الباحث القرآني
(p-٤٩)سُورَةُ المُلْكِ
مَكِّيَّةٌ عِنْدَ الكُلِّ
قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ المُلْكُ﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ أوْجُهٍ:
أحَدُها: أنَّ التَّبارُكَ تَفاعُلٌ مِنَ البَرَكَةِ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ.
وَهو أبْلَغُ مِنَ المُبارَكِ لِاخْتِصاصِ اللَّهِ بِالتَّبارُكِ واشْتِراكِ المَخْلُوقِينَ في المُبارَكِ.
الثّانِي: أيْ تَبارَكَ في الخَلْقِ بِما جَعَلَ فِيهِمْ مِنَ البَرَكَةِ، قالَهُ ابْنُ عَطاءٍ.
الثّالِثُ: مَعْناهُ عَلا وارْتَفَعَ، قالَهُ يَحْيى بْنُ سَلامٍ.
وَفي قَوْلِهِ ( ﴿الَّذِي بِيَدِهِ المُلْكُ﴾ ) وجْهانِ:
أحَدُهُما: مُلْكُ السَّماواتِ والأرْضِ في الدُّنْيا والآخِرَةِ.
الثّانِي: مُلْكُ النُّبُوَّةِ الَّتِي أعَزَّ بِها مَنِ اتَّبَعَهُ وأذَلَّ بِها مَن خالَفَهُ، قالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ إسْحاقَ.
﴿وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ مِن إنْعامٍ وانْتِقامٍ.(p-٥٠)
﴿الَّذِي خَلَقَ المَوْتَ والحَياةَ﴾ يَعْنِي المَوْتَ في الدُّنْيا، والحَياةَ في الآخِرَةِ.
قالَ قَتادَةُ: كانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: « (إنَّ اللَّهَ أذَلَّ بَنِي آدَمَ بِالمَوْتِ، وجَعَلَ الدُّنْيا دارَ حَياةٍ ثُمَّ دارَ مَوْتٍ، وجَعَلَ الآخِرَةَ دارَ جَزاءٍ ثُمَّ دارَ بَقاءٍ)» .
الثّانِي: أنَّهُ خَلَقَ المَوْتَ والحَياةَ جِسْمَيْنِ، فَخَلَقَ المَوْتَ في صُورَةِ كَبْشٍ أمْلَحَ، وخَلَقَ الحَياةَ في صُورَةِ فَرَسٍ [أُنْثى بَلْقاءَ]، وهَذا مَأْثُورٌ حَكاهُ الكَلْبِيُّ ومُقاتِلٌ.
﴿لِيَبْلُوَكم أيُّكم أحْسَنُ عَمَلا﴾ فِيهِ خَمْسَةُ تَأْوِيلاتٍ: أحَدُها: أيُّكم أتَمُّ عَقْلًا، قالَهُ قَتادَةُ.
الثّانِي: أيُّكم أزْهَدُ في الدُّنْيا، قالَهُ سُفْيانُ.
الثّالِثُ: أيُّكم أوْرَعُ عَنْ مَحارِمِ اللَّهِ وأسْرَعُ إلى طاعَةِ اللَّهِ، وهَذا قَوْلٌ مَأْثُورٌ.
الرّابِعُ: أيُّكم لِلْمَوْتِ أكْثَرُ ذِكْرًا ولَهُ أحْسَنُ اسْتِعْدادًا ومِنهُ أشَدُّ خَوْفًا وحَذَرًا، قالَهُ السُّدِّيُّ.
الخامِسُ: أيُّكم أعْرَفُ بِعُيُوبِ نَفْسِهِ.
وَيَحْتَمِلُ سادِسًا: أيُّكم أرْضى بِقَضائِهِ وأصْبَرُ عَلى بَلائِهِ.
﴿الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقًا﴾ فِيهِ وجْهانِ:(p-٥١)
أحَدُهُما: أيْ مُتَّفِقٌ مُتَشابِهٌ، مَأْخُوذٌ مِن قَوْلِهِمْ هَذا مُطابِقٌ لِهَذا أيْ شَبِيهٌ لَهُ، قالَهُ ابْنُ بَحْرٍ.
الثّانِي: يَعْنِي بِعْضَهُنَّ فَوْقَ بَعْضٍ، قالَ الحَسَنُ: وسَبْعُ أرَضِينَ بَعْضُهُنَّ فَوْقَ بَعْضٍ، بَيْنَ كُلِّ سَماءٍ وأرْضٍ خَلْقٌ وأمْرٌ.
﴿ما تَرى في خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِن تَفاوُتٍ﴾ فِيهِ أرْبَعَةُ أوْجُهٍ:
أحَدُها: مِنَ اخْتِلاَفٍ، قالَهُ قَتادَةُ، ومِنهُ قَوْلُ الشّاعِرِ
؎ مُتَفاوِتاتٌ مِنَ الأعِنَّةِ قَطَّبا حَتّى وفي عَشِيَّةِ أثْقالِها.
الثّانِي: مِن عَيْبٍ، قالَهُ السُّدِّيُّ.
الثّالِثُ: مِن تَفَرُّقٍ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ.
الرّابِعُ: لا يَفُوتُ بَعْضُهُ بَعْضًا، قالَهُ عَطاءُ بْنُ أبِي مُسْلِمٍ.
قالَ الشّاعِرُ
؎ فَلَسْتُ بِمُدْرِكٍ ما فاتَ مِنِّي ∗∗∗ بِلَهْفٍ ولاَ بِلَيْتَ ولا لَوْ أنِّي
﴿فارْجِعِ البَصَرَ﴾ قالَ قَتادَةُ: مَعْناهُ فانْظُرْ إلى السَّماءِ.
﴿هَلْ تَرى مِن فُطُورٍ﴾ فِيهِ أرْبَعَةُ أوْجُهٍ:
أحَدُها: مِن شُقُوقٍ، قالَهُ مُجاهِدٌ والضَّحّاكُ.
الثّانِي: مِن خَلَلٍ، قالَهُ قَتادَةُ.
الثّالِثُ: مِن خُرُوقٍ قالَهُ السُّدِّيُّ.
الرّابِعُ: مِن وهَنٍ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ.
﴿ثُمَّ ارْجِعِ البَصَرَ كَرَّتَيْنِ﴾ أيِ انْظُرْ إلى السَّماءِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرى.
وَيَحْتَمِلُ أمْرُهُ بِالنَّظَرِ مَرَّتَيْنِ وجْهَيْنِ:
أحَدُهُما: لِأنَّهُ في الثّانِيَةِ أقْوى نَظَرًا وأحَدَّ بَصَرًا.
الثّانِي: لِأنَّهُ يَرى في الثّانِيَةِ مِن سَيْرِ كَواكِبِها واخْتِلافِ بُرُوجِها ما لا يَراهُ مِنَ الأُولى فَيَتَحَقَّقُ أنَّهُ لا فُطُورَ فِيها.
وَتَأوَّلَ قَوْمٌ بِوَجْهٍ ثالِثٍ: أنَّهُ عَنى بِالمَرَّتَيْنِ قَلْبًا وبَصَرًا.(p-٥٢)
﴿يَنْقَلِبْ إلَيْكَ البَصَرُ خاسِئًا وهو حَسِيرٌ﴾ أيْ يَرْجِعُ إلَيْكَ البَصَرُ لِأنَّهُ لا يَرى فُطُورًا فَيَرْتَدُّ.
وَفي ( ﴿خاسِئًا﴾ ) أرْبَعَةُ أوْجُهٍ:
أحَدُها: ذَلِيلًا، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ.
الثّانِي: مُنْقَطِعًا، قالَهُ السُّدِّيُّ.
الثّالِثُ: كَلِيلًا، قالَهُ يَحْيى بْنُ سَلامٍ.
الرّابِعُ: مُبْعَدًا، قالَهُ الأخْفَشُ مَأْخُوذٌ مَن خَسَأْتَ الكَلْبَ إذا أبْعَدْتَهُ.
وَفي (حَسِيرٌ) ثَلاثَةُ أوْجُهٍ:
أحَدُها: أنَّهُ النّادِمُ، ومِنهُ قَوْلُ الشّاعِرِ
؎ ما أنا اليَوْمَ عَلى شَيْءٍ خَلا ∗∗∗ يا ابْنَةَ القَيْنِ تَوَلّى بِحَسِيرْ.
الثّانِي: أنَّهُ الكَلِيلُ الَّذِي قَدْ ضَعُفَ عَنْ إدْراكِ مَرْآهُ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ ومِنهُ قَوْلُ الشّاعِرِ
؎ مَن مَدَّ طَرْفًا إلى ما فَوْقَ غايَتِهِ ∗∗∗ ارْتَدَّ خَسْآنَ مِنهُ الطَّرْفُ قَدْ حَسِرا.
والثّالِثُ: أنَّهُ المُنْقَطِعُ مِنَ الإعْياءِ، قالَهُ السُّدِّيُّ، ومِنهُ قَوْلُ الشّاعِرِ
؎ والخَيْلُ شُعْثٌ ما تَزالُ جِيادُها ∗∗∗ حَسْرى تُغادِرُ بِالطَّرِيقِ سِخالُها.
{"ayahs_start":1,"ayahs":["تَبَـٰرَكَ ٱلَّذِی بِیَدِهِ ٱلۡمُلۡكُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ قَدِیرٌ","ٱلَّذِی خَلَقَ ٱلۡمَوۡتَ وَٱلۡحَیَوٰةَ لِیَبۡلُوَكُمۡ أَیُّكُمۡ أَحۡسَنُ عَمَلࣰاۚ وَهُوَ ٱلۡعَزِیزُ ٱلۡغَفُورُ","ٱلَّذِی خَلَقَ سَبۡعَ سَمَـٰوَ ٰتࣲ طِبَاقࣰاۖ مَّا تَرَىٰ فِی خَلۡقِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ مِن تَفَـٰوُتࣲۖ فَٱرۡجِعِ ٱلۡبَصَرَ هَلۡ تَرَىٰ مِن فُطُورࣲ","ثُمَّ ٱرۡجِعِ ٱلۡبَصَرَ كَرَّتَیۡنِ یَنقَلِبۡ إِلَیۡكَ ٱلۡبَصَرُ خَاسِئࣰا وَهُوَ حَسِیرࣱ","وَلَقَدۡ زَیَّنَّا ٱلسَّمَاۤءَ ٱلدُّنۡیَا بِمَصَـٰبِیحَ وَجَعَلۡنَـٰهَا رُجُومࣰا لِّلشَّیَـٰطِینِۖ وَأَعۡتَدۡنَا لَهُمۡ عَذَابَ ٱلسَّعِیرِ"],"ayah":"ٱلَّذِی خَلَقَ ٱلۡمَوۡتَ وَٱلۡحَیَوٰةَ لِیَبۡلُوَكُمۡ أَیُّكُمۡ أَحۡسَنُ عَمَلࣰاۚ وَهُوَ ٱلۡعَزِیزُ ٱلۡغَفُورُ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق