الباحث القرآني
(p-٣٣٦)سُورَةُ التَّوْبَةِ (p-٣٣٦)مَدَنِيَّةٌ عِنْدَ جَمِيعِهِمْ.
رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أنَّ سُورَةَ بَراءَةٍ تُسَمّى عَلى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ (الفاضِحَةَ) لِأنَّها فَضَحَتِ المُنافِقِينَ.
وَحَكى مُحَمَّدُ بْنُ إسْحاقَ أنَّها كانَتْ تُسَمّى في زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ (المُبَعْثِرَةَ) لِما كَشَفَتْهُ مِن أسْرارِ النّاسِ، وهي مَدَنِيَّةٌ عِنْدَ جَمِيعِهِمْ.
قالَ مُقاتِلٌ وحْدَهُ: إلّا آيَتَيْنِ مِن آخِرِها ﴿لَقَدْ جاءَكم رَسُولٌ مِن أنْفُسِكُمْ﴾ [التَّوْبَةَ: ١٢٨] نَزَلَتا بِمَكَّةَ.
﴿بَراءَةٌ مِنَ اللَّهِ ورَسُولِهِ إلى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ المُشْرِكِينَ﴾ ﴿فَسِيحُوا في الأرْضِ أرْبَعَةَ أشْهُرٍ واعْلَمُوا أنَّكم غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وأنَّ اللَّهَ مُخْزِي الكافِرِينَ﴾
قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿بَراءَةٌ مِنَ اللَّهِ ورَسُولِهِ إلى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ المُشْرِكِينَ﴾ في تَرْكِ افْتِتاحِ هَذِهِ السُّورَةِ بِـ ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ قَوْلانِ: أحَدُهُما: أنَّها والأنْفالَ كالسُّورَةِ الواحِدَةِ في المَقْصُودِ لِأنَّ الأُولى في ذِكْرِ العُهُودِ، والثّانِيَةَ في رَفْعِ العُهُودِ، وهَذا قَوْلُ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: وكانَتا تُدْعَيانِ القَرِينَتَيْنِ، ولِذَلِكَ وُضِعَتا في السَّبْعِ الطُّوَلِ.
وَحَكاهُ عَنْ عُثْمانَ بْنِ عَفّانَ.
(p-٣٣٧)الثّانِي: أنَّ ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ أمانٌ، وبَراءَةُ نَزَلَتْ بِرَفْعِ الأمانِ، وهَذا قَوْلُ ابْنِ عَبّاسٍ، ونَزَلَتْ سَنَةَ تِسْعٍ فَأنْفَذَها رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَعَ عَلِيِّ بْنِ أبِي طالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِيَقْرَأها في المَوْسِمِ بَعْدَ تَوَجُّهِ أبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إلى الحَجِّ، وكانَ أبُو بَكْرٍ صاحِبَ المَوْسِمِ، وقالَ النَّبِيُّ ﷺ: « (لا يُبَلِّغُ عَنِّي إلّا رَجُلٌ مِنِّي).» حَكى ذَلِكَ الحَسَنُ وقَتادَةُ ومُجاهِدٌ.
وَحَكى الكَلْبِيُّ أنَّ الَّذِي أنْفَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِن سُورَةِ التَّوْبَةِ عَشْرَ آياتٍ مِن أوَّلِها.
حَكى مُقاتِلٌ أنَّها تِسْعُ آياتٍ تُقْرَأُ في المَوْسِمِ، فَقَرَأها عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ في يَوْمِ النَّحْرِ عَلى جَمْرَةِ العَقَبَةِ.
وَفي قَوْلِهِ تَعالى: ﴿بَراءَةٌ مِنَ اللَّهِ ورَسُولِهِ﴾ وجْهانِ: أحَدُهُما: أنَّها انْقِطاعُ العِصْمَةِ مِنهُما.
والثّانِي: أنَّها انْقِضاءُ عَهْدِهِما.
ثُمَّ قالَ تَعالى: ﴿فَسِيحُوا في الأرْضِ أرْبَعَةَ أشْهُرٍ﴾ وهَذا أمانٌ.
وَفي قَوْلِهِ: ﴿فَسِيحُوا في الأرْضِ﴾ وجْهانِ: أحَدُهُما: انْصَرِفُوا فِيها إلى مَعايِشِكم.
والثّانِي: سافِرُوا فِيها حَيْثُ أرَدْتُمْ.
وَفي السِّياحَةِ وجْهانِ: أحَدُهُما: أنَّها السَّيْرُ عَلى مَهْلٍ.
والثّانِي: أنَّها البُعْدُ عَلى وجَلٍ.
واخْتَلَفُوا فِيمَن جُعِلَ لَهُ أمانُ هَذِهِ الأرْبَعَةِ الأشْهُرِ عَلى أرْبَعَةِ أقاوِيلَ: أحَدُها: أنَّ اللَّهَ تَعالى جَعَلَها أجَلًا لِمَن كانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قَدْ أمَّنَهُ أقَلَّ مِن أرْبَعَةِ أشْهُرٍ ولِمَن كانَ أجَلُ أمانِهِ غَيْرَ مَحْدُودٍ ثُمَّ هو بَعْدَ الأرْبَعَةِ حَرْبٌ، فَأمّا مَن لا أمانَ لَهُ فَهو حَرْبٌ، قالَهُ ابْنُ إسْحاقَ.
(p-٣٣٨)والثّانِي: أنَّ الأرْبَعَةَ الأشْهُرِ أمانُ أصْحابِ العَهْدِ، مَن كانَ عَهْدُهُ أكْثَرَ مِنها حُطَّ إلَيْها، ومَن كانَ عَهْدُهُ أقَلَّ مِنها رُفِعَ إلَيْها، ومَن لَمْ يَكُنْ لَهُ مِن رَسُولِ اللَّهِ عَهْدٌ جُعِلَ لَهُ أمانُ خَمْسِينَ لَيْلَةً مِن يَوْمِ النَّحْرِ إلى سَلْخِ المُحَرَّمِ لِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿فَإذا انْسَلَخَ الأشْهُرُ الحُرُمُ فاقْتُلُوا المُشْرِكِينَ حَيْثُ وجَدْتُمُوهُمْ﴾ قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ والضَّحّاكُ وقَتادَةُ.
والثّالِثُ: أنَّ الأرْبَعَةَ الأشْهُرِ عَهْدُ المُشْرِكِينَ كافَّةً، المُعاهَدُ مِنهم وغَيْرُ المُعاهَدِ، قالَهُ الزُّهْرِيُّ ومُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ ومُجاهِدٌ.
والرّابِعُ: أنَّ الأرْبَعَةَ الأشْهُرِ عَهْدٌ وأمانٌ لِمَن لَمْ يَكُنْ لَهُ مِن رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عَهْدٌ ولا أمانٌ، أمّا أصْحابُ العُهُودِ فَهم عَلى عُهُودِهِمْ إلى انْقِضاءِ مُدَدِهِمْ، قالَهُ الكَلْبِيُّ.
واخْتَلَفُوا في أوَّلِ مَدى الأرْبَعَةِ الأشْهَرِ عَلى ثَلاثَةِ أقاوِيلَ: أحَدُها: أنَّ أوَّلَها يَوْمُ الحَجِّ الأكْبَرِ وهو يَوْمُ النَّحْرِ، وآخِرُها انْقِضاءُ العاشِرِ مِن شَهْرِ رَبِيعٍ الآخَرِ، قالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ ومُجاهِدٌ والسُّدِّيُّ.
والثّانِي: أنَّها شَوّالٌ وذُو القِعْدَةِ وذُو الحِجَّةِ والمُحَرَّمُ، قالَهُ الزُّهْرِيُّ.
والثّالِثُ: أنَّ أوَّلَها يَوْمُ العِشْرِينَ مِن ذِي القِعْدَةِ، وآخِرُها يَوْمُ العِشْرِينَ مِن شَهْرِ رَبِيعٍ الأوَّلِ، لِأنَّ الحَجَّ في تِلْكَ السَّنَةِ كانَ في ذَلِكَ اليَوْمِ ثُمَّ صارَ في السَّنَةِ الثّانِيَةِ في العَشْرِ مِن ذِي الحِجَّةِ وفِيها حِجَّةُ الوَداعِ، لِأجْلِ ما كانُوا عَلَيْهِ في الجاهِلِيَّةِ مِنَ النَّسِيءِ، فَأقَرَّهُ النَّبِيُّ ﷺ فِيهِ حَتّى نَزَلَ تَحْرِيمُ النَّسِيءِ وقالَ: « (إنَّ الزَّمانَ قَدِ اسْتَدارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّماواتِ والأرْضَ).» ﴿واعْلَمُوا أنَّكم غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ﴾ أيْ لا تُعْجِزُونَهُ هَرَبًا ولا تَفُوتُونَهُ طَلَبًا.
﴿وَأنَّ اللَّهَ مُخْزِي الكافِرِينَ﴾ يَحْتَمِلُ وجْهَيْنِ: أحَدُهُما: بِالسَّيْفِ لِمَن حارَبَ والجِزْيَةِ لِمَنِ اسْتَأْمَنَ.
والثّانِي: في الآخِرَةِ بِالنّارِ.
{"ayahs_start":1,"ayahs":["بَرَاۤءَةࣱ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦۤ إِلَى ٱلَّذِینَ عَـٰهَدتُّم مِّنَ ٱلۡمُشۡرِكِینَ","فَسِیحُوا۟ فِی ٱلۡأَرۡضِ أَرۡبَعَةَ أَشۡهُرࣲ وَٱعۡلَمُوۤا۟ أَنَّكُمۡ غَیۡرُ مُعۡجِزِی ٱللَّهِ وَأَنَّ ٱللَّهَ مُخۡزِی ٱلۡكَـٰفِرِینَ"],"ayah":"بَرَاۤءَةࣱ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦۤ إِلَى ٱلَّذِینَ عَـٰهَدتُّم مِّنَ ٱلۡمُشۡرِكِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق