأبِي سُفْيانَ بْنِ حَرْبٍ والأقْرَعِ بْنِ حابِسٍ والعَبّاسِ بْنِ مِرْداسٍ.
وَصِنْفٌ آخَرُ مِنهم كانَتْ نِيّاتُهم في الإسْلامِ حَسَنَةً فَأُعْطُوا تَألُّفًا لِعَشائِرِهِمْ مِنَ المُشْرِكِينَ مِثْلَ عَدِيِّ بْنِ حاتِمٍ.
وَيُعْطى كِلا الصِّنْفَيْنِ مِن سَهْمِ المُؤَلَّفَةِ قُلُوبِهِمْ.
وَأمّا المُشْرِكُونَ فَصِنْفانِ: صِنْفٌ يَقْصِدُونَ المُسْلِمِينَ بِالأذى فَيَتَألَّفُهم دَفْعًا (p-٣٧٦)لِأذاهم مِثْلَ عامِرِ بْنِ الطُّفَيْلِ، وصِنْفٌ كانَ لَهم مَيْلٌ إلى الإسْلامِ تَألَّفَهم بِالعَطِيَّةِ لِيُؤْمِنُوا مِثْلَ صَفْوانِ بْنِ أُمَيَّةَ.
وَفي تَألُّفِهِمْ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِالسَّهْمِ المُسَمّى لَهم مِنَ الصَّدَقاتِ قَوْلانِ: أحَدُهُما: يُعْطُونَهُ ويَتَألَّفُونَ بِهِ، قالَهُ الحَسَنُ وطائِفَةٌ.
والثّانِي: يَمْنَعُونَ مِنهُ ولا يُعْطُونَهُ لِإعْزازِ اللَّهِ دِينَهُ عَنْ تَأْلُّفِهِمْ، قالَهُ جابِرٌ، وكِلا القَوْلَيْنِ مَحْكِيٌّ عَنِ الشّافِعِيِّ.
وَقَدْ رَوى حَسّانُ بْنُ عَطِيَّةَ قالَ: قالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وأتاهُ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ يَطْلُبُ مِن سَهْمِ المُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهم فَقالَ قَدْ أغْنى اللَّهُ عَنْكَ وعَنْ ضُرَبائِكَ.
﴿وَقُلِ الحَقُّ مِن رَبِّكم فَمَن شاءَ فَلْيُؤْمِن ومَن شاءَ فَلْيَكْفُرْ﴾ [الكَهْفَ: ٢٩ ] أيْ لَيْسَ اليَوْمَ مُؤَلَّفَةٌ.
﴿وَفِي الرِّقابِ﴾ فِيهِمْ قَوْلانِ: أحَدُهُما: أنَّهُمُ المُكاتِبُونَ، قالَهُ عَلِيُّ بْنُ أبِي طالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ والشّافِعِيُّ.
والثّانِي: أنَّهم عَبِيدٌ يُشْتَرَوْنَ بِهَذا السَّهْمِ قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ ومالِكٌ.
﴿والغارِمِينَ﴾ وهُمُ الَّذِينَ عَلَيْهِمُ الدَّيْنُ يَلْزَمُهم غُرْمُهُ، فَإنِ ادّانُوا في مَصالِحِ أنْفُسِهِمْ لَمْ يُعْطَوْا إلّا مَعَ الفَقْرِ، وإنِ ادّانُوا في المَصالِحِ العامَّةِ أُعْطُوا مَعَ الغِنى والفَقْرِ.
واخْتُلِفَ فِيمَنِ ادّانَ في مَعْصِيَةٍ عَلى ثَلاثَةِ أقاوِيلَ: أحَدُها لا يُعْطى لِئَلّا يُعانَ عَلى مَعْصِيَةٍ.
والثّانِي: يُعْطى لِأنَّ الغُرْمَ قَدْ وجَبَ، والمَعْصِيَةَ قَدِ انْقَضَتْ.
والثّالِثُ: يُعْطى التّائِبُ مِنها ولا يُعْطى إنْ أصَرَّ عَلَيْها.
﴿وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ هُمُ الغُزاةُ المُجاهِدُونَ في سَبِيلِ اللَّهِ يُعْطَوْنَ سَهْمَهم مِنَ الزَّكاةِ مَعَ الغِنى والفَقْرِ.
﴿وابْنِ السَّبِيلِ﴾ فِيهِ قَوْلانِ: أحَدُهُما: هو المُسافِرُ لا يَجِدُ نَفَقَةَ سَفَرِهِ، يُعْطى مِنها وإنْ كانَ غَنِيًّا في بَلَدِهِ، وهو قَوْلُ الجُمْهُورِ.
والثّانِي: أنَّهُ الضَّيْفُ، حَكاهُ ابْنُ الأنْبارِيِّ.
{"ayah":"۞ إِنَّمَا ٱلصَّدَقَـٰتُ لِلۡفُقَرَاۤءِ وَٱلۡمَسَـٰكِینِ وَٱلۡعَـٰمِلِینَ عَلَیۡهَا وَٱلۡمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمۡ وَفِی ٱلرِّقَابِ وَٱلۡغَـٰرِمِینَ وَفِی سَبِیلِ ٱللَّهِ وَٱبۡنِ ٱلسَّبِیلِۖ فَرِیضَةࣰ مِّنَ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ عَلِیمٌ حَكِیمࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق