الباحث القرآني

(p-٥٢٧)سُورَةُ الصَّفِّ مَدَنِيَّةٌ في قَوْلِ الجَمِيعِ قَوْلُهُ تَعالى ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ أقاوِيلَ: أحَدُها: أنَّها نَزَلَتْ في قَوْمٍ قالُوا: لَوْ عَمَلُنا أحَبُّ الأعْمالِ إلى اللَّهِ لَسارَعْنا إلَيْهِ، فَلَمّا نَزَلَ فَرْضُ الجِهادِ تَثاقَلُوا عَنْهُ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ ومُجاهِدٌ. الثّانِي: أنَّها نَزَلَتْ في قَوْمٍ كانَ يَقُولُ الرَّجُالُ مِنهُمْ: قاتَلْتُ ولَمْ يُقاتِلْ، وطَعَنْتُ، ولَمْ يَطْعَنْ، وضَرَبْتُ، ولَمْ يَضْرِبْ وصَبَرْتُ، ولَمْ يَصْبِرْ، وهَذا مَرْوِيٌّ عَنْ عِكْرِمَةَ. الثّالِثُ: أنَّها نَزَلَتْ في المُنافِقِينَ كانُوا يَقُولُونَ لِلنَّبِيِّ ﷺ ولِأصْحابِهِ إنْ خَرَجْتُمْ وقاتَلْتُمْ خَرَجْنا مَعَكم وقاتَلْنا فَلَمّا خَرَجُوا نَكَصُوا عَنْهم وتَخَلَّفُوا. وَهَذِهِ الآيَةُ وإنْ كانَ ظاهِرُها الإنْكارَ لِمَن قالَ ما لا يَفْعَلُ فالمُرادُ بِها الإنْكارُ لِمَن لَمْ يَفْعَلْ ما قالَ، لِأنَّ المَقْصُودَ بِها القِيامُ بِحُقُوقِ الِالتِيامِ دُونَ إسْقاطِهِ. (p-٥٢٨)﴿إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ في سَبِيلِهِ صَفًّا﴾ مُصْطَفِّينَ صُفُوفًا كالصَّلاةِ، لِأنَّهم إذا اصْطَفُّوا مَثَلًا صَفَّيْنِ كانَ أثْبَتَ لَهم وأمْنَعَ مِن عَدُوِّهِمْ. قالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: هَذا تَعْلِيمٌ مِنَ اللَّهِ لِلْمُؤْمِنِينَ. ﴿كَأنَّهم بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ﴾ فِيهِ وجْهانِ: أحَدُهُما: أنَّ المَرْصُوصَ المُلْتَصِقُ بَعْضُهُ إلى بَعْضٍ لا تَرى فِيهِ كُوَّةً ولا ثُقْبًا لِأنَّ ذَلِكَ أحْكَمُ في البِناءِ مِن تَفَرُّقِهِ وكَذَلِكَ الصُّفُوفُ، قالَهُ ابْنُ جُبَيْرٍ، قالَ الشّاعِرُ ؎ وأشْجَرَ مَرْصُوصٍ بِطِينٍ وجَنْدَلِ لَهُ شَرَفاتٌ فَوْقَهُنَّ نَصائِبُ والثّانِي: أنَّ المَرْصُوصَ المَبْنِيَّ بِالرَّصاصِ، قالَهُ الفَرّاءُ، ومِنهُ قَوْلُ الرّاجِزِ ؎ ما لَقِيَ البِيضُ مِنَ الحُرْقُوصِ ∗∗∗ يَفْتَحُ بابَ المُغْلَقِ المَرْصُوصِ
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب