قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿إذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ في مَنامِكَ قَلِيلا﴾ فِيهِ وجْهانِ: أحَدُهُما: أنَّ اللَّهَ أرى نَبِيَّهُ ﷺ قِلَّةَ المُشْرِكِينَ عَيانًا، وقَوْلُهُ ﴿فِي مَنامِكَ﴾ يُرِيدُ في عَيْنَيْكَ الَّتِي هي مَحَلُّ النَّوْمِ، قالَهُ الحَسَنُ.
والثّانِي: أنَّهُ ألْقى عَلَيْهِ النَّوْمَ وأراهُ قِلَّتَهم في نَوْمِهِ، وهو الظّاهِرُ، وعَلَيْهِ الجُمْهُورُ.
وَإنَّما أراهُ ذَلِكَ عَلى خِلافِ ما هو بِهِ لُطْفًا أنْعَمَ بِهِ عَلَيْهِ وعَلى أُمَّتِهِ، لِيَكُونَ أثْبَتَ لِقُلُوبِهِمْ وأقْدَمَ لَهم عَلى لِقاءِ عَدُوِّهِمْ، ولَوْلا ذَلِكَ لَما جازَتْ هَذِهِ الحالَةُ مِنَ اللَّهِ تَعالى في نَبِيِّهِ ﷺ. ﴿وَلَوْ أراكَهم كَثِيرًا لَفَشِلْتُمْ﴾ فِيهِ وجْهانِ: أحَدُهُما: لاخْتَلَفْتُمْ في لِقائِهِمْ أوِ الكَفِّ عَنْهم.
والثّانِي: لَجَبُنْتُمْ عَنْهم وانْهَزَمْتُمْ مِنهم.
﴿وَلَكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ﴾ يَحْتَمِلُ وجْهَيْنِ: أحَدُهُما: سَلَّمَ مِنَ الفَشَلِ.
والثّانِي: لَجَبُنْتُمْ عَنْهم وانْهَزَمْتُمْ مِنهم ولَكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ مِنَ العَدُوِّ.
وَفِيهِ ثالِثٌ: ولَكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ أمْرَهُ فِيهِمْ حَتّى نَفَذَ ما حَكَمَ فِيهِمْ بِهِ مِن هَلاكِهِمْ.
{"ayahs_start":43,"ayahs":["إِذۡ یُرِیكَهُمُ ٱللَّهُ فِی مَنَامِكَ قَلِیلࣰاۖ وَلَوۡ أَرَىٰكَهُمۡ كَثِیرࣰا لَّفَشِلۡتُمۡ وَلَتَنَـٰزَعۡتُمۡ فِی ٱلۡأَمۡرِ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ سَلَّمَۚ إِنَّهُۥ عَلِیمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ","وَإِذۡ یُرِیكُمُوهُمۡ إِذِ ٱلۡتَقَیۡتُمۡ فِیۤ أَعۡیُنِكُمۡ قَلِیلࣰا وَیُقَلِّلُكُمۡ فِیۤ أَعۡیُنِهِمۡ لِیَقۡضِیَ ٱللَّهُ أَمۡرࣰا كَانَ مَفۡعُولࣰاۗ وَإِلَى ٱللَّهِ تُرۡجَعُ ٱلۡأُمُورُ"],"ayah":"وَإِذۡ یُرِیكُمُوهُمۡ إِذِ ٱلۡتَقَیۡتُمۡ فِیۤ أَعۡیُنِكُمۡ قَلِیلࣰا وَیُقَلِّلُكُمۡ فِیۤ أَعۡیُنِهِمۡ لِیَقۡضِیَ ٱللَّهُ أَمۡرࣰا كَانَ مَفۡعُولࣰاۗ وَإِلَى ٱللَّهِ تُرۡجَعُ ٱلۡأُمُورُ"}