الباحث القرآني

(p-٢٤٦)قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿وَأوْحَيْنا إلى مُوسى أنْ ألْقِ عَصاكَ﴾ قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: العَصا أوَّلُ آياتِ مُوسى وكانَتْ مِن آسِّ الجَنَّةِ، طُولُها عَشَرَةُ أذْرُعٍ بِطُولِ مُوسى، قَصَدَ بابَ فِرْعَوْنَ فَألْقى عَلَيْهِ الفَزَعَ، فَشابَ فَخَضَّبَ بِالسَّوادِ اسْتِحْياءً مِن قَوْمِهِ، فَكانَ فِرْعَوْنُ أوَّلَ مَن خَضَّبَ بِسَوادٍ. ﴿فَإذا هي تَلْقَفُ﴾ مَعْنى تَلْقَفُ هو سُرْعَةُ التَّناوُلِ إلّا أنَّ المُرادَ هُنا سُرْعَةُ ابْتِلاعِهِ بِالفَمِ. قالَ أبُو حاتِمٍ: وهي في بَعْضِ القِراءاتِ تَلقَّمُ بِالمِيمِ والتَّشْدِيدِ، قالَ الشّاعِرُ: ؎ أنْتَ عَصا مُوسى الَّتِي لَمْ تَزَلْ تَلْقَمُ ما يَأْفِكُهُ السّاحِرُ وَفِي قَوْلِهِ: ﴿ما يَأْفِكُونَ﴾ وجْهانِ: أحَدُهُما: مَعْناهُ يُقَلِّبُونَ، ومِنهُ المُؤْتَفِكاتُ أيِ المُنْقَلِباتُ، قالَهُ ابْنُ عِيسى. والثّانِي: مَعْناهُ يَكْذِبُونَ لِأنَّ الإفْكَ هو الكَذِبُ، قالَهُ مُجاهِدٌ. فَإنْ قِيلَ: فَلِمَ أمَرَ مُوسى السَّحَرَةَ أنْ يُلْقُوا وذَلِكَ مِنهم كُفْرٌ ولا يَجُوزُ أنْ يَأْمُرَ بِهِ نَبِيٌّ؟ قِيلَ عَنْ ذَلِكَ جَوابانِ. أحَدُهُما: أنَّ مَضْمُونَ أمْرِهِ إنْ كُنْتُمْ مُحِقِّينَ فَألْقُوا. والثّانِي: القَوْلُ عَلى ما يَصِحُّ ويَجُوزُ لا عَلى ما يَفْسِدُ ويَسْتَحِيلُ. قَوْلُهُ: ﴿فَوَقَعَ الحَقُّ﴾ أيْ ظَهَرَ الحَقُّ، قالَهُ الحَسَنُ، ومُجاهِدٌ، وفي الحَقِّ الَّذِي ظَهَرَ فِيهِ قَوْلانِ: أحَدُهُما: ظَهَرَتْ عَصا مُوسى عَلى حِبالِ السَّحَرَةِ. والثّانِي: ظَهَرَتْ نُبُوَّةُ مُوسى عَلى رُبُوبِيَّةِ فِرْعَوْنَ. قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ ساجِدِينَ﴾ في سُجُودِهِمْ قَوْلانِ: أحَدُهُما: أنَّهم سَجَدُوا لِمُوسى تَسْلِيمًا لَهُ وإيمانًا بِهِ. والثّانِي: أنَّهم سَجَدُوا لِلَّهِ إقْرارًا بِرُبُوبِيَّتِهِ، لِأنَّهم ﴿قالُوا آمَنّا بِرَبِّ العالَمِينَ﴾ ﴿رَبِّ مُوسى وهارُونَ﴾ وفي سُجُودِهِمْ قَوْلانِ: أحَدُهُما: أنَّ اللَّهَ ألْهَمَهم ذَلِكَ لُطْفًا بِهِمْ. والثّانِي: أنَّ مُوسى وهارُونَ سَجَدا شُكْرًا لِلَّهِ عِنْدَ ظُهُورِ الحَقِّ عَلى الباطِلِ فاقْتَدَوْا بِهِما في السُّجُودِ لِلَّهِ طاعَةً.(p-٢٤٧)
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب