الباحث القرآني

﴿أفَلا يَنْظُرُونَ إلى الإبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ﴾ الآياتِ، وفي ذِكْرِهِ لِهَذِهِ ثَلاثَةُ أوْجُهٍ: أحَدُها: لِيَسْتَدِلُّوا بِما فِيها مِنَ العِبَرِ عَلى قُدْرَةِ اللَّهِ تَعالى ووَحْدانِيَّتِهِ. الثّانِي: لِيَعْلَمُوا بِقُدْرَتِهِ عَلى هَذِهِ الأُمُورِ أنَّهُ قادِرٌ عَلى بَعْثِهِمْ يَوْمَ القِيامَةِ، قالَهُ يَحْيى بْنُ سَلامٍ. الثّالِثُ: أنَّ اللَّهَ تَعالى لَمّا نَعَتَ لَهم ما في الجَنَّةِ عَجِبَ مِنهُ أهْلُ الضَّلالَةِ، فَذَكَرَ لَهم ذَلِكَ مَعَ ما فِيهِ مِنَ العُجابِ لِيَزُولَ تَعَجُّبُهم، قالَهُ قَتادَةُ. وَفي (اَلْإبِلِ) ها هُنا وجْهانِ: أحَدُهُما: وهو أظْهَرُهُما وأشْهُرُهُما: أنَّها الإبِلُ مِنَ النِّعَمِ. الثّانِي: أنَّها السَّحابُ، فَإنْ كانَ المُرادُ بِها السَّحابَ فَلِما فِيها مِنَ الآياتِ الدّالَّةِ عَلى قُدْرَةِ اللَّهِ والمَنافِعِ العامَّةِ لِجَمِيعِ خَلْقِهِ. وَإنْ كانَ المُرادُ بِها مِنَ النِّعَمِ فَإنَّ الإبِلَ أجْمَعُ لِلْمَنافِعِ مِن سائِرِ الحَيَواناتِ، لِأنَّ ضُرُوبَهُ أرْبَعَةٌ: حَلُوبَةٌ، ورَكُوبَةٌ، وأكُولَةٌ، وحُمُولَةٌ والإبِلُ تَجْمَعُ هَذِهِ الخِلالَ الأرْبَعَ، فَكانَتِ النِّعْمَةُ بِها أعَمَّ، وظُهُورُ القُدْرَةِ فِيها أتَمَّ. ثُمَّ قالَ تَعالى بَعْدَ ذَلِكَ ﴿فَذَكِّرْ إنَّما أنْتَ مُذَكِّرٌ﴾ فِيهِ وجْهانِ: أحَدُهُما: إنَّما أنْتَ واعِظٌ. الثّانِي: ذَكَّرَهُمُ النِّعَمَ لِيَخافُوا النِّقَمَ.(p-٢٦٣) ﴿لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ أقاوِيلَ: أحَدُها: لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَلَّطٍ، قالَهُ الضَّحّاكُ. الثّانِي: بِجَبّارٍ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ. الثّالِثُ: بِرَبٍّ، قالَهُ الحَسَنُ، ومَعْنى الكَلامِ لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ أنْ تُكْرِهَهم عَلى الإيمانِ. ثُمَّ قالَ: ﴿إلا مَن تَوَلّى وكَفَرَ﴾ فَلَسْتَ لَهُ بِمُذَكِّرٍ، لِأنَّهُ لا يَقْبَلُ تَذْكِيرَكَ، قالَهُ السُّدِّيُّ. الثّانِي: إلّا مَن تَوَلّى وكَفَرَ فَكِلْهُ إلى اللَّهِ تَعالى، وهَذا قَبْلَ القِتالِ، ثُمَّ أُمِرَ بِقِتالِهِمْ، قالَهُ الحَسَنُ. وَفي ﴿تَوَلّى وكَفَرَ﴾ وجْهانِ: أحَدُهُما: تَوَلّى عَنِ الحَقِّ وكَفَرَ بِالنِّعْمَةِ. الثّانِي: تَوَلّى عَنِ الرَّسُولِ وكَفَرَ بِاَللَّهِ تَعالى، قالَهُ الضَّحّاكُ. ﴿فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ العَذابَ الأكْبَرَ﴾ يَعْنِي جَهَنَّمَ. وَيَحْتَمِلُ أنْ يُرِيدَ الخُلُودَ فِيها، لِأنَّهُ يَصِيرُ بِالِاسْتِدامَةِ أكْبَرَ مِنَ المُنْقَطِعِ. ﴿إنَّ إلَيْنا إيابَهُمْ﴾ أيْ مَرْجِعُهم. ﴿ثُمَّ إنَّ عَلَيْنا حِسابَهُمْ﴾ يَعْنِي جَزاءَهم عَلى أعْمالِهِمْ، فَيَكُونُ ذَلِكَ جامِعًا بَيْنَ الوَعْدِ والوَعِيدِ ثَوابًا عَلى الطّاعاتِ وعِقابًا عَلى المَعاصِي. /
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب