الباحث القرآني
(p-٢٩٢)سُورَةُ الأنْفالِ مَدَنِيَّةٌ في قَوْلِ الحَسَنِ وعِكْرِمَةَ وجابِرٍ وعَطاءٍ وقالَ ابْنُ عَبّاسٍ: إلّا سَبْعَ آياتٍ مِن قَوْلِهِ عَزَّ وجَلَّ: ﴿وَإذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [الأنْفالَ: ٣٠] إلى آخِرِ سَبْعِ آياتٍ.
﴿يَسْألُونَكَ عَنِ الأنْفالِ قُلِ الأنْفالُ لِلَّهِ والرَّسُولِ فاتَّقُوا اللَّهَ وأصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكم وأطِيعُوا اللَّهَ ورَسُولَهُ إنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾
قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿يَسْألُونَكَ عَنِ الأنْفالِ قُلِ الأنْفالُ لِلَّهِ والرَّسُولِ﴾ وهَذا الخِطابُ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ حِينَ سَألَهُ أصْحابُهُ يَوْمَ بَدْرٍ عَنِ الأنْفالِ.
وَفي هَذِهِ الأنْفالِ الَّتِي سَألُوهُ عَنْها خَمْسَةُ أقاوِيلَ: أحَدُها: أنَّها الغَنائِمُ، وهَذا قَوْلُ ابْنِ عَبّاسٍ، وعِكْرِمَةَ، وقَتادَةَ، والضَّحّاكِ.
الثّانِي: أنَّها السَّرايا الَّتِي تَتَقَدَّمُ الجَيْشَ، وهَذا قَوْلُ الحَسَنِ.
الثّالِثُ: الأنْفالُ ما نَدَّ مِنَ المُشْرِكِينَ إلى المُسْلِمِينَ بِغَيْرِ قِتالٍ مِن دابَّةٍ أوْ عَبْدٍ، وهَذا أحَدُ قَوْلَيِ ابْنِ عَبّاسٍ.
الرّابِعُ: أنَّ الأنْفالَ الخُمُسُ مِنَ الفَيْءِ والغَنائِمِ الَّتِي جَعَلَها اللَّهُ تَعالى لِأهْلِ الخُمُسِ، وهَذا قَوْلُ مُجاهِدٍ.
(p-٢٩٣)الخامِسُ: أنَّها زِياداتٌ يَزِيدُها الإمامُ بَعْضَ الجَيْشِ لِما قَدْ يَراهُ مِنَ الصَّلاحِ.
والأنْفالُ جَمْعُ نَفَلٍ، وفي النَّفَلِ قَوْلانِ: أحَدُهُما: أنَّهُ العَطِيَّةُ، ومِنهُ قِيلَ لِلرَّجُلِ الكَثِيرِ العَطاءِ: نَوْفَلٌ، قالَ الشّاعِرُ:
؎ يَأْتِي الظُّلامَةَ مِنهُ النَّوْفَلُ الزُّفَرُ
فالنَّوْفَلُ: الكَثِيرُ العَطاءِ.
والزُّفَرُ: الحَمّالُ لِلْأنْفالِ، ومِنهُ سُمِّيَ الرَّجُلُ زُفَرَ.
والقَوْلُ الثّانِي: أنَّ النَّفَلَ الزِّيادَةُ مِنَ الخَيْرِ ومِنهُ صَلاةُ النّافِلَةِ.
قالَ لَبِيدُ بْنُ رَبِيعَةَ:
؎ إنَّ تَقْوى رَبِّنا خَيُرُ نَفَلٍ ∗∗∗ وبِإذْنِ اللَّهِ رَيْثِي وعَجَلُ
واخْتَلَفُوا في سَبَبِ نُزُولِ هَذِهِ الآيَةِ عَلى أرْبَعَةِ أقاوِيلَ: أحَدُها: ما رَواهُ ابْنُ عَبّاسٍ قالَ: «لَمّا كانَ يَوْمَ بَدْرٍ قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَن كَذا وكَذا فَلَهُ كَذا وكَذا فَسارَعَ إلَيْهِ الشُّبّانُ وبَقِيَ الشُّيُوخُ تَحْتَ الرّاياتِ، فَلَمّا فَتَحَ اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِمْ جاءُوا يَطْلُبُونَ ما جَعَلَ لَهم رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَقالَ الشُّيُوخُ: لا تَسْتَأْثِرُوا عَلَيْنا فَإنّا كُنّا رِدْءًا لَكم، فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى ﴿يَسْألُونَكَ عَنِ الأنْفالِ﴾ الآيَةَ.
»
الثّانِي: «ما رَوى مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أبِي وقّاصٍ قالَ: لَمّا كانَ يَوْمَ بَدْرٍ قُتِلَ أخِي عُمَيْرٌ وقَتَلْتُ سَعِيدَ بْنَ العاصِ بْنِ أُمَيَّةَ وأخَذْتُ سَيْفَهُ وكانَ يُسَمّى ذا الكَتِيفَةِ فَجِئْتُ بِهِ النَّبِيَّ ﷺ فَقُلْتُ: هَبْهُ لِي يا رَسُولَ اللَّهِ، فَقالَ: (اطْرَحْهُ في (p-٢٩٤)القَبْضِ فَطَرَحْتُهُ ورَجَعْتُ وبِي مِنَ الغَمِّ ما لا يَعْلَمُهُ إلّا اللَّهُ تَعالى مِن قَتْلِ أخِي وأخْذِ سَلَبِي، قالَ: فَما تَجاوَزْتُ إلّا قَرِيبًا حَتّى نَزَلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الأنْفالِ فَقالَ: (اذْهَبْ فَخُذْ سَيْفَكَ) .»
الثّالِثُ: أنَّها نَزَلَتْ في المُهاجِرِينَ والأنْصارِ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا فاخْتَلَفُوا وكانُوا أثْلاثًا فَنَزَلَتْ ﴿يَسْألُونَكَ عَنِ الأنْفالِ﴾ الآيَةَ.
فَمَلَّكَهُ اللَّهُ رَسُولَهُ فَقَسَّمَهُ كَما أراهُ اللَّهُ، قالَهُ عِكْرِمَةُ والضَّحّاكُ وابْنُ جُرَيْجٍ.
والرّابِعُ: أنَّهم لَمْ يَعْلَمُوا حُكْمَها وشَكُّوا في إحْلالِها لَهم مَعَ تَحْرِيمِها عَلى مَن كانَ قَبْلَهم فَسَألُوا عَنْها لِيَعْلَمُوا حُكْمَها مِن تَحْلِيلٍ أوْ تَحْرِيمٍ فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى هَذِهِ الآيَةَ.
ثُمَّ اخْتَلَفَ أهْلُ العِلْمِ في نَسْخِ هَذِهِ الآيَةِ عَلى قَوْلَيْنِ: أحَدُهُما: أنَّها مَنسُوخَةٌ بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿واعْلَمُوا أنَّما غَنِمْتُمْ مِن شَيْءٍ فَأنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ ولِلرَّسُولِ﴾ [الأنْفالَ: ٤١] .
الآيَةَ، قالَهُ عِكْرِمَةُ، ومُجاهِدٌ، والسُّدِّيُّ.
والقَوْلُ الثّانِي: أنَّها ثابِتَةُ الحُكْمِ ومَعْنى ذَلِكَ; قُلِ الأنْفالُ لِلَّهِ، وهي لا شَكَّ لِلَّهِ مَعَ الدُّنْيا بِما فِيها والآخِرَةِ، والرَّسُولُ يَضَعُها في مَواضِعِها الَّتِي أمَرَهُ اللَّهُ بِوَضْعِها فِيها، قالَهُ ابْنُ زَيْدٍ.
﴿فاتَّقُوا اللَّهَ وأصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ﴾ فِيهِ وجْهانِ: أحَدُهُما: أنْ يَرُدَّ أهْلَ القُوَّةِ عَلى أهْلِ الضَّعْفِ.
الثّانِي: أنْ يُسَلِّمُوا لِلَّهِ ولِلرَّسُولِ لِيَحْكُما في الغَنِيمَةِ بِما شاءَ اللَّهُ.
{"ayah":"یَسۡـَٔلُونَكَ عَنِ ٱلۡأَنفَالِۖ قُلِ ٱلۡأَنفَالُ لِلَّهِ وَٱلرَّسُولِۖ فَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ وَأَصۡلِحُوا۟ ذَاتَ بَیۡنِكُمۡۖ وَأَطِیعُوا۟ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥۤ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











