الباحث القرآني
(p-٢٥٧)سُورَةُ الغاشِيَةِ
قَوْلُهُ تَعالى ﴿هَلْ أتاكَ حَدِيثُ الغاشِيَةِ﴾ فِيها قَوْلانِ:
أحَدُهُما أنَّها القِيامَةُ تَغْشى النّاسَ بِالأهْوالِ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ والضَّحّاكُ.
الثّانِي: أنَّها النّارُ تَغْشى وُجُوهَ الكَفّارِ، قالَهُ ابْنُ جُبَيْرٍ.
وَيَحْتَمِلُ ثالِثًا: أنَّها في هَذا المَوْضِعِ النَّفْخَةُ الثّانِيَةُ لِلْبَعْثِ لِأنَّها تَغْشى جَمِيعَ الخَلْقِ.
وَ (هَلْ) فِيها وجْهانِ:
أحَدُهُما: أنَّها في مَوْضِعِ قَدْ، وتَقْدِيرُ الكَلامِ قَدْ أتاكَ حَدِيثُ الغاشِيَةِ، قالَهُ قُطْرُبٌ.
الثّانِي: أنَّها خَرَجَتْ مَخْرَجَ الِاسْتِفْهامِ لِرَسُولِهِ، ومَعْناهُ ألَمْ يَكُنْ قَدْ أتاكَ حَدِيثُ الغاشِيَةِ، فَقَدْ أتاكَ، وهو مَعْنى قَوْلِ الكَلْبِيِّ.
﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ﴾ في الوُجُوهِ ها هُنا قَوْلانِ:
أحَدُهُما: عَنى وُجُوهَ الكَفّارِ كُلِّهِمْ، قالَهُ يَحْيى بْنُ سَلامٍ.(p-٢٥٨)
الثّانِي: أنَّها وُجُوهُ اليَهُودِ والنَّصارى، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ.
وَفي قَوْلِهِ (يَوْمَئِذٍ) وجْهانِ:
أحَدُهُما: يَعْنِي يَوْمَ القِيامَةِ، قالَهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ.
الثّانِي: في النّارِ، قالَهُ قَتادَةُ.
﴿خاشِعَةٌ﴾ فِيهِ وجْهانِ:
أحَدُهُما: يَعْنِي ذَلِيلَةً بِمَعاصِيها، قالَهُ قَتادَةُ.
الثّانِي: أنَّها تَخْشَعُ بَعْدَ ذُلٍّ مِن عَذابِ اللَّهِ فَلا تَتَنَعَّمُ، قالَهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ.
وَيَحْتَمِلُ وجْهًا ثالِثًا: أنْ تَكُونَ خاشِعَةً لِتَظاهُرِها بِطاعَتِهِ بَعْدَ اعْتِرافِها بِمَعْصِيَتِهِ.
﴿عامِلَةٌ ناصِبَةٌ﴾ في ﴿عامِلَةٌ﴾ وجْهانِ:
أحَدُهُما: في الدُّنْيا عامِلَةٌ بِالمَعاصِي، قالَهُ عِكْرِمَةُ.
الثّانِي: أنَّها تَكَبَّرَتْ في الدُّنْيا عَنْ طاعَةِ اللَّهِ تَعالى، فَأعْمَلَها في النّارِ بِالِانْتِقالِ مِن عَذابٍ إلى عَذابٍ، قالَهُ قَتادَةُ.
وَيَحْتَمِلُ وجْهًا ثالِثًا: أيْ باذِلَةٌ لِلْعَمَلِ بِطاعَتِهِ إنْ رُدَّتْ.
وَفي قَوْلِهِ ﴿ناصِبَةٌ﴾ وجْهانِ:
أحَدُهُما: ناصِبَةٌ في أعْمالِ المَعاصِي.
الثّانِي: ناصِبَةٌ في النّارِ، قالَهُ قَتادَةُ.
وَيَحْتَمِلُ وجْهًا ثالِثًا: أيْ ناصِبَةٌ بَيْنَ يَدَيْهِ تَعالى مُسْتَجِيرَةٌ بِعَفْوِهِ.
﴿تَصْلى نارًا حامِيَةً﴾ فَإنْ قِيلَ فَما مَعْنى صِفَتِها بِالحَماءِ وهي لا تَكُونُ إلّا حامِيَةً وهو أقَلُّ أحْوالِها، فَما وجْهُ المُبالِغَةِ بِهَذِهِ الصِّفَةِ النّاقِصَةِ؟ قِيلَ قَدِ اخْتُلِفَ في المُرادِ بِالحامِيَةِ ها هُنا عَلى أرْبَعَةِ أوْجُهٍ:
أحَدُها: أنَّ المُرادَ بِذَلِكَ أنَّها دائِمَةُ الحُمّى ولَيْسَتْ كَنارِ الدُّنْيا الَّتِي يَنْقَطِعُ حَمْيُها بِانْطِفائِها.
الثّانِي: أنَّ المُرادَ بِالحامِيَةِ أنَّها حِمًى يَمْنَعُ مِنَ ارْتِكابِ المَحْظُوراتِ وانْتِهاكِ (p-٢٥٩)
المَحارِمِ، كَما قالَ النَّبِيُّ ﷺ: « (وَإنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، وإنَّ حِمى اللَّهِ مَحارِمُهُ، ومَن يَرْتَعْ حَوْلَ الحِمى يُوشِكُ أنْ يَقَعَ فِيهِ)» .
الثّالِثُ: مَعْناهُ أنَّها تَحْمِي نَفْسَها عَنْ أنْ تُطاقَ مُلامَسَتُها أوْ تُرامَ مُماسَّتُها كَما يَحْمِيَ الأسَدُ عَرِينَهُ، ومِثْلُهُ قَوْلُ النّابِغَةِ
؎ تَعْدُو الذِّئابُ عَلى مَن لا كِلابَ لَهُ وتَتَّقِي صَوْلَةَ المُسْتَأْسِدِ الحامِي.
الرّابِعُ: أنَّها حامِيَةٌ مِمّا غِيظَ وغَضِبَ، مُبالَغَةً في شِدَّةِ الِانْتِقامِ، وقَدْ بَيَّنَ اللَّهُ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ ﴿تَكادُ تَمَيَّزُ مِنَ الغَيْظِ﴾ ﴿تُسْقى مِن عَيْنٍ آنِيَةٍ﴾ فِيهِ أرْبَعَةُ أوْجُهٍ:
أحَدُها: قالَهُ ابْنُ زَيْدٍ.
الثّانِي: حاضِرَةٌ.
الثّالِثُ: قَدْ بَلَغَتْ إناها وحانَ شُرْبُها، قالَهُ مُجاهِدٌ.
الرّابِعُ: يَعْنِي قَدْ أنى حَرُّها فانْتَهى واشْتَدَّ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ.
﴿لَيْسَ لَهم طَعامٌ إلا مِن ضَرِيعٍ﴾ فِيهِ سِتَّةُ أقاوِيلَ: أحَدُها: أنَّها شَجَرَةٌ تُسَمِّيها قُرَيْشٌ الشِّبْرِقَ، كَثِيرَةُ الشَّوْكِ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ، قالَ قَتادَةُ وإذا يَبِسَ في الصَّيْفِ فَهو ضَرِيعٌ، قالَ الشّاعِرُ
؎ رَعى الشِّبْرِقَ الرَّيّانَ حَتّى إذا ذَوى ∗∗∗ وعادَ ضَرِيعًا نازِعَتْهُ النَّحائِصُ
الثّانِي: السَّلْمُ، قالَ أبُو الجَوْزاءِ: كَيْفَ يَسْمَنُ مَن يَأْكُلُ الشَّوْكَ.
الثّالِثُ: أنَّها الحِجارَةُ، قالَهُ ابْنُ جُبَيْرٍ.(p-٢٦٠)
الرّابِعُ: أنَّهُ النَّوى المُحَرَّقُ، حَكاهُ يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ بَعْضِ الأعْرابِ.
الخامِسُ: أنَّهُ شَجَرٌ مِن نارٍ، قالَهُ ابْنُ زَيْدٍ.
السّادِسُ: أنَّ الضَّرِيعَ بِمَعْنى المَضْرُوعِ، أيِ الَّذِي يَضْرَعُونَ عِنْدَهُ طَلَبًا لِلْخَلاصِ مِنهُ، قالَهُ ابْنُ بَحْرٍ.
{"ayahs_start":1,"ayahs":["هَلۡ أَتَىٰكَ حَدِیثُ ٱلۡغَـٰشِیَةِ","وُجُوهࣱ یَوۡمَىِٕذٍ خَـٰشِعَةٌ","عَامِلَةࣱ نَّاصِبَةࣱ","تَصۡلَىٰ نَارًا حَامِیَةࣰ","تُسۡقَىٰ مِنۡ عَیۡنٍ ءَانِیَةࣲ","لَّیۡسَ لَهُمۡ طَعَامٌ إِلَّا مِن ضَرِیعࣲ","لَّا یُسۡمِنُ وَلَا یُغۡنِی مِن جُوعࣲ"],"ayah":"لَّیۡسَ لَهُمۡ طَعَامٌ إِلَّا مِن ضَرِیعࣲ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











