الباحث القرآني

﴿والسَّماءِ ذاتِ الرَّجْعِ﴾ فِيهِ أرْبَعَةُ أقاوِيلَ: أحَدُها: ذاتُ المَطَرِ، لِأنَّهُ يَرْجِعُ في كُلِّ عامٍ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ. الثّانِي ذاتُ السَّحابِ، لِأنَّهُ يَرْجِعُ بِالمَطَرِ. الثّالِثُ: ذاتُ الرُّجُوعِ إلى ما كانَتْ، قالَهُ عِكْرِمَةُ. الرّابِعُ: ذاتُ النُّجُومِ الرّاجِعَةِ، قالَهُ ابْنُ زَيْدٍ. وَيَحْتَمِلُ خامِسًا: ذاتُ المَلائِكَةِ لِرُجُوعِهِمْ إلَيْها بِأعْمالِ العِبادِ، وهَذا قَسَمٌ.(p-٢٤٩) ﴿والأرْضِ ذاتِ الصَّدْعِ﴾ فِيها أرْبَعَةُ أقاوِيلَ: أحَدُها: ذاتُ النَّباتِ لِانْصِداعِ الأرْضِ عَنْهُ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ. الثّانِي: ذاتُ الأوْدِيَةِ، لِأنَّ الأرْضَ قَدِ انْصَدَعَتْ بِها، قالَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ. الثّالِثُ: ذاتُ الطُّرُقِ الَّتِي تُصَدِّعُها المُشاةُ، قالَهُ مُجاهِدٌ. الرّابِعُ: ذاتُ الحَرْثِ لِأنَّهُ يُصَدِّعُها. وَيَحْتَمِلُ خامِسًا: ذاتُ الأمْواتِ، لِانْصِداعِها عَنْهم لِلنُّشُورِ وهَذانَ قَسَمانِ: ﴿إنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ﴾ عَلى هَذا وقَعَ القَسَمُ، وفي المُرادِ بِأنَّهُ قَوْلٌ فَصْلٌ قَوْلانِ: أحَدُهُما: ما قَدَّمَهُ عَنِ الوَعِيدِ مِن قَوْلِهِ تَعالى: ﴿إنَّهُ عَلى رَجْعِهِ لَقادِرٌ﴾ ﴿يَوْمَ تُبْلى السَّرائِرُ﴾ الآيَةَ. تَحْقِيقًا لِوَعِيدِهِ، فَعَلى هَذا في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ (فَصْلٌ) وجْهانِ: أحَدُها: حَدٌّ، قالَهُ ابْنُ جُبَيْرٍ. الثّانِي: عَدْلٌ، قالَهُ الضَّحّاكُ. القَوْلُ: إنَّ المُرادَ بِالفَصْلِ القُرْآنُ تَصْدِيقًا لِكِتابِهِ، فَعَلى هَذا في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ (فَصْلٌ) وجْهانِ: أحَدُهُما: حَقٌّ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ. الثّانِي: ما رَواهُ الحارِثُ عَنْ عَلِيٍّ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: « (كِتابُ اللَّهِ فِيهِ خَيْرُ ما قَبْلَكم، وحُكْمُ ما بَعْدَكم، هو الفَصْلُ لَيْسَ بِالهَزْلِ، مَن تَرَكَهُ مِن جَبّارٍ قَصَمَهُ اللَّهُ، ومَنِ ابْتَغى الهُدى في غَيْرِهِ أضَلَّهُ اللَّهُ)» . ﴿وَما هو بِالهَزْلِ﴾ وهَذا تَمامُ ما وقَعَ عَلَيْهِ القَسَمُ، وفِيهِ ثَلاثَةُ أوْجُهٍ: أحَدُها: بِاللَّعِبِ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ ومُجاهِدٌ. الثّانِي: بِالباطِلِ، قالَهُ وكِيعٌ والضَّحّاكُ. الثّالِثُ: بِالكَذِبِ، قالَهُ السُّدِّيُّ. ﴿إنَّهم يَكِيدُونَ كَيْدًا﴾ يَعْنِي أهْلَ مَكَّةَ حِينَ اجْتَمَعُوا في دارِ النَّدْوَةِ عَلى المَكْرِ بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ، كَما قالَ تَعالى: ﴿وَإذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أوْ يَقْتُلُوكَ أوْ يُخْرِجُوكَ﴾ فَقالَ ها هُنا: ﴿إنَّهم يَكِيدُونَ كَيْدًا﴾ أيْ يَمْكُرُونَ مَكْرًا.(p-٢٥٠) ﴿وَأكِيدُ كَيْدًا﴾ يَعْنِي بِالِانْتِقامِ في الآخِرَةِ بِالنّارِ، وفي الدُّنْيا بِالسَّيْفِ. ﴿فَمَهِّلِ الكافِرِينَ أمْهِلْهم رُوَيْدًا﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ أوْجُهٍ: أحَدُها: قَرِيبًا، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ. الثّانِي: انْتِظارًا، ومِنهُ قَوْلُ الشّاعِرِ ؎ رُوَيْدَكَ حَتّى تَنْطَوِيَ ثُمَّ تَنْجَلِي عَمايَةُ هَذا العارِضِ المُتَألِّقِ الثّالِثُ: قَلِيلًا، قالَهُ قَتادَةُ. قالَ الضَّحّاكُ: فَقُتِلُوا يَوْمَ بَدْرٍ. وَفي (مَهَّلَ (وَأمْهَلَ) وجْهانِ: أحَدُهُما: أنَّهُما لُغَتانِ مَعْناهُما واحِدٌ. الثّانِي: مَعْناهُما مُخْتَلِفٌ، فَمَهَّلَ الكَفُّ عَنْهم، وأمْهَلَ انْتِظارُ العَذابِ لَهم.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب