الباحث القرآني

﴿عَسى اللَّهُ أنْ يَجْعَلَ بَيْنَكم وبَيْنَ الَّذِينَ عادَيْتُمْ مِنهم مَوَدَّةً﴾ فِيهِمْ قَوْلانِ: أحَدُهُما: أهْلُ مَكَّةَ حِينَ أسْلَمُوا عامَ الفَتْحِ فَكانَتْ هي المَوَدَّةُ الَّتِي صارَتْ بَيْنَهم وبَيْنَ المُسْلِمِينَ، قالَهُ ابْنُ زَيْدٍ. الثّانِي: أنَّهُ إسْلامُ أبِي سُفْيانَ. وَفي مَوَدَّتِهِ الَّتِي صارَتْ مِنهُ قَوْلانِ: أحَدُهُما: تَزْوِيجُ النَّبِيِّ ﷺ بِأُمِّ حَبِيبَةَ بِنْتِ أبِي سُفْيانَ فَكانَتْ هَذِهِ مَوَدَّةً بَيْنَهُ وبَيْنَ أبِي سُفْيانَ، قالَهُ مُقاتِلٌ. الثّانِي: أنَّ النَّبِيَّ ﷺ اسْتَعْمَلَ أبا سُفْيانَ عَلى بَعْضِ اليَمَنِ فَلَمّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ أقْبَلَ فَلَقِيَ ذا الخِمارِ مُرْتَدًّا، فَقاتَلَهُ فَكانَ أوَّلَ مَن قاتَلَ في الرِّدَّةِ وجاهَدَ عَنِ الدِّينِ، فَكانَتْ هَذِهِ المَوَدَّةَ، قالَهُ الزُّهَيْرِيُّ. ﴿لا يَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكم في الدِّينِ﴾ الآيَةَ. فِيهِمْ أرْبَعَةُ أوْجُهٍ: أحَدُها: أنَّ هَذا في أوَّلِ الأمْرِ عِنْدَ مُوادَعَةِ المُشْرِكِينَ، ثُمَّ نُسِخَ بِالقِتالِ، قالَهُ ابْنُ زَيْدٍ. الثّانِي: أنَّهم خُزاعَةُ وبَنُو الحارِثِ بْنِ عَبْدِ مَنافٍ كانَ لَهم عَهْدٌ فَأمَرَ اللَّهُ أنْ يَبَرُّوهم بِالوَفاءِ، قالَهُ مُقاتِلٌ. الثّالِثُ: أنَّهُمُ النِّساءُ والصِّبْيانُ لِأنَّهم مِمَّنْ لَمْ يُقاتِلْ، فَأذِنَ اللَّهُ تَعالى بِبِرِّهِمْ، حَكاهُ بَعْضُ المُفَسِّرِينَ. الرّابِعُ: ما رَواهُ عامِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أبِيهِ «أنَّ أبا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ طَلَّقَ امْرَأتَهُ قُتَيْلَةَ في الجاهِلِيَّةِ وهي أُمُّ أسْماءَ بِنْتِ أبِي بَكْرٍ، فَقَدِمَتْ عَلَيْهِمْ في (p-٥٢٠)المُدَّةِ الَّتِي كانَتْ فِيها المُهادَنَةُ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وبَيْنَ كُفّارِ قُرَيْشٍ، فَأهْدَتْ إلى أسْماءَ بِنْتِ أبِي بَكْرٍ قُرْطًا وأشْياءَ، فَكَرِهَتْ أنْ تَقْبَلَ مِنها حَتّى أتَتْ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ، فَأنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الآيَةُ. » ﴿وَتُقْسِطُوا إلَيْهِمْ﴾ فِيهِ وجْهانِ: أحَدُهُما: يَعْنِي وتَعْدِلُوا فِيهِمْ، قالَهُ ابْنُ حِبّانَ فَلا تَغْلَوْا في مُقارَبَتِهِمْ، ولا تُسْرِفُوا في مُباعَدَتِهِمْ. الثّانِي: مَعْناهُ أنْ تُعْطُوهم قِسْطًا مِن أمْوالِكم، حَكاهُ ابْنُ عِيسى. وَيَحْتَمِلُ ثالِثًا: أنَّهُ الإنْفاقُ عَلى مَن وجَبَتْ نَفَقَتُهُ مِنهم، ولا يَكُونُ اخْتِلافُ الدِّينِ مانِعًا مِنِ اسْتِحْقاقِها.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب