الباحث القرآني

قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿ما كانَ لِلْمُشْرِكِينَ أنْ يَعْمُرُوا مَساجِدَ اللَّهِ﴾ يَعْنِي المَسْجِدَ الحَرامَ. وَفِيهِ وجْهانِ: أحَدُهُما: ما كانَ لَهم أنْ يَعْمُرُوها بِالكُفْرِ لِأنَّ مَساجِدَ اللَّهِ تَعالى تُعَمَّرُ بِالإيمانِ. والثّانِي: ما كانَ لَهم أنْ يُعَمِّرُوهُ بِالزِّيارَةِ لَهُ والدُّخُولِ إلَيْهِ. ﴿شاهِدِينَ عَلى أنْفُسِهِمْ بِالكُفْرِ﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ تَأْوِيلاتٍ: أحَدُها: أنَّ فِيما يَقُولُونَهُ أوْ يَفْعَلُونَهُ دَلِيلًا عَلى كُفْرِهِمْ كَما يَدُلُّ عَلَيْهِ إقْرارُهُمْ، (p-٣٤٧)فَكَأنَّ ذَلِكَ مِنهم هو شَهادَتُهم عَلى أنْفُسِهِمْ، قالَهُ الحَسَنُ. والثّانِي: يَعْنِي شاهِدِينَ عَلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِالكُفْرِ لِأنَّهم كَذَّبُوهُ وأكْفَرُوهُ وهو مِن أنْفُسِهِمْ، قالَهُ الكَلْبِيُّ. والثّالِثُ: أنَّ النَّصْرانِيَّ إذا سُئِلَ ما أنْتَ؟ قالَ: نَصْرانِيٌّ، واليَهُودِيُّ إذا سُئِلَ قالَ: يَهُودِيٌّ، وعابِدُ الوَثَنِ يَقُولُ: مُشْرِكٌ، وكانَ هَؤُلاءِ كُفّارًا وإنْ لَمْ يُقِرُّوا بِالكُفْرِ، قالَهُ السُّدِّيُّ. ثُمَّ قالَ تَعالى: ﴿إنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اللَّهِ مَن آمَنَ بِاللَّهِ﴾ في هَذِهِ المَساجِدِ قَوْلانِ: أحَدُهُما: أنَّها مَواضِعُ السُّجُودِ مِنَ المُصَلّى، فَعَلى هَذا عِمارَتُها تَحْتَمِلُ ثَلاثَةَ أوْجُهٍ: أحَدُها: بِالمُحافَظَةِ عَلى إقامَةِ الصَّلاةِ. والثّانِي: بِتَرْكِ الرِّياءِ. والثّالِثُ: بِالخُشُوعِ والإعْراضِ عَمّا يَنْهى. والقَوْلُ الثّانِي: أنَّها بُيُوتُ اللَّهِ تَعالى المُتَّخَذَةُ لِإقامَةِ الصَّلَواتِ، فَعَلى هَذا عِمارَتُها تَحْتَمِلُ ثَلاثَةَ أوْجُهٍ: أحَدُها: إنَّما يُعَمِّرُها بِالإيمانِ مَن آمَنَ بِاللَّهِ تَعالى. والثّانِي: إنَّما يُعَمِّرُها بِالزِّيارَةِ لَها والصَّلاةِ فِيها مَن آمَنَ بِاللَّهِ تَعالى. والثّالِثُ: إنَّما يَرْغَبُ في عِمارَةِ بِنائِها مَن آمَنَ بِاللَّهِ تَعالى. ﴿واليَوْمِ الآخِرِ وأقامَ الصَّلاةَ وآتى الزَّكاةَ ولَمْ يَخْشَ إلا اللَّهَ فَعَسى أُولَئِكَ أنْ يَكُونُوا مِنَ المُهْتَدِينَ﴾ فِيهِ وجْهانِ: (p-٣٤٨)أحَدُهُما: أنَّهُ قالَ ذَلِكَ لَهم تَحْذِيرًا مِن فِعْلِ ما يُخالِفُ هِدايَتَهم. والثّانِي: أنَّ كُلَّ (عَسى) مِنَ اللَّهِ واجِبَةٌ وإنْ كانَتْ مِن غَيْرِهِ تَرَجِّيًا، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ والسُّدِّيُّ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب