الباحث القرآني

قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا﴾ أيْ جَعَلْنا لِلْأنْبِياءِ أعْداءً كَما جَعَلْنا لِغَيْرِهِمْ مِنَ النّاسِ أعْداءً. وَفي ﴿جَعَلْنا﴾ وجْهانِ: (p-١٥٨)أحَدُهُما: مَعْناهُ حَكَمْنا بِأنَّهم أعْداءٌ. والثّانِي: مَعْناهُ تَرَكْناهم عَلى العَداوَةِ، فَلَمْ نَمْنَعْهم مِنها. وَفي ﴿شَياطِينَ الإنْسِ والجِنِّ﴾ ثَلاثَةُ أقاوِيلَ: أحَدُها: يَعْنِي شَياطِينَ الإنْسِ الَّذِينَ مَعَ الإنْسِ، وشَياطِينَ الجِنِّ الَّذِينَ مَعَ الجِنِّ، قالَهُ عِكْرِمَةُ، والسُّدِّيُّ. والثّانِي: شَياطِينُ الإنْسِ كُفّارُهم، وشَياطِينُ الجِنِّ كُفّارُهم، قالَهُ مُجاهِدٌ. والثّالِثُ: أنَّ شَياطِينَ الإنْسِ والجِنِّ مَرَدَتُهم، قالَهُ الحَسَنُ، وقَتادَةُ. ﴿يُوحِي بَعْضُهم إلى بَعْضٍ﴾ في يُوحِي ثَلاثَةُ أوْجُهٍ: أحَدُها: يَعْنِي يُوَسْوِسُ بَعْضُهم بَعْضًا. والثّانِي: يُشِيرُ بَعْضُهم إلى بَعْضٍ، فَعَبَّرَ عَنِ الإشارَةِ بِالوَحْيِ كَقَوْلِهِ: ﴿فَأوْحى إلَيْهِمْ أنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وعَشِيًّا﴾ [مَرْيَمَ: ١١] و ﴿زُخْرُفَ القَوْلِ﴾ ما زَيَّنُوهُ لَهم مِنَ الشُّبَهِ في الكُفْرِ وارْتِكابِ المَعاصِي. والثّالِثُ: يَأْمُرُ بَعْضُهم بَعْضًا كَقَوْلِهِ: ﴿وَأوْحى في كُلِّ سَماءٍ أمْرَها﴾ [فُصِّلَتْ: ١٢] أيْ أمْرٌ. ثُمَّ قالَ: ﴿وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ ما فَعَلُوهُ﴾ يَحْتَمِلُ وجْهَيْنِ: أحَدُهُما: ما فَعَلُوهُ مِنَ الكُفْرِ. والثّانِي: ما فَعَلُوا مِن زُخْرُفِ القَوْلِ. وَفي تَرْكِهِمْ عَلى ذَلِكَ قَوْلانِ: أحَدُهُما: ابْتِلاءً لَهم وتَمْيِيزًا لِلْمُؤْمِنِينَ مِنهم. والثّانِي: لا يُلْجِئُهم إلى الإيمانِ فَيَزُولُ التَّكْلِيفُ. (p-١٥٩)قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿وَلِتَصْغى إلَيْهِ أفْئِدَةُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ﴾ أيْ تَمِيلُ إلَيْهِ قُلُوبُهم، والإصْغاءُ: المَيْلُ، قالَ الشّاعِرُ: ؎ تَرى السَّفِيهَ بِهِ عَنْ كُلِّ مُحْكَمَةٍ زَيْغٌ وفِيهِ إلى التَّشْبِيهِ إصْغاءُ وَتَقْدِيرُ الكَلامِ، يُوحِي بَعْضُهم إلى بَعْضٍ زُخْرُفَ القَوْلِ غُرُورًا لِيُغْرُوهم ولِتُصْغِيَ إلَيْهِ أفْئِدَةُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ، وقالَ قَوْمٌ: بَلْ هي لامُ أمْرٍ ومَعْناها الخَبَرُ. ﴿وَلِيَرْضَوْهُ﴾ لِأنَّ مَن مالَ قَلْبُهُ إلى شَيْءٍ رَضِيَهُ وإنْ لَمْ يَكُنْ مُرْضِيًا. ﴿وَلِيَقْتَرِفُوا ما هم مُقْتَرِفُونَ﴾ فِيهِ وجْهانِ: أحَدُهُما: ولِيَكْتَسِبُوا مِنَ الشِّرْكِ والمَعاصِي ما هم مُكْتَسِبُونَ، قالَهُ جُوَيْبِرٌ. والثّانِي: ولِيَكْذِبُوا عَلى اللَّهِ ورَسُولِهِ ما هم كاذِبُونَ، وهو مُحْتَمَلٌ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب