قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿إذْ أنْتُمْ بِالعُدْوَةِ الدُّنْيا﴾ يَعْنِي شَفِيرَ الوادِي بِبَدْرٍ، الأدْنى إلى المَدِينَةِ.
﴿وَهم بِالعُدْوَةِ القُصْوى﴾ يَعْنِي شَفِيرَ الوادِي الأقْصى إلى مَكَّةَ.
وَقالَ الأخْفَشُ: عُدْوَةُ الوادِي هو مِلْطاطُ شَفِيرِهِ الَّذِي هو أعْلى مِن أسْفَلِهِ، وأسْفَلَ مِن أعْلاهُ.
﴿والرَّكْبُ أسْفَلَ مِنكُمْ﴾ يَعْنِي عِيرَ أبِي سُفْيانَ أسْفَلَ الوادِي، قالَ الكَلْبِيُّ: عَلى شاطِئِ البَحْرِ بِثَلاثَةِ أمْيالٍ.
﴿وَلَوْ تَواعَدْتُمْ لاخْتَلَفْتُمْ في المِيعادِ﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ أوْجُهٍ: أحَدُها: ولَوْ تَواعَدْتُمْ أنْ تَتَّفِقُوا مُجْتَمِعِينَ لاخْتَلَفْتُمْ في المِيعادِ، بِالتَّقْدِيمِ والتَّأْخِيرِ والزِّيادَةِ والنُّقْصانِ مِن غَيْرِ قَصْدٍ لِذَلِكَ.
والثّانِي: ولَوْ تَواعَدْتُمْ ثُمَّ بَلَغَكم كَثْرَةُ عَدُوِّكم مَعَ قِلَّةِ عَدَدِكم لَتَأخَّرْتُمْ فَنَقَضْتُمُ المِيعادَ، قالَهُ ابْنُ إسْحاقَ.
والثّالِثُ: ولَوْ تَواعَدْتُمْ ثُمَّ بَلَغَكم كَثْرَةُ عَدُوِّكم مِن غَيْرِ مَعُونَةِ اللَّهِ لَكم لَأخْلَفْتُمْ بِالقَواطِعِ والعَوائِقِ في المِيعادِ.
قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿لِيَهْلِكَ مَن هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ ويَحْيا مَن حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ﴾ فِيهِ وجْهانِ: أحَدُهُما: لِيُقْتَلَ بِبَدْرٍ مَن قُتِلَ مِن مُشْرِكِي قُرَيْشٍ عَنْ حُجَّةٍ، ولِيَبْقى مَن بَقِيَ عَنْ قُدْرَةٍ.
والثّانِي: لِيَكْفُرَ مِن قُرَيْشٍ مَن كَفَرَ بَعْدَ الحُجَّةِ بِبَيانِ ما وُعِدُوا، ويُؤْمِنَ مَن آمَنَ بَعْدَ العِلْمِ بِصِحَّةِ إيمانِهِمْ.
{"ayah":"إِذۡ أَنتُم بِٱلۡعُدۡوَةِ ٱلدُّنۡیَا وَهُم بِٱلۡعُدۡوَةِ ٱلۡقُصۡوَىٰ وَٱلرَّكۡبُ أَسۡفَلَ مِنكُمۡۚ وَلَوۡ تَوَاعَدتُّمۡ لَٱخۡتَلَفۡتُمۡ فِی ٱلۡمِیعَـٰدِ وَلَـٰكِن لِّیَقۡضِیَ ٱللَّهُ أَمۡرࣰا كَانَ مَفۡعُولࣰا لِّیَهۡلِكَ مَنۡ هَلَكَ عَنۢ بَیِّنَةࣲ وَیَحۡیَىٰ مَنۡ حَیَّ عَنۢ بَیِّنَةࣲۗ وَإِنَّ ٱللَّهَ لَسَمِیعٌ عَلِیمٌ"}