الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ذَلِكَ أنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ القُرى بِظُلْمٍ وأهْلُها غافِلُونَ﴾ فِيهِ وجْهانِ: أحَدُهُما: وما كانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ القُرى بِظُلْمٍ مِنهُ ولَكِنْ بِحَقٍّ اسْتَوْجَبُوا بِهِ الهَلَكَةَ، وهو مَعْنى قَوْلِ مُقاتِلٍ. والثّانِي: وما كانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ القُرى بِظُلْمِ أهْلِها حَتّى يُقَدِّمَ إنْذارَهم ويَرْفَعَ أعْذارَهم ويَخْرُجُوا مِن حُكْمِ الغافِلِينَ فِيما يَنْزِلُ بِهِمْ، وهو مَعْنى قَوْلِ مُجاهِدٍ. قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿وَلِكُلٍّ دَرَجاتٌ مِمّا عَمِلُوا﴾ مَعْناهُ ولِكُلِّ عامِلٍ بِطاعَةِ اللَّهِ أوْ مَعْصِيَتِهِ دَرَجاتٌ، يَعْنِي مَنازِلَ، وإنَّما سُمِّيَتْ دَرَجاتٍ لِتَفاضُلِها كَتَفاضُلِ الدَّرَجِ في الِارْتِفاعِ والِانْحِطاطِ. وَفِيها وجْهانِ: أحَدُهُما: أنَّ المَقْصُودَ بِها الأعْمالُ المُتَفاضِلَةُ. والثّانِي: أنَّ المَقْصُورَ بِها الجَزاءُ المُتَفاضِلُ. وَيُحْتَمَلُ هَذا التَّفْضِيلُ بِالدَّرَجاتِ عَلى أهْلِ الجَنَّةِ، وأهْلِ النّارِ، لِأنَّ أهْلَ النّارِ يَتَفاضَلُونَ في العِقابِ بِحَسَبِ تَفاضُلِهِمْ في السَّيِّئاتِ، كَما يَتَفاضَلُ أهْلُ الجَنَّةِ في الثَّوابِ لِتَفاضُلِهِمْ في الحَسَناتِ، لَكِنْ قَدْ يُعَبَّرُ عَنْ تَفاضُلِ أهْلِ الجَنَّةِ بِالدَّرَجِ، وعَنْ تَفاضُلِ أهْلِ النّارِ بِالدَّرَكِ، فَإذا جَمَعَ بَيْنَهُما بِالتَّفاضُلِ عَبَّرَ عَنْ تَفاضُلِهِما بِالدَّرَجِ تَغْلِيبًا لِصِفَةِ أهْلِ الجَنَّةِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب