الباحث القرآني
قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا﴾ والزَّحْفُ: الدُّنُوُّ قَلِيلًا قَلِيلًا.
﴿فَلا تُوَلُّوهُمُ الأدْبارَ﴾ يَعْنِي بِالهَزِيمَةِ مِنهم والِانْصِرافِ عَنْهم.
وَفِيهِ قَوْلانِ: أحَدُهُما: أنَّ هَذا عَلى العُمُومِ في تَحْرِيمِ الهَزِيمَةِ بَعْدَ لِقاءِ العَدُوِّ.
والثّانِي: مَخْصُوصٌ وهو أنَّ اللَّهَ تَعالى أوْجَبَ في أوَّلِ الإسْلامِ عَلى كُلِّ رَجُلٍ مِنَ المُسْلِمِينَ أنْ يَقِفَ بِإزاءِ عَشَرَةٍ مِنَ المُشْرِكِينَ لا يَحِلُّ لَهُ بَعْدَ اللِّقاءِ أنْ يَنْهَزِمَ عَنْهم وذَلِكَ بِقَوْلِهِ: ﴿إنْ يَكُنْ مِنكم عِشْرُونَ صابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وإنْ يَكُنْ مِنكم مِائَةٌ يَغْلِبُوا ألْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأنَّهم قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ﴾ [الأنْفالَ: ٦٥] وفِيهِ وجْهانِ: أحَدُهُما: لا يَعْلَمُونَ ما فَرَضَهُ اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ مِنَ الإسْلامِ.
الثّانِي: لا يَعْلَمُونَ ما فَرَضَهُ اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِمْ مِنَ القِتالِ.
ثُمَّ نَسَخَ ذَلِكَ عَنْهم بَعْدَ كَثْرَتِهِمْ واشْتِدادِ شَوْكَتِهِمْ فَأوْجَبَ اللَّهُ تَعالى عَلى كُلِّ رَجُلٍ لاقى المُشْرِكِينَ مُحارِبًا أنْ يَقِفَ بِإزاءِ رَجُلَيْنِ بَعْدَ أنْ كانَ عَلَيْهِ أنْ يَقِفَ بِإزاءِ عَشَرَةٍ تَخْفِيفًا ورُخْصَةً وذَلِكَ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكم وعَلِمَ أنَّ فِيكم ضَعْفًا﴾ (p-٣٠٣)قُرِئَ بِضَمِّ الضّادِ وفَتْحِها، وفي اخْتِلافِ القِراءَتَيْنِ وجْهانِ: أحَدُهُما: أنَّهُما لُغَتانِ ومَعْناهُما واحِدٌ، قالَهُ الفَرّاءُ.
والثّانِي: مَعْناهُما مُخْتَلِفٌ.
وَفي اخْتِلافِهِما وجْهانِ: أحَدُهُما: أنَّها بِالفَتْحِ: الضَّعْفُ في الأمْوالِ، وبِالضَّمِّ: الضَّعْفُ في الأحْوالِ.
الثّانِي: أنَّها بِالفَتْحِ: الضَّعْفُ في النِّيّاتِ، وبِالضَّمِّ: الضَّعْفُ في الأبْدانِ.
وَقِيلَ بِعَكْسِ الوَجْهَيْنِ في الوَجْهَيْنِ.
ثُمَّ قالَ: ﴿فَإنْ يَكُنْ مِنكم مِائَةٌ صابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وإنْ يَكُنْ مِنكم ألْفٌ يَغْلِبُوا ألْفَيْنِ بِإذْنِ اللَّهِ واللَّهُ مَعَ الصّابِرِينَ﴾ فِيهِ تَأْوِيلانِ: أحَدُهُما: مَعَ الصّابِرِينَ عَلى القِتالِ في مَعُونَتِهِمْ عَلى أعْدائِهِمْ.
الثّانِي: مَعَ الصّابِرِينَ عَلى الطّاعَةِ في قَبُولِ عَمَلِهِمْ وإجْزالِ ثَوابِهِمْ، فَصارَ حَتْمًا عَلى مَن لاقى عَدُوَّهُ مِنَ المُشْرِكِينَ زَحْفًا أنْ لا يَنْهَزِمَ مَعَ القُوَّةِ عَلى المُصابَرَةِ حَتّى يَقْضِيَ اللَّهُ مِن أمْرِهِ ما شاءَ فَأمّا الهَزِيمَةُ مَعَ العَجْزِ عَنِ المُصابَرَةِ فَإنْ قاتَلَهُ أكْثَرَ مِن مِثْلَيْهِ جازَ أنْ يُوَلِّيَ عَنْهم مُنْهَزِمًا، وإنْ قاتَلَهُ مِثْلاهُ فَمِن دُونِ حُرُمٍ عَلَيْهِ أنْ يُوَلِّيَ عَنْهم مُنْهَزِمًا عَلى صِفَتَيْنِ: إمّا أنْ يَتَحَرَّفَ لِقِتالٍ وهو أنْ يَهْرُبَ لِيَطْلُبَ، ويَفِرَّ لِيَكِرَّ فَإنَّ الحَرْبَ كَرٌّ وفَرٌّ، وهَرَبٌ وطَلَبٌ، وإمّا أنْ يَتَحَيَّزَ إلى فِئَةٍ أُخْرى لِيُقاتِلَ مَعَها، قَرُبَتِ الفِئَةَ أوْ بَعُدَتْ، وذَلِكَ ظاهِرٌ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إلا مُتَحَرِّفًا لِقِتالٍ أوْ مُتَحَيِّزًا إلى فِئَةٍ فَقَدْ باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ﴾ أيْ صارَ بِالمَكانِ الَّذِي يَحِقُّ عَلَيْهِ غَضَبُ اللَّهِ، مَأْخُوذٌ مِنَ المُبَوَّأِ وهو المَكانُ.
وَمَذْهَبُ الشّافِعِيِّ وأصْحابِهِ ومُوافِقِيهِ أنَّ هَذا عَلى العُمُومِ، مَحْكُومٌ بِهِ في كُلِّ مُسْلِمٍ لاقى عَدُوًّا، وبِهِ قالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبّاسٍ.
(p-٣٠٤)وَحُكِيَ عَنِ الحَسَنِ، وقَتادَةَ، والضَّحّاكِ: أنَّ ذَلِكَ خاصٌّ في أهْلِ بَدْرٍ، وبِهِ قالَ أبُو حَنِيفَةَ.
{"ayahs_start":15,"ayahs":["یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ إِذَا لَقِیتُمُ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ زَحۡفࣰا فَلَا تُوَلُّوهُمُ ٱلۡأَدۡبَارَ","وَمَن یُوَلِّهِمۡ یَوۡمَىِٕذࣲ دُبُرَهُۥۤ إِلَّا مُتَحَرِّفࣰا لِّقِتَالٍ أَوۡ مُتَحَیِّزًا إِلَىٰ فِئَةࣲ فَقَدۡ بَاۤءَ بِغَضَبࣲ مِّنَ ٱللَّهِ وَمَأۡوَىٰهُ جَهَنَّمُۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمَصِیرُ"],"ayah":"یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ إِذَا لَقِیتُمُ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ زَحۡفࣰا فَلَا تُوَلُّوهُمُ ٱلۡأَدۡبَارَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق