الباحث القرآني

(p-٣٦١)قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿إنَّما النَّسِيءُ زِيادَةٌ في الكُفْرِ﴾ أمّا النَّسِيءُ في الأشْهُرِ فَهو تَأْخِيرُها، مَأْخُوذٌ مِن بَيْعِ النَّسِيئَةِ، ومِنهُ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ما نَنْسَخْ مِن آيَةٍ أوْ نُنْسِها﴾ أيْ نُؤَخِّرُها. وَفي نَسْءِ الأشْهُرِ قَوْلانِ. أحَدُهُما: أنَّهم كانُوا يُؤَخِّرُونَ السَّنَةَ أحَدَ عَشَرَ يَوْمًا حَتّى يَجْعَلُوا المُحَرَّمَ صَفَرًا، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ. والثّانِي: أنَّهم كانُوا يُؤَخِّرُونَ الحَجَّ في كُلِّ سَنَتَيْنِ شَهْرًا. قالَ مُجاهِدٌ: فَحَجَّ المُسْلِمُونَ في ذِي الحِجَّةِ عامَيْنِ، ثُمَّ حَجُّوا في المُحَرَّمِ عامَيْنِ: ثُمَّ حَجُّوا في صَفَرٍ عامَيْنِ، ثُمَّ في ذِي القِعْدَةِ عامَيْنِ الثّانِي مِنهُما حَجَّةُ أبِي بَكْرٍ قَبْلَ حِجَّةِ النَّبِيِّ ﷺ مِن قابِلٍ في ذِي الحِجَّةِ فَذَلِكَ حِينَ يَقُولُ: «إنَّ الزَّمانَ قَدِ اسْتَدارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّماواتِ والأرْضَ» وكانَ المُنادِي بِالنَّسِيءِ في المَوْسِمِ: مِن بَنِي كِنانَةَ عَلى ما حَكاهُ أبُو عُبَيْدَةَ، وقالَ شاعِرُهم عُمَيْرُ بْنُ قَيْسٍ: ؎ ألَسْنا النّاسِئِينَ عَلى مَعَدٍّ شُهُورَ الحِلِّ نَجْعَلُها حَرامًا واخْتُلِفَ في أوَّلِ مَن نَسَأ الشُّهُورَ مِنهم، فَقالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكّارٍ: أوَّلُ مَن نَسَأ الشُّهُورَ نُعَيْمُ بْنُ ثَعْلَبَةَ بْنِ الحارِثِ بْنِ مالِكِ بْنِ كِنانَةَ. وَقالَ أيُّوبُ بْنُ عُمَرَ الغِفارِيُّ: أوَّلُ مَن نَسَأ الشُّهُورَ القَلَمَّسُ الأكْبَرُ وهو عَدِيُّ بْنُ عامِرِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ الحارِثِ بْنِ مالِكِ بْنِ كِنانَةَ، وآخِرُ مَن نَسَأ الشُّهُورَ أبُو ثُمامَةَ جُنادَةُ بْنُ عَوْفٍ إلى أنْ نَزَلَ هَذا التَّحْرِيمُ سَنَةَ عَشْرٍ وكانَ يُنادِي إنِّي أنْسَأُ الشُّهُورَ في كُلِّ عامٍ، ألّا أنَّ أبا ثُمامَةَ لا يُجابُ ولا يُعابُ، فَحَرَّمَ اللَّهُ سُبْحانَهُ بِهَذِهِ الآيَةِ النَّسِيءَ وجَعَلَهُ زِيادَةً في الكُفْرِ. (p-٣٦٢)ثُمَّ قالَ تَعالى: ﴿لِيُواطِئُوا عِدَّةَ ما حَرَّمَ اللَّهُ﴾ أيْ لِيُوافِقُوا فَحَرَّمُوا أرْبَعَةَ أشْهُرٍ كَما حَرَّمَ اللَّهُ تَعالى أرْبَعَةَ أشْهُرٍ. ﴿زُيِّنَ لَهم سُوءُ أعْمالِهِمْ﴾ فِيهِ وجْهانِ: أحَدُهُما: أنَّ اللَّهَ تَعالى زَيَّنَها بِالشُّهْرَةِ لَها والعَلامَةِ المُمَيَّزَةِ بِها لِتُجْتَنَبُ. الثّانِي: أنَّ أنْفُسَهم والشَّيْطانَ زَيَّنَ لَهم ذَلِكَ بِالتَّحْسِينِ والتَّرْغِيبِ لِيُواقِعُوها، وهو مَعْنى قَوْلِ الحَسَنِ. وَفِي: ﴿سُوءُ أعْمالِهِمْ﴾ ها هُنا وجْهانِ: أحَدُهُما: أنَّهُ ما قَدَّمَهُ مِن إحْلالِهِمْ ما حَرَّمَ اللَّهُ تَعالى وتَحْرِيمِهِمْ ما أحَلَّهُ اللَّهُ. الثّانِي: أنَّهُ الرِّياءُ، قالَهُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب