الباحث القرآني
﴿يا أيُّها النَّبِيُّ إذا جاءَكَ المُؤْمِناتُ يُبايِعْنَكَ عَلى أنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا﴾ وذَلِكَ أنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَمّا دَخَلَ مَكَّةَ عامَ الفَتْحِ وبايَعَهُ الرِّجالُ جاءَتِ النِّساءُ بَعْدَهم لِلْبَيْعَةِ فَبايَعَهُنَّ.
واخْتُلِفَ في بَيْعَتِهِ لَهُنَّ عَلى ثَلاثَةِ أقاوِيلَ:
أحَدُها: أنَّهُ جَلَسَ عَلى الصَّفا [وَمَعَهُ عُمَرُ أسْفَلَ مِنهُ] فَأمَرَهُ أنْ يُبايِعَ النِّساءَ، قالَهُ مُقاتِلٌ.
الثّانِي: أنَّهُ أمَرَ أُمَيْمَةَ أُخْتَ خَدِيجَةَ خالَةَ فاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ بَعْدَ أنْ بايَعَتْهُ، أنْ تُبايِعَ النِّساءَ عَنْهُ، قالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ المُنْكَدِرِ عَنْ أُمَيْمَةَ.
الثّالِثُ: أنَّهُ بايَعَهُنَّ بِنَفْسِهِ وعَلى يَدِهِ ثَوْبٌ قَدْ وضَعَهُ عَلى كَفِّهِ، قالَهُ عامِرٌ الشَّعْبِيُّ.
وَقِيلَ بَلْ وضَعَ قَعْبًا فِيهِ ماءٌ وغَمَسَ فِيهِ يَدَهُ وأمَرَهُنَّ فَغَمَسْنَ أيْدِيَهُنَّ، فَكانَتْ هَذِهِ بَيْعَةُ النِّساءِ.
فَإنْ قِيلَ فَما مَعْنى بَيْعَتِهِنَّ ولَسْنَ مِن أهْلِ الجِهادِ فَتُؤْخَذُ عَلَيْهِنَّ البَيْعَةُ كالرِّجالِ؟ قِيلَ: كانَتْ بَيْعَتُهُ لَهُنَّ تَعْرِيفًا لَهُنَّ بِما عَلَيْهِنَّ مِن حُقُوقِ اللَّهِ تَعالى وحُقُوقِ أزْواجِهِنَّ لِأنَّهُنَّ دَخَلْنَ في الشَّرْعِ ولَمْ يَعْرِفْنَ حُكْمَهُ فَبَيَّنَهُ لَهُنَّ، وكانَ أوَّلُ ما أخَذَهُ عَلَيْهِنَّ أنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا تَوْحِيدًا لَهُ ومَنعًا لِعِبادَةِ غَيْرِهِ.
﴿وَلا يَسْرِقْنَ﴾ فَرَوى «أنَّ هِنْدَ بِنْتَ عُتْبَةَ كانَتْ مُتَنَكِّرَةً عِنْدَ أخْذِ البَيْعَةِ عَلى (p-٥٢٥)النِّساءِ خِيفَةً مِن رَسُولِ اللَّهِ ﷺ لِما صَنَعَتْهُ بِحَمْزَةَ وأكْلِها كَبِدَهُ، فَقالَتْ حِينَ سَمِعَتْهُ في أخْذِ البَيْعَةِ عَلَيْهِنَّ يَقُولُ " لا يَسْرِقْنَ " واللَّهِ إنِّي لا أُصِيبُ مِن أبِي سُفْيانَ إلّا قُوتَنا ما أدْرِي أيَحِلُّ لِي أمْ لا، فَقالَ أبُو سُفْيانَ: ما أصَبْتِ مِمّا مَضى أوْ قَدْ بَقِيَ فَهو لَكِ حَلالٌ، فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وعَرَفَها فَقالَ: (أنْتِ هِنْدٌ ؟ فَقالَتْ عَفا اللَّهُ عَمّا سَلَفَ.
ثُمَّ قالَ ﴿وَلا يَزْنِينَ﴾ فَقالَتْ هِنْدٌ يا رَسُولَ اللَّهِ أوَ تَزْنِي الحُرَّةُ؟
ثُمَّ قالَ ﴿وَلا يَقْتُلْنَ أوْلادَهُنَّ﴾ لِأنَّ العَرَبَ كانَتْ تَئِدُ البَناتَ، فَقالَتْ هِنْدٌ: أنْتَ قَتَلْتَهم يَوْمَ بَدْرٍ، وأنْتَ وهم أبْصَرُ.
»
وَرَوى مُقاتِلٌ أنَّها قالَتْ: رَبَّيْناهم صِغارًا وقَتَلْتُوهم كِبارًا فَأنْتُمْ وهم أعْلَمُ، فَضَحِكَ عُمَرُ بْنُ الخَطّابِ حَتّى اسْتَلْقى.
﴿وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أيْدِيهِنَّ وأرْجُلِهِنَّ﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ أقاوِيلَ:
أحَدُها: أنَّهُ السِّحْرُ، قالَهُ ابْنُ بَحْرٍ.
الثّانِي: المَشْيُ بِالنَّمِيمَةِ والسَّعْيُ في الفَسادِ.
والثّالِثُ: وهو قَوْلُ الجُمْهُورِ ألّا يَلْحِقْنَ بِأزْواجِهِنَّ غَيْرَ أوْلادِهِنَّ لِأنَّ الزَّوْجَةَ كانَتْ تَلْتَقِطُ ولَدًا وتُلْحِقُهُ بِزَوْجِها ولَدًا، ومَعْنى ﴿يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أيْدِيهِنَّ﴾ ما أخَذَتْهُ لَقِيطًا، ﴿وَأرْجُلِهِنَّ﴾ ما ولَدَتْهُ مِن زِنًى، ورُوِيَ أنَّ هِنْدًا لَمّا سَمِعَتْ ذَلِكَ قالَتْ: واللَّهِ إنَّ البُهْتانَ لَأمْرٌ قَبِيحٌ، وما تَأْمُرُ إلّا بِالأرْشَدِ ومَكارِمِ الأخْلاقِ.
ثُمَّ قالَ ﴿وَلا يَعْصِينَكَ في مَعْرُوفٍ﴾ فِيهِ أرْبَعَةُ أوْجُهٍ:
أحَدُها: أنَّ الَمَعْرُوفَ هاهُنا الطّاعَةُ لِلَّهِ ولِرَسُولِهِ، قالَهُ مَيْمُونُ بْنُ مِهْرانَ.
الثّانِي: ما رَواهُ شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ «عَنِ النَّبِيِّ ﷺ ولا يَعْصِينَكَ في مَعْرُوفٍ قالَ: هو النَّوْحُ.
»
الثّالِثُ: أنَّ مِنَ المَعْرُوفِ ألّا تَخْمِشَ وجْهَها ولا تَنْشُرَ شَعْرَها ولا تَشُقَّ جَيْبًا ولا تَدْعُو ويْلًا، قالَهُ أسِيدُ بْنُ أبِي أسِيدٍ.
(p-٥٢٦)الرّابِعُ: أنَّهُ عامٌّ في كُلِّ مَعْرُوفٍ أمَرَ اللَّهُ ورَسُولُهُ بِهِ، قالَهُ الكَلْبِيُّ.
فَرُوِيَ أنَّ هِنْدًا قالَتْ عِنْدَ ذَلِكَ: ما جَلَسْنا في مَجْلِسِنا هَذا وفي أنْفُسِنا أنْ نُعْطِيكَ مِن شَيْءٍ وهَذا دَلِيلٌ عَلى أنَّ طاعَةَ الوُلاةِ إنَّما تَلْزَمُ في المَعْرُوفِ المُباحِ دُونَ المُنْكَرِ المَحْظُورِ.
{"ayah":"یَـٰۤأَیُّهَا ٱلنَّبِیُّ إِذَا جَاۤءَكَ ٱلۡمُؤۡمِنَـٰتُ یُبَایِعۡنَكَ عَلَىٰۤ أَن لَّا یُشۡرِكۡنَ بِٱللَّهِ شَیۡـࣰٔا وَلَا یَسۡرِقۡنَ وَلَا یَزۡنِینَ وَلَا یَقۡتُلۡنَ أَوۡلَـٰدَهُنَّ وَلَا یَأۡتِینَ بِبُهۡتَـٰنࣲ یَفۡتَرِینَهُۥ بَیۡنَ أَیۡدِیهِنَّ وَأَرۡجُلِهِنَّ وَلَا یَعۡصِینَكَ فِی مَعۡرُوفࣲ فَبَایِعۡهُنَّ وَٱسۡتَغۡفِرۡ لَهُنَّ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورࣱ رَّحِیمࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











