الباحث القرآني
(p-٢٢٠)سُورَةُ الِانْفِطارِ
مَكِّيَّةٌ في قَوْلِ الجَمِيعِ
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إذا السَّماءُ انْفَطَرَتْ﴾ فِيهِ وجْهانِ:
أحَدُهُما: انْشَقَّتْ.
الثّانِي: سَقَطَتْ، قالَ الشّاعِرُ
؎ كانُوا سُعُودًا سَماءَ النّاسِ فانْفَطَرَتْ فَأصْبَحَ الشَّمْلُ لَمْ تُرْفَعْ لَهُ عُمُدُ
﴿وَإذا البِحارُ فُجِّرَتْ﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ أقاوِيلَ: أحَدُها: يَبِسَتْ، قالَهُ الحَسَنُ.
الثّانِي: خُلِطَتْ فَصارَتْ بَحْرًا واحِدًا، وهَذا مَعْنى قَوْلِ ابْنِ عَبّاسٍ، قالَ: وهو سَبْعَةُ أبْحُرٍ فَتَصِيرُ بَحْرًا واحِدًا.(p-٢٢١)
الثّالِثُ: فُجِّرَ عَذْبُها في مالِحِها: ومالِحُها في عَذْبِها، قالَهُ قَتادَةُ.
وَيَحْتَمِلُ رابِعًا: أيْ فاضَتْ.
﴿وَإذا القُبُورُ بُعْثِرَتْ﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ أوْجُهٍ:
أحَدُها: بُحِثَتْ وثُوِّرَتْ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ وعِكْرِمَةُ، وقالَ الفَرّاءُ: فَيُخْرَجُ ما في بَطْنِها مِنَ الذَّهَبِ والفِضَّةِ، وذَلِكَ مِن أشْراطِ السّاعَةِ أنْ تُخْرِجَ الأرْضُ ذَهَبَها وفِضَّتَها ثُمَّ تُخْرِجُ المَوْتى.
الثّانِي: حُرِّكَتْ لِلْبَعْثِ، قالَهُ السُّدِّيُّ.
الثّالِثُ: بُعِثَ مَن فِيها مِنَ الأمْواتِ، قالَهُ قَتادَةُ.
﴿عَلِمَتْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ وأخَّرَتْ﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ أوْجُهٍ:
أحَدُها: ما عَمِلَتْ وما تَرَكَتْ، قالَهُ أبُو رُزَيْنٍ.
الثّانِي: ما قَدَّمَتْ مِن طاعَةٍ، وأخَّرَتْ مِن حَقِّ اللَّهِ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ.
الثّالِثُ: ما قَدَّمَتْ مِنَ الصَّدَقاتِ وما أخَّرَتْ مِنَ المِيراثِ.
وَيُحْتَمَلُ ما قَدَّمَتْ مِن مَعْصِيَةٍ وأخَّرَتْ مِن طاعَةٍ، لِأنَّهُ خارِجٌ مَخْرَجَ الوَعِيدِ، وهَذا جَوابُ ﴿إذا السَّماءُ انْفَطَرَتْ﴾ لِأنَّهُ خَبَرٌ، وجَعَلَها الحَسَنُ قَسَمًا وقَعَتْ عَلى قَوْلِهِ ﴿عَلِمَتْ نَفْسٌ﴾ الآيَةَ.
والأظْهَرُ ما عَلَيْهِ الجَماعَةُ مِن أنَّهُ خَبَرٌ ولَيْسَ بِقَسَمٍ.
﴿يا أيُّها الإنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الكَرِيمِ﴾ في الإنْسانِ ها هُنا ثَلاثَةُ أقاوِيلَ: أحَدُها: أنَّهُ إشارَةٌ إلى كُلِّ كافِرٍ.
الثّانِي: أنَّهُ أُبَيُّ بْنُ خَلَفٍ، قالَهُ عِكْرِمَةُ.
الثّالِثُ: أنَّهُ أبُو الأشَدِّ بْنُ كَلَدَةَ بْنِ أسَدٍ الجُمَحِيُّ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ.
وَفي الَّذِي غَرَّهُ قَوْلانِ:
أحَدُهُما: عَدُّوهُ الشَّيْطانُ، قالَهُ قَتادَةُ.
الثّانِي: جَهْلُهُ، وهو قَوْلُ عُمَرَ بْنِ الخَطّابِ.(p-٢٢٢)
وَيَحْتَمِلُ قَوْلًا ثالِثًا: إنَّهُ إمْهالُهُ.
﴿الكَرِيمِ﴾ الَّذِي يَتَجاوَزُ ويَصْفَحُ، ورَوى الحَسَنُ أنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطّابِ لَمّا قَرَأ ﴿يا أيُّها الإنْسانُ﴾ . . الآيَةَ، قالَ: حُمْقُهُ وجَهْلُهُ.
﴿الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوّاكَ فَعَدَلَكَ﴾ يَحْتَمِلُ ثَلاثَةَ أوْجُهٍ:
أحَدُها: فَسَوّى خَلْقَكَ وعَدَلَ خِلْقَتَكَ.
الثّانِي: فَسَوّى أعْضاءَكَ بِحَسْبِ الحاجَةِ وعَدَلَها في المُماثَلَةِ لا تَفْضُلُ يَدٌ عَلى يَدٍ، ولا رِجْلٌ عَلى رِجْلٍ.
الثّالِثُ: فَسَوّاكَ إنْسانًا كَرِيمًا وعَدَلَ بِكَ عَنْ أنْ يَجْعَلَكَ حَيَوانًا بَهِيمًا.
قالَ أصْحابُ الخَواطِرِ: سَوّاكَ بِالعَقْلِ وعَدَلَكَ بِالإيمانِ.
﴿فِي أيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ أقاوِيلَ: أحَدُها: ما شاءَ رَكَّبَكَ مِن شَبَهِ أُمٍّ أوْ أبٍ أوْ خالٍ أوْ عَمٍّ، قالَهُ مُجاهِدٌ.
الثّانِي: مِن حُسْنٍ أوْ قُبْحٍ أوْ طُولٍ أوْ قِصَرٍ أوْ ذَكَرٍ أوْ أُنْثى، قالَهُ ابْنُ عِيسى.
الثّالِثُ: في أيِّ صُورَةٍ مِن صُوَرِ الخَلْقِ رَكَّبَكَ حَتّى صِرْتَ عَلى صُورَتِكَ الَّتِي أنْتَ عَلَيْها أيُّها الإنْسانُ لا يُشْبِهُكَ شَيْءٌ مِنَ الحَيَوانِ.
وَرَوى مُوسى بْنُ عَلِيِّ بْنِ رَباحٍ اللَّخْمِيُّ عَنْ أبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ لِجَدِّهِ: «ما وُلِدَ لَكَ؟ قالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ وما عَسى أنْ يُولَدَ لِي إمّا غُلامٌ وإمّا جارِيَةٌ، قالَ رَسُولُ اللَّهِ: ومَن عَسى أنْ يُشْبِهَ؟ قالَ: إمّا أباهُ وإمّا أُمَّهُ، فَقالَ عَلَيْهِ السَّلامُ عِنْدَها: مَهْ لا تَقُوَلَنَّ هَكَذا، إنَّ النُّطْفَةَ إذا اسْتَقَرَّتْ في الرَّحِمِ أحْضَرَها اللَّهُ كُلَّ نَسَبٍ بَيْنَها وبَيْنَ آدَمَ أما قَرَأتَ في كِتابِ اللَّهِ: ﴿فِي أيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ﴾» . ﴿كَلا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ تَأْوِيلاتٍ:(p-٢٢٣)
أحَدُها: بِالحِسابِ والجَزاءِ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ.
الثّانِي: بِالعَدْلِ والقَضاءِ، قالَهُ عِكْرِمَةُ.
الثّالِثُ: بِالدِّينِ الَّذِي جاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ ﷺ، حَكاهُ ابْنُ عِيسى.
﴿وَإنَّ عَلَيْكم لَحافِظِينَ﴾ يَعْنِي المَلائِكَةَ، يَحْفَظُ كُلَّ إنْسانٍ مَلَكانِ، أحَدُهُما عَنْ يَمِينِهِ يَكْتُبُ الخَيْرَ، والآخَرُ عَنْ شِمالِهِ يَكْتُبُ الشَّرَّ.
﴿كِرامًا كاتِبِينَ﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ أوْجُهٍ:
أحَدُها: كِرامًا عَلى اللَّهِ، قالَهُ يَحْيى بْنُ سَلامٍ.
الثّانِي: كِرامًا بِالإيمانِ، قالَهُ السُّدِّيُّ.
الثّالِثُ: لِأنَّهم لا يُفارِقُونَ ابْنَ آدَمَ إلّا في مَوْطِنَيْنِ عِنْدَ الغائِطِ وعِنْدَ الجِماعِ يُعْرِضانِ عَنْهُ ويَكْتُبانِ ما تَكَلَّمَ بِهِ، فَلِذَلِكَ كُرِهَ الكَلامُ عِنْدَ الغائِطِ والجِماعِ.
وَيَحْتَمِلُ رابِعًا: كِرامًا لِأداءِ الأمانَةِ فِيما يَكْتُبُونَهُ مِن عَمَلِهِ فَلا يَزِيدُونَ فِيهِ ولا يَنْقُصُونَ مِنهُ.
{"ayahs_start":1,"ayahs":["إِذَا ٱلسَّمَاۤءُ ٱنفَطَرَتۡ","وَإِذَا ٱلۡكَوَاكِبُ ٱنتَثَرَتۡ","وَإِذَا ٱلۡبِحَارُ فُجِّرَتۡ","وَإِذَا ٱلۡقُبُورُ بُعۡثِرَتۡ","عَلِمَتۡ نَفۡسࣱ مَّا قَدَّمَتۡ وَأَخَّرَتۡ","یَـٰۤأَیُّهَا ٱلۡإِنسَـٰنُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ ٱلۡكَرِیمِ","ٱلَّذِی خَلَقَكَ فَسَوَّىٰكَ فَعَدَلَكَ","فِیۤ أَیِّ صُورَةࣲ مَّا شَاۤءَ رَكَّبَكَ","كَلَّا بَلۡ تُكَذِّبُونَ بِٱلدِّینِ","وَإِنَّ عَلَیۡكُمۡ لَحَـٰفِظِینَ","كِرَامࣰا كَـٰتِبِینَ","یَعۡلَمُونَ مَا تَفۡعَلُونَ"],"ayah":"فِیۤ أَیِّ صُورَةࣲ مَّا شَاۤءَ رَكَّبَكَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق