الباحث القرآني
﴿فَلا أُقْسِمُ بِالخُنَّسِ﴾ فِيهِ أرْبَعَةُ تَأْوِيلاتٍ: أحَدُها: النُّجُومُ الَّتِي تَخْنِسُ بِالنَّهارِ وإذا غَرَبَتْ، قالَهُ الحَسَنُ وقَتادَةُ.
الثّانِي: خَمْسَةُ الأنْجُمِ وهي: زُحَلُ وعُطارِدُ والمُشْتَرِي والمِرِّيخُ والزَّهْرَةُ، قالَهُ عَلِيٌّ.
وَفي تَخْصِيصِها بِالذِّكْرِ وجْهانِ:
أحَدُهُما: لِأنَّها لا تَسْتَقْبِلُ الشَّمْسَ، قالَهُ بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ المُزْنِيُّ.
الثّانِي: لِأنَّها تَقْطَعُ المَجَرَّةَ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ.
الثّالِثُ: أنَّ الخَنَسَ بَقْرُ الوَحْشِ، قالَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ.
الرّابِعُ: أنَّها الظِّباءُ، قالَهُ ابْنُ جُبَيْرٍ.
وَيَحْتَمِلُ تَأْوِيلًا خامِسًا: أنَّها المَلائِكَةُ لِأنَّها تَخْنِسُ فَلا تُرى، وهَذا قَسَمٌ مُبْتَدَأٌ، و(لا) الَّتِي في قَوْلِهِ ﴿فَلا أُقْسِمُ بِالخُنَّسِ﴾ فِيها الأوْجُهُ الثَّلاثَةُ الَّتِي في ﴿لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ القِيامَةِ﴾ ﴿الجَوارِ الكُنَّسِ﴾ فِيها التَّأْوِيلاتُ الخَمْسَةُ: أحَدُها: النُّجُومُ، قالَهُ الحَسَنُ، سُمِّيَتْ بِالجَوارِي الكُنَّسِ لِأنَّها تَجْرِي في مَسِيرِها.
الثّانِي: أنَّها النُّجُومُ الخَمْسَةُ، وهو قَوْلُ عَلِيٍّ.(p-٢١٧)
والكُنَّسُ، الغُيَّبُ، مَأْخُوذٌ مِنَ الكِناسِ وهو كِناسُ الوَحْشِ الَّتِي تَخْتَفِي فِيهِ، قالَ أوْسُ بْنُ حَجَرٍ
؎ ألَمْ تَرَ أنَّ اللَّهَ أنْزَلَ مُزْنَهُ وعُفْرُ الظِّباءِ في الكِناسِ تَقْمَعُ
الثّالِثُ: أنَّها بَقْرُ الوَحْشِ لِاخْتِفائِها في كِناسِها، قالَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ.
الرّابِعُ: الظِّباءُ، قالَهُ ابْنُ جُبَيْرٍ.
الخامِسُ: هي المَلائِكَةُ.
﴿واللَّيْلِ إذا عَسْعَسَ﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ تَأْوِيلاتٍ: أحَدُها: أظْلَمَ، قالَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ ومُجاهِدٌ، قالَ الشّاعِرُ
؎ حَتّى إذْ ما لَيْلُهُنَّ عَسْعَسا ∗∗∗ رَكِبْنَ مِن حَدِّ الظَّلامِ حِنْدِسًا
الثّانِي: إذا ولّى، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ وابْنُ زَيْدٍ، قالَ الشّاعِرُ
؎ حَتّى إذا الصُّبْحُ لَها تَنَفَّسا ∗∗∗ وانْجابَ عَنْها لَيْلُها وعَسْعَسا
الثّالِثُ: إذا أقْبَلَ، قالَهُ ابْنُ جُبَيْرٍ وقَتادَةُ، وأصْلُهُ العَسُّ وهو الِامْتِلاءُ، ومِنهُ قِيلَ لِلْقَدَحِ الكَبِيرِ عَسَّ لِامْتِلائِهِ بِما فِيهِ، فانْطَلَقَ عَلى إقْبالِ اللَّيْلِ لِابْتِداءِ امْتِلائِهِ، وانْطَلَقَ عَلى ظَلامِهِ لِاسْتِكْمالِ امْتِلائِهِ، ﴿والصُّبْحِ إذا تَنَفَّسَ﴾ فِيهِ تَأْوِيلانِ:
أحَدُهُما: طُلُوعُ الفَجْرِ، قالَهُ عَلِيٌّ وقَتادَةُ.
الثّانِي: طُلُوعُ الشَّمْسِ، قالَهُ الضَّحّاكُ.
وَفي ﴿تَنَفَّسَ﴾ وجْهانِ:
أحَدُهُما: بانَ إقْبالُهُ.
الثّانِي: زادَ ضَوْؤُهُ.
وَيَحْتَمِلُ وجْهًا ثالِثًا: أنْ يَكُونَ تَنَفَّسَ بِمَعْنى طالَ، مَأْخُوذٌ مِن قَوْلِهِمْ قَدْ تَنَفَّسَ النَّهارُ إذا طالَ.(p-٢١٨)
﴿إنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ﴾ وهو جَوابُ القَسَمِ، يَعْنِي القُرْآنَ.
وَفي الرَّسُولِ الكَرِيمِ قَوْلانِ:
أحَدُهُما: جِبْرِيلُ، قالَهُ الحَسَنُ وقَتادَةُ والضَّحّاكُ.
الثّانِي: النَّبِيُّ ﷺ، قالَهُ ابْنُ عِيسى، فَإنْ كانَ المُرادُ بِهِ جِبْرِيلَ فَمَعْناهُ قَوْلُ رَسُولٍ لِلَّهِ كَرِيمٍ عَنْ رَبِّ العالَمِينَ لِأنَّ أصْلَ القَوْلِ الَّذِي هو القُرْآنُ لَيْسَ مِنَ الرَّسُولِ، إنَّما الرَّسُولُ فِيهِ مُبَلِّغٌ عَلى الوَجْهِ الأوَّلِ، ومُبَلَّغٌ إلَيْهِ عَلى الوَجْهِ الثّانِي.
﴿مُطاعٍ ثَمَّ أمِينٍ﴾ هو جِبْرِيلُ في أصَحِّ القَوْلَيْنِ، يَعْنِي مُطاعًا فِيمَن نَزَلَ عَلَيْهِ مِنَ الأنْبِياءِ، أمِينًا فِيما نَزَلَ بِهِ مِنَ الكُتُبِ.
﴿وَما صاحِبُكم بِمَجْنُونٍ﴾ يَعْنِي النَّبِيَّ ﷺ . ﴿وَلَقَدْ رَآهُ بِالأُفُقِ المُبِينِ﴾ وفي الَّذِي رَآهُ قَوْلانِ:
أحَدُهُما: أنَّهُ رَأى رَبَّهُ بِالأُفُقِ المُبِينِ، وهو مَعْنى قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ.
الثّانِي: رَأى جِبْرِيلَ بِالأُفُقِ المُبِينِ عَلى صُورَتِهِ الَّتِي هو عَلَيْها، وفِيها قَوْلانِ:
أحَدُهُما: أنَّهُ رَآهُ بِبَصَرِهِ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ وعائِشَةُ.
الثّانِي: بِقَلْبِهِ، ولَمْ يَرَهُ بِبَصَرِهِ، قالَهُ أبُو ذَرٍّ.
وَفي (اَلْأُفُقِ) قَوْلانِ:
أحَدُهُما: أنَّهُ مَطْلَعُ الشَّمْسِ.
الثّانِي: أقْطارُ السَّماءِ ونَواحِيها، قالَ الشّاعِرُ
؎ أخَذْنا بِآفاقِ السَّماءِ عَلَيْكُمُ ∗∗∗ لَنا قَمَراها والنُّجُومُ الطَّوالِعُ
فَعَلى هَذا فِيهِ ثَلاثَةُ أقاوِيلَ: أحَدُها: أنَّهُ رَآهُ في أُفُقِ السَّماءِ الشَّرْقِيِّ، قالَهُ سُفْيانُ.
والثّانِي: في أُفُقِ السَّماءِ الغَرْبِيِّ، حَكاهُ ابْنُ شَجَرَةَ.(p-٢١٩)
الثّالِثُ: أنَّهُ رَآهُ نَحْوَ أجْيادٍ، وهو مُشْرِقُ مَكَّةَ، قالَهُ مُجاهِدٌ، ﴿وَما هو عَلى الغَيْبِ بِضَنِينٍ﴾ قَرَأ بِالظّاءِ ابْنُ كَثِيرٍ وأبُو عَمْرٍو والكِسائِيُّ وفِيهِ وجْهانِ:
أحَدُهُما: وما مُحَمَّدٌ عَلى القُرْآنِ بِمُتَّهَمٍ أنْ يَأْتِيَ بِما لَمْ يَنْزِلْ عَلَيْهِ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ.
الثّانِي: بِضَعِيفٍ عَنْ تَأْدِيَتِهِ، قالَهُ الفَرّاءُ.
وَقَرَأ الباقُونَ بِالضّادِ، وفِيهِ وجْهانِ:
أحَدُهُما: وما هو بِبَخِيلٍ أنْ يُعَلِّمَ كَما تَعَلَّمَ.
الثّانِي: وما هو بِمُتَّهَمٍ أنْ يُؤَدِّيَ ما لَمْ يُؤْمَرْ بِهِ.
﴿فَأيْنَ تَذْهَبُونَ﴾ فِيهِ وجْهانِ:
أحَدُهُما: فَإلى أيْنَ تَعْدِلُونَ عَنْ كِتابِ اللَّهِ تَعالى وطاعَتِهِ، قالَهُ قَتادَةُ.
الثّانِي: فَأيُّ طَرِيقٍ أهْدى لَكم وأرْشَدُ مِن كِتابِ اللَّهِ، حَكاهُ ابْنُ عِيسى.
وَيَحْتَمِلُ ثالِثًا: فَأيْنَ تَذْهَبُونَ عَنْ عَذابِهِ وعِقابِهِ.
﴿وَما تَشاءُونَ إلا أنْ يَشاءَ اللَّهُ رَبُّ العالَمِينَ﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ أوْجُهٍ:
أحَدُها: وما تَشاءُونَ الِاسْتِقامَةَ عَلى الحَقِّ إلّا أنْ يَشاءَ اللَّهُ لَكم.
الثّانِي: وما تَشاءُونَ الهِدايَةَ إلّا أنْ يَشاءَ اللَّهُ بِتَوْفِيقِهِ: وقِيلَ إنَّ سَبَبَ نُزُولِ هَذِهِ الآيَةِ أنَّهُ لَمّا نَزَلَ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿لِمَن شاءَ مِنكم أنْ يَسْتَقِيمَ﴾ قالَ أبُو جَهْلٍ: ذَلِكَ إلَيْنا إنْ شِئْنا اسْتَقَمْنا، وإنْ شِئْنا لَمْ نَسْتَقِمْ، فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى: ﴿وَما تَشاءُونَ إلا أنْ يَشاءَ اللَّهُ رَبُّ العالَمِينَ﴾
{"ayahs_start":15,"ayahs":["فَلَاۤ أُقۡسِمُ بِٱلۡخُنَّسِ","ٱلۡجَوَارِ ٱلۡكُنَّسِ","وَٱلَّیۡلِ إِذَا عَسۡعَسَ","وَٱلصُّبۡحِ إِذَا تَنَفَّسَ","إِنَّهُۥ لَقَوۡلُ رَسُولࣲ كَرِیمࣲ","ذِی قُوَّةٍ عِندَ ذِی ٱلۡعَرۡشِ مَكِینࣲ","مُّطَاعࣲ ثَمَّ أَمِینࣲ","وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجۡنُونࣲ","وَلَقَدۡ رَءَاهُ بِٱلۡأُفُقِ ٱلۡمُبِینِ","وَمَا هُوَ عَلَى ٱلۡغَیۡبِ بِضَنِینࣲ","وَمَا هُوَ بِقَوۡلِ شَیۡطَـٰنࣲ رَّجِیمࣲ","فَأَیۡنَ تَذۡهَبُونَ","إِنۡ هُوَ إِلَّا ذِكۡرࣱ لِّلۡعَـٰلَمِینَ","لِمَن شَاۤءَ مِنكُمۡ أَن یَسۡتَقِیمَ","وَمَا تَشَاۤءُونَ إِلَّاۤ أَن یَشَاۤءَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ"],"ayah":"وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجۡنُونࣲ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











