الباحث القرآني

(p-١٨٢)سُورَةُ النَّبَإ ﴿عَمَّ يَتَساءَلُونَ﴾ ﴿عَنِ النَّبَإ العَظِيمِ﴾ ﴿الَّذِي هم فِيهِ مُخْتَلِفُونَ﴾ ﴿كَلا سَيَعْلَمُونَ﴾ ﴿ثُمَّ كَلا سَيَعْلَمُونَ﴾ ﴿ألَمْ نَجْعَلِ الأرْضَ مِهادًا﴾ ﴿والجِبالَ أوْتادًا﴾ ﴿وَخَلَقْناكم أزْواجًا﴾ ﴿وَجَعَلْنا نَوْمَكم سُباتًا﴾ ﴿وَجَعَلْنا اللَّيْلَ لِباسًا﴾ ﴿وَجَعَلْنا النَّهارَ مَعاشًا﴾ ﴿وَبَنَيْنا فَوْقَكم سَبْعًا شِدادًا﴾ ﴿وَجَعَلْنا سِراجًا وهّاجًا﴾ ﴿وَأنْزَلْنا مِنَ المُعْصِراتِ ماءً ثَجّاجًا﴾ ﴿لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا ونَباتًا﴾ ﴿وَجَنّاتٍ ألْفافًا﴾ قَوْلُهُ تَعالى ﴿عَمَّ يَتَساءَلُونَ﴾ ﴿عَنِ النَّبَإ العَظِيمِ﴾ يَعْنِي عَنْ أيِّ شَيْءٍ يَتَساءَلُ المُشْرِكُونَ؟ لِأنَّ قُرَيْشًا حَيْثُ بُعِثَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ جَعَلَتْ تُجادِلُ وتَخْتَصِمُ في الَّذِي دَعا إلَيْهِ. وَفي " النَّبَأ العَظِيم " أرْبَعَةُ أقاوِيلَ: أحَدُها: القُرْآنُ، قالَهُ مُجاهِدٌ. الثّانِي: يَوْمُ القِيامَةِ، قالَهُ ابْنُ زَيْدٍ. الثّالِثُ: البَعْثُ بَعْدَ المَوْتِ، قالَهُ قَتادَةُ. الرّابِعُ: عَنْ أمْرِ النَّبِيِّ ﷺ .(p-١٨٣) ﴿الَّذِي هم فِيهِ مُخْتَلِفُونَ﴾ هو البَعْثُ، فَأمّا المَوْتُ فَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِيهِ، وفِيهِ قَوْلانِ: أحَدُهُما: أنَّهُ اخْتَلَفَ فِيهِ المُشْرِكُونَ مِن بَيْنِ مُصَدِّقٍ مِنهم ومُكَذِّبٍ، قالَهُ قَتادَةُ. الثّانِي: اخْتَلَفَ فِيهِ المُسْلِمُونَ والمُشْرِكُونَ، فَصَدَّقَ بِهِ المُسْلِمُونَ وكَذَّبَ بِهِ المُشْرِكُونَ، قالَهُ يَحْيى بْنُ سَلامٍ. ﴿كَلا سَيَعْلَمُونَ﴾ ﴿ثُمَّ كَلا سَيَعْلَمُونَ﴾ فِيهِ قَوْلانِ: أحَدُهُما: أنَّهُ وعِيدٌ بَعْدَ وعِيدٍ لِلْكُفّارِ، قالَهُ الحَسَنُ، فالأوَّلُ: كَلّا سَيَعْلَمُونَ ما يَنالُهم مِنَ العَذابِ في القِيامَةِ، والثّانِي: كَلّا سَيَعْلَمُونَ ما يَنالُهم مِنَ العَذابِ في جَهَنَّمَ. القَوْلُ الثّانِي: أنَّ الأوَّلَ لِلْكُفّارِ فِيما يَنالُهم مِنَ العَذابِ في النّارِ، والثّانِي لِلْمُؤْمِنِينَ فِيما يَنالُهم مِنَ الثَّوابِ في الجَنَّةِ، قالَهُ الضَّحّاكُ. ﴿وَجَعَلْنا نَوْمَكم سُباتًا﴾ فِيهِ أرْبَعَةُ تَأْوِيلاتٍ: أحَدُها: نُعاسًا، قالَهُ السُّدِّيُّ. الثّانِي: سَكَنًا، قالَهُ قَتادَةُ. الثّالِثُ: راحَةً ودَعَةً، ولِذَلِكَ سُمِّيَ يَوْمُ السَّبْتَ سَبْتًا لِأنَّهُ يَوْمُ راحَةٍ ودَعَةٍ، قالَ أبُو جَعْفَرٍ الطَّبَرِيُّ: يُقالُ سَبَتَ الرَّجُلُ إذا اسْتَراحَ. الرّابِعُ: سُباتًا أيْ قِطَعًا لِأعْمالِهِمْ، لِأنَّ أصْلَ السُّباتِ القَطْعُ ومِنهُ قَوْلُهم سَبَتَ الرَّجُلُ شَعْرَهُ إذا قَطَعَهُ، قالَ الأنْبارِيُّ: وسُمِّيَ يَوْمَ السَّبْتِ لِانْقِطاعِ الأعْمالِ فِيهِ. وَيَحْتَمِلُ خامِسًا: أنَّ السُّباتَ ما قَرَّتْ فِيهِ الحَواسُّ حَتّى لَمَّ تُدْرِكْ بِها الحِسَّ. ﴿وَجَعَلْنا اللَّيْلَ لِباسًا﴾ فِيهِ وجْهانِ: أحَدُهُما: سَكَنًا، قالَهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ والسُّدِّيُّ. الثّانِي: غِطاءً، لِأنَّهُ يُغَطِّي سَوادَهُ كَما يُغَطِّي الثَّوْبُ لابِسَهُ، قالَهُ أبُو جَعْفَرٍ الطَّبَرِيُّ. ﴿وَجَعَلْنا النَّهارَ مَعاشًا﴾ يَعْنِي وقْتَ اكْتِسابٍ، وهو مَعاشٌ لِأنَّهُ يُعاشُ فِيهِ.(p-١٨٤) وَيَحْتَمِلُ ثانِيًا: أنَّهُ زَمانُ العَيْشِ واللَّذَّةِ. ﴿وَجَعَلْنا سِراجًا وهّاجًا﴾ يَعْنِي بِالسِّراجِ الشَّمْسَ، وفي الوَهّاجِ أرْبَعَةُ أقاوِيلَ: أحَدُها: المُنِيرُ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ. الثّانِي: المُتَلَأْلِئُ، قالَهُ مُجاهِدٌ. الثّالِثُ: أنَّهُ مِن وهَجِ الحَرِّ، قالَهُ الحَسَنُ. الرّابِعُ: أنَّهُ الوَقّادُ، الَّذِي يَجْمَعُ بَيْنَ الضِّياءِ والجِمالِ. ﴿وَأنْزَلْنا مِنَ المُعْصِراتِ ماءً ثَجّاجًا﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ أوْجُهٍ: أحَدُها: أنَّ المُعْصِراتِ الرِّياحُ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ وعِكْرِمَةُ، قالَ زَيْدُ بْنُ أسْلَمَ هي الجَنُوبُ. الثّانِي: أنَّها السَّحابُ، قالَهُ سُفْيانُ والرَّبِيعُ. الثّالِثُ: أنَّ المُعْصِراتِ السَّماءُ، قالَهُ الحَسَنُ وقَتادَةُ. وَفي الثَّجّاجِ قَوْلانِ: أحَدُهُما: الكَثِيرُ قالَهُ ابْنُ زَيْدٍ. الثّانِي: المُنْصَبُّ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ، وقالَ عَبِيدُ بْنُ الأبْرَصِ ؎ فَثَجَّ أعْلاهُ ثُمَّ ارْتَجَّ أسْفَلُهُ وضاقَ ذَرْعًا بِحَمْلِ الماءِ مُنْصاحِ ﴿لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا ونَباتًا﴾ فِيهِ قَوْلانِ: أحَدُهُما: أنَّ الحَبَّ ما كانَ في كِمامِ الزَّرْعِ الَّذِي يُحْصَدُ، والنَّباتُ: الكَلَأُ الَّذِي يُرْعى، وهَذا مَعْنى قَوْلِ الضَّحّاكِ. الثّانِي: أنَّ الحَبَّ اللُّؤْلُؤُ، والنَّباتُ: العُشْبُ، قالَ عِكْرِمَةُ: ما أنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّماءِ قَطْرَةً إلّا أنْبَتَتْ في الأرْضِ عُشْبَةً أوْ في البَحْرِ لُؤْلُؤَةً. وَيَحْتَمِلُ ثالِثًا: أنَّ الحَبَّ ما بَذَرَهُ الآدَمِيُّونَ، والنَّباتَ ما لَمْ يَبْذُرُوهُ. ﴿وَجَنّاتٍ ألْفافًا﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ أوْجُهٍ: أحَدُها: أنَّها الزَّرْعُ المُجْتَمِعُ بَعْضُهُ إلى جَنْبِ بَعْضٍ، قالَهُ عِكْرِمَةُ. الثّانِي: أنَّهُ الشَّجَرُ المُلْتَفُّ بِالثَّمَرِ، قالَهُ السُّدِّيُّ. الثّالِثُ: أنَّها ذاتُ الألْوانِ، قالَهُ الكَلْبِيُّ.(p-١٨٥) وَيَحْتَمِلُ رابِعًا: أنَّها الَّتِي يَلُفُّ الزَّرْعُ أرْضَها والشَّجَرُ أعالِيَها، فَيَجْتَمِعُ فِيها الزَّرْعُ والشَّجَرُ مُلْتَفّاتٍ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب