وَفِي قَوْلِهِ تَعالى: ﴿إنَّ الأبْرارَ لَفي نَعِيمٍ﴾ ﴿وَإنَّ الفُجّارَ لَفي جَحِيمٍ﴾ قَوْلانِ:
أحَدُهُما: في الآخِرَةِ فَيَكُونُ نَعِيمُ الأبْرارِ في الجَنَّةِ بِالثَّوابِ، وجَحِيمُ الفُجّارِ في النّارِ بِالعِقابِ.(p-٢٢٤)
والقَوْلُ الثّانِي: أنَّهُ في الدُّنْيا، فَعَلى هَذا فِيهِ أرْبَعَةُ أوْجُهٍ ذَكَرَها أصْحابُ الخَواطِرِ.
أحَدُها: النَّعِيمُ القَناعَةُ، والجَحِيمُ الطَّمَعُ.
الثّانِي: النَّعِيمُ التَّوَكُّلُ، والجَحِيمُ الحِرْصُ.
الثّالِثُ: النَّعِيمُ الرِّضا بِالقَضاءِ، والجَحِيمُ السُّخْطُ فِيما قَدَّرَ وقَضى.
الرّابِعُ: النَّعِيمُ بِالطّاعَةِ، والجَحِيمُ بِالمَعْصِيَةِ.
﴿وَما هم عَنْها بِغائِبِينَ﴾ فِيهِ وجْهانِ:
أحَدُهُما: عَنِ القِيامَةِ تَحْقِيقٌ لِلْبَعْثِ فَعَلى هَذا يَجُوزُ أنْ يَكُونَ هَذا الخِطابُ مُتَوَجِّهًا إلى الأبْرارِ والفُجّارِ جَمِيعًا.
الثّانِي: عَنِ النّارِ، ويَكُونُ الخِطابُ مُتَوَجِّهًا إلى الفُجّارِ دُونَ الأبْرارِ، والمُرادُ بِأنَّهم لا يَغِيبُونَ عَنْها أمْرانِ:
أحَدُهُما: تَحْقِيقُ الوَعِيدِ.
الثّانِي: تَخْلِيدُ الفُجّارِ.
﴿وَما أدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ﴾ ﴿ثُمَّ ما أدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ﴾ يَعْنِي يَوْمَ الجَزاءِ، وهو يَوْمُ القِيامَةِ، وفي تَكْرارِهِ وجْهانِ:
أحَدُهُما: تَفْخِيمًا لِشَأْنِهِ وتَعْظِيمًا لِأمْرِهِ.
الوَجْهُ الثّانِي: أنَّ الأوَّلَ خِطابٌ لِلْفُجّارِ والثّانِي خِطابٌ لِلْأبْرارِ تَرْغِيبًا.
﴿يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا﴾ يَعْنِي لا يَمْلِكُ مَخْلُوقٌ لِمَخْلُوقٍ نَفْعًا ولا ضَرًّا.
﴿والأمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ﴾ فِيهِ وجْهانِ:
أحَدُهُما: في الجَزاءِ بِالثَّوابِ والعِقابِ.
الثّانِي: في العُقُوبَةِ والِانْتِقامِ.
{"ayahs_start":13,"ayahs":["إِنَّ ٱلۡأَبۡرَارَ لَفِی نَعِیمࣲ","وَإِنَّ ٱلۡفُجَّارَ لَفِی جَحِیمࣲ","یَصۡلَوۡنَهَا یَوۡمَ ٱلدِّینِ","وَمَا هُمۡ عَنۡهَا بِغَاۤىِٕبِینَ","وَمَاۤ أَدۡرَىٰكَ مَا یَوۡمُ ٱلدِّینِ","ثُمَّ مَاۤ أَدۡرَىٰكَ مَا یَوۡمُ ٱلدِّینِ","یَوۡمَ لَا تَمۡلِكُ نَفۡسࣱ لِّنَفۡسࣲ شَیۡـࣰٔاۖ وَٱلۡأَمۡرُ یَوۡمَىِٕذࣲ لِّلَّهِ"],"ayah":"وَمَاۤ أَدۡرَىٰكَ مَا یَوۡمُ ٱلدِّینِ"}