الباحث القرآني
﴿وَأنّا مِنّا الصّالِحُونَ﴾ يَعْنِي المُؤْمِنِينَ.
﴿وَمِنّا دُونَ ذَلِكَ﴾ يَعْنِي المُشْرِكِينَ.
وَيَحْتَمِلُ أنْ يُرِيدَ بِالصّالِحِينَ أهْلَ الخَيْرِ، وبِـ(دُونَ ذَلِكَ) أهْلَ الشَّرِّ ومَن بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ عَلى تَدْرِيجٍ، وهو أشْبَهُ في حَمْلِهِ عَلى الإيمانِ والشِّرْكِ لِأنَّهُ إخْبارٌ مِنهم عَنْ تَقَدُّمِ حالِهِمْ قَبْلَ إيمانِهِمْ.
﴿كُنّا طَرائِقَ قِدَدًا﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ تَأْوِيلاتٍ: أحَدُها: يَعْنِي فِرَقًا شَتّى، قالَهُ السُّدِّيُّ.
الثّانِي: أدْيانًا مُخْتَلِفَةً، قالَهُ الضَّحّاكُ.
الثّالِثُ: أهْواءٌ مُتَبايِنَةٌ، ومِنهُ قَوْلُ الرّاعِي
؎ القابِضُ الباسِطُ الهادِي بِطاعَتِهِ في فِتْنَةِ النّاسِ إذْ أهْواؤُهم قِدَدُ
﴿وَأنّا لَمّا سَمِعْنا الهُدى آمَنّا بِهِ﴾ يَعْنِي القُرْآنَ سَمِعُوهُ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ فَآمَنُوا بِهِ وصَدَّقُوهُ عَلى رِسالَتِهِ، وقَدْ كانَ رَسُولُ اللَّهِ مَبْعُوثًا إلى الجِنِّ والإنْسِ.
قالَ الحَسَنُ: بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّدًا إلى الإنْسِ والجِنِّ ولَمْ يَبْعَثِ اللَّهُ تَعالى رَسُولًا مِنَ الجِنِّ ولا مِن أهْلِ البادِيَةِ ولا مِنَ النِّساءِ، وذَلِكَ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَما أرْسَلْنا مِن قَبْلِكَ إلا رِجالا نُوحِي إلَيْهِمْ مِن أهْلِ القُرى﴾ ﴿فَمَن يُؤْمِن بِرَبِّهِ فَلا يَخافُ بَخْسًا ولا رَهَقًا﴾ قالَ ابْنُ عَبّاسٍ:(p-١١٤)
لا يَخافُ نَقْصًا في حَسَناتِهِ، ولا زِيادَةً في سَيِّئاتِهِ، لِأنَّ البَخْسَ النُّقْصانُ، والرَّهَقَ: العُدْوانُ، وهَذا قَوْلٌ حَكاهُ اللَّهُ عَنِ الجِنِّ لِقُوَّةِ إيمانِهِمْ وصِحَّةِ إسْلامِهِمْ، وقَدْ رَوى عَمّارُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ قالَ: «بَيْنَما عُمَرُ بْنُ الخَطّابِ جالِسًا ذاتَ يَوْمٍ إذْ مَرَّ بِهِ رَجُلٌ، فَقِيلَ لَهُ: أتَعْرِفُ المارَّ يا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ؟ قالَ: ومَن هُوَ؟ قالُوا: سَوادُ بْنُ قارِبٍ رَجُلٌ مِن أهْلِ اليَمَنِ لَهُ شَرَفٌ، وكانَ لَهُ رِئْيٌ مِنَ الجِنِّ، فَأرْسَلَ إلَيْهِ عُمَرُ فَقالَ لَهُ: أنْتَ سَوادُ بْنُ قارِبٍ ؟ قالَ: نَعَمْ يا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ، قالَ: وأنْتَ الَّذِي أتاكَ رِئْيٌ مِنَ الجِنِّ يَظْهَرُ لَكَ؟ قالَ: نَعَمْ بَيْنَما أنا ذاتَ لَيْلَةٍ بَيْنَ النّائِمِ واليَقْظانِ إذْ أتانِي رِئْيٌ مِنَ الجِنِّ فَضَرَبَنِي بِرِجْلِهِ وقالَ: قُمْ يا سَوادُ بْنُ قارِبٍ فاسْمَعْ مَقالِي واعْقِلْ إنْ كُنْتَ تَعْقِلُ، إنَّهُ قَدْ بُعِثَ رَسُولٌ مِن لُؤَيِّ بْنِ غالِبٍ يَدْعُو إلى اللَّهِ وإلى عِبادَتِهِ، ثُمَّ أنْشَأ يَقُولُ
؎ عَجِبْتُ لِلْجِنِّ وتِطْلابِها ∗∗∗ وشَدِّها العِيسَ بِأذْنابِها.
∗∗∗ تَهْوِي إلى مَكَّةَ تَبْغِي الهُدى ∗∗∗ ما صادِقُ الجِنِّ كَكُذّابِها.
∗∗∗ فارْحَلْ إلى الصَّفْوَةِ مِن هاشِمٍ ∗∗∗ فَلَيْسَ قَدْ أتاها كاذِبًا بِها.
(p-١١٥)
فَقُلْتُ دَعْنِي أنامُ فَإنِّي أمْسَيْتُ ناعِسًا، ولَمْ أرْفَعْ بِما قالَهُ رَأْسًا، فَلَمّا كانَ اللَّيْلَةُ الثّانِيَةُ أتانِي فَضَرَبَنِي بِرِجْلِهِ، وقالَ: قُمْ يا سَوادُ بْنُ قارِبٍ فاسْمَعْ مَقالَتِي واعْقِلْ إنْ كُنْتَ تَعْقِلُ إنَّهُ قَدْ بُعِثَ رَسُولٌ مِن لُؤَيِّ بْنِ غالِبٍ يَدْعُو إلى اللَّهِ وإلى عِبادَتِهِ، ثُمَّ أنْشَأ يَقُولُ:
؎ عَجِبْتُ لِلْجِنِّ وتِخْيارِها ∗∗∗ وشَدِّها العِيسَ بِأكْوارِها.
∗∗∗ تَهْوِي إلى مَكَّةَ تَبْغِي الهَدْيَ ∗∗∗ ما مُؤْمِنُ الجِنِّ كَكُفّارِها ∗∗∗ فارْحَلْ إلى الصَّفْوَةِ مِن هاشِمٍ ∗∗∗ ما بَيْنَ رابِيها وأحْجارِها.
فَقُلْتُ لَهُ دَعْنِي فَإنِّي أمْسَيْتُ ناعِسًا، ولَمْ أرْفَعْ بِما قالَ رَأْسًا، فَلَمّا كانَ اللَّيْلَةُ الثّالِثَةُ أتانِي وضَرَبَنِي بِرِجْلِهِ، وقالَ قُمْ يا سَوادُ بْنُ قارِبٍ فاسْمَعْ مَقالَتِي واعْقِلْ إنْ كُنْتَ تَعْقِلُ، إنَّهُ قَدْ بُعِثَ رَسُولٌ مِن لُؤَيِّ بْنِ غالِبٍ يَدْعُو إلى اللَّهِ وإلى عِبادَتِهِ، ثُمَّ أنْشَأ يَقُولُ
؎ عَجِبْتُ لِلْجِنِّ وتِحْساسِها ∗∗∗ وشَدِّها العِيسَ بِأحْلاسِها.
∗∗∗ تَهْوِي إلى مَكَّةَ تَبْغِي الهَدْيَ ∗∗∗ ما خَيْرُ الجِنِّ كَأنْجاسِها.
∗∗∗ فارْحَلْ إلى الصَّفْوَةِ مِن هاشِمٍ ∗∗∗ واسْمُ بِيَدَيْكَ إلى رَأْسِها.
قالَ: فَأصْبَحْتُ قَدِ امْتَحَنَ اللَّهُ قَلْبِي بِالإسْلامِ، فَرَحَلْتُ ناقَتِي فَأتَيْتُ المَدِينَةَ، فَإذا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وأصْحابُهُ، فَقَلْتُ اسْمَعْ مَقالَتِي يا رَسُولَ اللَّهِ، قالَ: هاتِ، فَأنْشَأْتُ أقُولُ:
؎ أتانِي نَجِيٌّ بَيْنَ هَدْءٍ ورَقْدَةٍ ∗∗∗ ولَمْ يَكُ فِيما قَدْ تَلَوْتُ بِكاذِبِ ∗∗∗ ثَلاثُ لَيالٍ قَوْلُهُ كُلَّ لَيْلَةٍ ∗∗∗ أتاكَ رَسُولٌ مِن لُؤَيِّ بْنِ غالِبِ ∗∗∗ فَشَمَّرْتُ مِن ذَيْلَيِ الإزارَ ووَسَّطْتُ ∗∗∗ بِيَ الذُّمْلَ الوَجْناءَ بَيْنَ السَّباسِبِ ∗∗∗ فَأشْهَدُ أنَّ اللَّهَ لا شَيْءَ غَيْرُهُ ∗∗∗ وأنَّكَ مَأْمُولٌ عَلى كُلِّ غالِبِ. (p-١١٦)
؎ وأنَّكَ أدْنى المُرْسَلِينَ وسِيلَةً ∗∗∗ إلى اللَّهِ يا بْنَ الأكْرَمِينَ الأطايِبِ.
∗∗∗ فَمُرْنا بِما يَأْتِيكَ يا خَيْرَ مَن مَشى ∗∗∗ وإنْ كانَ فِيما جاءَ شَيْبُ الذَّوائِبِ.
∗∗∗ وكُنْ لِي شَفِيعًا يَوْمَ لا ذُو شَفاعَةٍ ∗∗∗ سِواكَ بِمُغْنٍ عَنْ سَوادِ بْنِ قارِبِ.
فَفَرِحَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وأصْحابُهُ فَرَحًا شَدِيدًا، حَتّى رُئِيَ الفَرَحُ في وُجُوهِهِمْ، قالَ: فَوَثَبَ عُمَرُ فالتَزَمَهُ وقالَ: قَدْ كُنْتُ أشْتَهِي أنْ أسْمَعَ مِنكَ هَذا الحَدِيثَ، فَهَلْ يَأْتِيكَ رِئْيُكَ مِنَ الجِنِّ اليَوْمَ؟ قالَ: [أما] وقَدْ قَرَأْتُ القُرْآنَ فَلا، ونَعْمَ العِوَضُ كِتابُ اللَّهِ عَنِ الجِنِّ» . ﴿وَأنّا مِنّا المُسْلِمُونَ ومِنّا القاسِطُونَ﴾ وهَذا إخْبارٌ عَنْ قَوْلِ الجِنِّ بِحالِ مَن فِيهِمْ مِن مُؤْمِنٍ وكافِرٍ، والقاسِطُ: الجائِرُ، لِأنَّهُ عادِلٌ عَنِ الحَقِّ، ونَظِيرُهُ التَّرِبُ والمُتْرَبُ، فالتَّرِبُ الفَقِيرُ، لِأنَّ ذَهابَ مالِهِ أقْعَدَهُ عَلى التُّرابِ، والمُتْرَبُ الغَنِيُّ لِأنَّ كَثْرَةَ مالِهِ قَدْ صارَ كالتُّرابِ.
وَفي المُرادِ بِالقاسِطِينَ ثَلاثَةُ أوْجُهٍ:
أحَدُها: الخاسِرُونَ، قالَهُ قَتادَةُ.
الثّانِي: الفاجِرُونَ، قالَهُ ابْنُ زَيْدٍ.
الثّالِثُ: النّاكِثُونَ، قالَهُ الضَّحّاكُ.
﴿وَأنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلى الطَّرِيقَةِ﴾ ذَكَرَ ابْنُ بَحْرٍ أنَّ كُلَّ ما في هَذِهِ السُّورَةِ مِن (إنِ) المَكْسُورَةِ المُثَقَّلَةِ فَهو حِكايَةٌ لِقَوْلِ الجِنِّ الَّذِينَ اسْتَمَعُوا القُرْآنَ فَرَجَعُوا إلى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ، وكُلَّ ما فِيها مِن (أنِ) المَفْتُوحَةِ المُخَفَّفَةِ أوِ المُثَقَّلَةِ فَهو مِن وحْيِ الرَّسُولِ.
وَفي هَذِهِ الِاسْتِقامَةِ قَوْلانِ:
أحَدُهُما: أنَّها الإقامَةُ عَلى طَرِيقِ الكُفْرِ والضَّلالَةِ، قالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ وأبُو مَجْلِزٍ وغَيْرُهُما.
الثّانِي: الِاسْتِقامَةُ عَلى الهُدى والطّاعَةِ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ والسُّدِّيُّ وقَتادَةُ ومُجاهِدٌ فَمَن ذَهَبَ إلى أنَّ المُرادَ الإقامَةُ عَلى الكُفْرِ والضَّلالِ فَلَهم في قَوْلِهِ ﴿لأسْقَيْناهم ماءً غَدَقًا﴾ وجْهانِ:(p-١١٧)
أحَدُهُما: بَلَوْناهم بِكَثْرَةِ الماءِ الغَدَقِ حَتّى يَهْلَكُوا كَما هَلَكَ قَوْمُ نُوحٍ بِالغَرَقِ، وهَذا قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ.
الثّانِي: لَأسْقَيْناهم ماءً غَدَقًا يَنْبُتُ بِهِ زَرْعُهم ويَكْثُرُ مالُهم.
﴿لِنَفْتِنَهم فِيهِ﴾ فَيَكُونُ زِيادَةً في البَلْوى، حَكى السُّدِّيُّ عَنْ عُمَرَ في قَوْلِهِ ﴿لأسْقَيْناهم ماءً غَدَقًا﴾ أنَّهُ قالَ: حَيْثُما كانَ الماءُ كانَ المالُ، وحَيْثُما كانَ المالُ كانَتِ الفِتْنَةُ، فاحْتَمَلَتِ الفِتْنَةُ ها هُنا وجْهَيْنِ:
أحَدُهُما: افْتِتانُ أنْفُسِهِمْ.
الثّانِي: وُقُوعُ الفِتْنَةِ والشَّرِّ مِن أجْلِهِ.
وَأمّا مَن ذَهَبَ إلى أنَّ المُرادَ الِاسْتِقامَةُ عَلى الهُدى والطّاعَةِ فَلَهم في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ ﴿لأسْقَيْناهم ماءً غَدَقًا﴾ أرْبَعَةُ أوْجُهٍ:
أحَدُها: مَعْناهُ لَهَدَيْناهُمُ الصِّراطَ المُسْتَقِيمَ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ.
الثّانِي: لَأوْسَعْنا عَلَيْهِمْ في الدُّنْيا، قالَهُ قَتادَةُ.
الثّالِثُ: لَأعْطَيْناهم عَيْشًا رَغَدًا، قالَهُ أبُو العالِيَةِ.
الرّابِعُ: أنَّهُ المالُ الواسِعُ، لِما فِيهِ مِنَ النِّعَمِ عَلَيْهِمْ بِحَياةِ النُّفُوسِ وخِصْبِ الزُّرُوعِ، قالَهُ أبُو مالِكٍ والضَّحّاكُ وابْنُ زَيْدٍ.
وَفي الغَدَقِ وجْهانِ:
أحَدُهُما: أنَّهُ العَذْبُ المَعِينُ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ، قالَهُ أُمَيَّةُ بْنُ أبِي الصَّلْتِ
؎ مِزاجُها سَلْسَبِيلٌ ماؤُها غَدَقٌ ∗∗∗ عَذْبُ المَذاقَةِ لا مِلْحٌ ولا كَدَرٌ
الثّانِي: أنَّهُ الواسِعُ الكَثِيرُ، قالَهُ مُجاهِدٌ، ومِنهُ قَوْلُ كَثِيرٍ
؎ وهَبْتُ لسُعْدى ماءَهُ ونَباتَهُ ∗∗∗ فَما كُلُّ ذِي وُدٍّ لِمَن ودَّ واهِبُ.
∗∗∗ لِتَرْوى بِهِ سُعْدى ويَرْوى مَحَلُّها ∗∗∗ وتَغْدَقَ أعْدادٌ بِهِ ومَشارِبُ
(p-١١٨)
فَعَلى هَذا فِيهِ وجْهانِ:
أحَدُهُما: أنَّهُ إخْبارٌ عَنْ حالِهِمْ في الدُّنْيا.
الثّانِي: أنَّهُ إخْبارٌ عَنْ حالِهِمْ في الآخِرَةِ لِنَفْتِنَهم فِيهِ.
فَإنْ قِيلَ إنَّ هَذا وارِدٌ في أهْلِ الكُفْرِ والضَّلالِ كانَ في تَأْوِيلِهِ ثَلاثَةُ أوْجُهٍ:
أحَدُها: افْتِتانُ أنْفُسِهِمْ بِزِينَةِ الدُّنْيا.
الثّانِي: وُقُوعُ الفِتْنَةِ والِاخْتِلافِ بَيْنَهم بِكَثْرَةِ المالِ.
الثّالِثُ: وُقُوعُ العَذابِ بِهِمْ كَما قالَ تَعالى: ﴿يَوْمَ هم عَلى النّارِ يُفْتَنُونَ﴾ [اَلذّارِياتِ: ١٣] أيْ يُعَذَّبُونَ.
وَإنْ قِيلَ إنَّهُ وارِدٌ في أهْلِ الهُدى والطّاعَةِ فَهو عَلى ما قَدَّمْنا مِنَ الوَجْهَيْنِ.
وَهَلْ هو اخْتِبارُهم في الدُّنْيا فَفي تَأْوِيلِهِ ثَلاثَةُ أوْجُهٍ:
أحَدُها: لِنَخْتَبِرَهم بِهِ، قالَهُ ابْنُ زَيْدٍ.
الثّانِي: لِنُطَهِّرَهم مِن دَنَسِ الكُفْرِ.
الثّالِثُ: لِنُخْرِجَهم بِهِ مِنَ الشِّدَّةِ والجَدْبِ إلى السِّعَةِ والخِصْبِ.
فَإنْ قِيلَ إنَّهُ إخْبارٌ عَمّا لَهم في الآخِرَةِ فَفي تَأْوِيلِهِ وجْهانِ:
أحَدُهُما: لِنُخَلِّصَهم ونُنْجِيَهم، مَأْخُوذٌ مَن فَتَنَ الذَّهَبَ إذا خَلَّصَهُ مِن غِشِّهِ بِالنّارِ كَما قالَ تَعالى لِمُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ: ﴿وَفَتَنّاكَ فُتُونًا﴾ [طَهَ: ٤٠] أيْ خَلَّصْناكَ مِن فِرْعَوْنَ.
الثّانِي: مَعْناهُ لَنَصْرِفَنَّهم عَنِ النّارِ، كَما قالَ تَعالى ﴿وَإنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أوْحَيْنا إلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنا غَيْرَهُ﴾ [اَلْإسْراءِ: ٧٣] أيْ لَيَصْرِفُونَكَ ﴿وَمَن يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ﴾ قالَ ابْنُ زَيْدٍ: يَعْنِي القُرْآنَ وفي إعْراضِهِ عَنْهُ وجْهانِ:
أحَدُهُما: عَنِ القَبُولِ، إنْ قِيلَ إنَّها مِن أهْلِ الكُفْرِ.
الثّانِي: عَنِ العَمَلِ، إنْ قِيلَ إنَّها مِنَ المُؤْمِنِينَ.
﴿يَسْلُكْهُ عَذابًا صَعَدًا﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ أوْجُهٍ:
أحَدُها: أنَّهُ جُبٌّ في النّارِ، قالَهُ أبُو سَعِيدٍ.
الثّانِي: جَبَلٌ في النّارِ إذا وضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ ذابَتْ، وإذا رَفَعَها عادَتْ، وهو مَأْثُورٌ، وهَذانَ الوَجْهانِ مِن عَذابِ أهْلِ الضَّلالِ.(p-١١٩)
والوَجْهُ الثّالِثُ: أنَّهُ مَشَقَّةٌ مِنَ العَذابِ يَتَصَعَّدُ، قالَهُ مُجاهِدٌ.
{"ayahs_start":11,"ayahs":["وَأَنَّا مِنَّا ٱلصَّـٰلِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَ ٰلِكَۖ كُنَّا طَرَاۤىِٕقَ قِدَدࣰا","وَأَنَّا ظَنَنَّاۤ أَن لَّن نُّعۡجِزَ ٱللَّهَ فِی ٱلۡأَرۡضِ وَلَن نُّعۡجِزَهُۥ هَرَبࣰا","وَأَنَّا لَمَّا سَمِعۡنَا ٱلۡهُدَىٰۤ ءَامَنَّا بِهِۦۖ فَمَن یُؤۡمِنۢ بِرَبِّهِۦ فَلَا یَخَافُ بَخۡسࣰا وَلَا رَهَقࣰا","وَأَنَّا مِنَّا ٱلۡمُسۡلِمُونَ وَمِنَّا ٱلۡقَـٰسِطُونَۖ فَمَنۡ أَسۡلَمَ فَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ تَحَرَّوۡا۟ رَشَدࣰا","وَأَمَّا ٱلۡقَـٰسِطُونَ فَكَانُوا۟ لِجَهَنَّمَ حَطَبࣰا","وَأَلَّوِ ٱسۡتَقَـٰمُوا۟ عَلَى ٱلطَّرِیقَةِ لَأَسۡقَیۡنَـٰهُم مَّاۤءً غَدَقࣰا","لِّنَفۡتِنَهُمۡ فِیهِۚ وَمَن یُعۡرِضۡ عَن ذِكۡرِ رَبِّهِۦ یَسۡلُكۡهُ عَذَابࣰا صَعَدࣰا"],"ayah":"وَأَنَّا مِنَّا ٱلصَّـٰلِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَ ٰلِكَۖ كُنَّا طَرَاۤىِٕقَ قِدَدࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











