﴿قَدْ أفْلَحَ مَن تَزَكّى﴾ فِيهِ أرْبَعَةُ تَأْوِيلاتٍ: أحَدُها: مَن تَطَهَّرَ مِنَ الشِّرْكِ بِالإيمانِ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ.
الثّانِي: مَن كانَ صالِحُ عَمَلِهِ زَكِيًّا نامِيًا، قالَهُ الحَسَنُ والرَّبِيعُ.
لَمْ يَذْكُرِ الثّالِثَ راجِعِ التَّعْلِيقَ ص.
٤٤ .
الرّابِعُ: أنَّهُ عَنى زَكاةَ الأمْوالِ كُلِّها، قالَهُ أبُو الأحْوَصِ.
وَيَحْتَمِلُ خامِسًا: أنَّهُ مَنِ ازْدادَ خَيْرًا وصَلاحًا.
﴿وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلّى﴾ فِيهِ سِتَّةُ أوْجُهٍ:
أحَدُها: أنْ يُوَحِّدَ اللَّهَ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ.
الثّانِي: أنْ يَدْعُوَهُ ويَرْغَبَ إلَيْهِ.
الثّالِثُ: أنْ يَسْتَغْفِرُوهُ ويَتُوبَ إلَيْهِ.
الرّابِعُ: أنْ يَذْكُرَهُ بِقَلْبِهِ عِنْدَ صَلاتِهِ فَيَخافَ عِقابَهُ ويَرْجُو ثَوابَهُ، لِيَكُونَ اسْتِيفاؤُهُ لَها وخُشُوعُهُ فِيها بِحَسْبَ خَوْفِهِ ورَجائِهِ.
الخامِسُ: أنْ يَذْكُرَ اسْمَ رَبِّهِ بِلِسانِهِ عِنْدَ إحْرامِهِ بِصَلاتِهِ، لِأنَّها لا تَنْعَقِدُ إلّا بِذِكْرِهِ.
السّادِسُ: أنْ يَفْتَتِحَ كُلَّ سُورَةٍ بِبَسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
وَفي قَوْلِهِ (فَصَلّى) ثَلاثَةُ أقاوِيلَ: أحَدُها: الصَّلَواتُ الخَمْسُ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ.
الثّانِي: صَلاةُ العِيدِ، قالَهُ أبُو سَعِيدٌ الخُدْرِيُّ.
الثّالِثُ: هو أنْ يَتَطَوَّعَ بِصَلاةٍ بَعْدَ زَكاةٍ، قالَهُ أبُو الأحْوَصِ.
وَذَكَرَ الضَّحّاكُ أنَّها نَزَلَتْ في أبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
﴿بَلْ تُؤْثِرُونَ الحَياةَ الدُّنْيا﴾ فِيهِ وجْهانِ:(p-٢٥٦)
أحَدُهُما: أنَّ المُرادَ بِها الكُفّارُ، فَيَكُونُ تَأْوِيلُها: بَلْ تُؤْثِرُونَ الحَياةَ الدُّنْيا عَلى الآخِرَةِ.
الثّانِي: أنَّ المُرادَ بِها المُسْلِمُونَ، فَيَكُونُ تَأْوِيلُها: يُؤْثِرُونَ الِاسْتِكْثارَ مِنَ الدُّنْيا لِلِاسْتِكْثارِ مِنَ الثَّوابِ.
﴿والآخِرَةُ خَيْرٌ وأبْقى﴾ فِيهِ وجْهانِ:
أحَدُهُما: خَيْرٌ لِلْمُؤْمِنِ مِنَ الدُّنْيا، وأبْقى لِلْجَزاءِ.
الثّانِي: ما قالَهُ قَتادَةُ خَيْرٌ في الخَيْرِ وأبْقى في البَقاءِ.
وَيَحْتَمِلُ بِهِ وجْهًا ثالِثًا: يَتَحَرَّرُ بِهِ الوَجْهانِ: والآخِرَةُ خَيْرٌ لِأهْلِ الطّاعَةِ وأبْقى عَلى أهْلِ الجَنَّةِ.
﴿إنَّ هَذا لَفي الصُّحُفِ الأُولى﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ أقاوِيلَ: أحَدُها: يَعْنِي أنَّ الآخِرَةَ خَيْرٌ وأبْقى في الصُّحُفِ الأُولى، قالَهُ قَتادَةُ.
الثّانِي: أنَّ ما قَصَّهُ اللَّهُ في هَذِهِ السُّورَةِ هو مِنَ الصُّحُفِ الأُولى.
الثّالِثُ: هي كُتُبُ اللَّهِ كُلُّها، وحَكى وهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ في المُبْتَدَإ أنَّ جَمِيعَ الكُتُبِ الَّتِي أنْزَلَها اللَّهُ عَلى أنْبِيائِهِ مِائَةُ صَحِيفَةٍ وخَمْسُ صُحُفٍ وأرْبَعَةُ كُتُبٍ، مِنها خَمْسَةٌ وثَلاثُونَ صَحِيفَةً أنْزَلَها عَلى شِيثِ بْنِ آدَمَ وخَمْسُونَ صَحِيفَةً أنْزَلَها عَلى إدْرِيسَ، وعِشْرُونَ صَحِيفَةً أنْزَلَها عَلى إبْراهِيمَ، وأنْزَلَ التَّوْراةَ عَلى مُوسى، والزَّبُورَ عَلى داوُدَ، والإنْجِيلَ عَلى عِيسى، والفُرْقانَ عَلى مُحَمَّدٍ عَلَيْهِمُ السَّلامُ.
{"ayahs_start":14,"ayahs":["قَدۡ أَفۡلَحَ مَن تَزَكَّىٰ","وَذَكَرَ ٱسۡمَ رَبِّهِۦ فَصَلَّىٰ","بَلۡ تُؤۡثِرُونَ ٱلۡحَیَوٰةَ ٱلدُّنۡیَا","وَٱلۡـَٔاخِرَةُ خَیۡرࣱ وَأَبۡقَىٰۤ","إِنَّ هَـٰذَا لَفِی ٱلصُّحُفِ ٱلۡأُولَىٰ","صُحُفِ إِبۡرَ ٰهِیمَ وَمُوسَىٰ"],"ayah":"إِنَّ هَـٰذَا لَفِی ٱلصُّحُفِ ٱلۡأُولَىٰ"}