الباحث القرآني

﴿فَما أوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِن خَيْلٍ ولا رِكابٍ﴾ والإيجافُ الإيضاعُ في السَّيْرِ وهو الإسْراعُ، والرِّكابُ: الإبِلُ، وفِيهِما يَقُولُ نُصَيْبٌ ؎ ألا رُبَّ رَكْبٍ قَدْ قَطَعْتُ وجِيفَهم إلَيْكَ ولَوْلا أنْتَ لَمْ تَوْجَفِ الرَّكْبُ ﴿وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى مَن يَشاءُ﴾ ذَلِكَ أنَّ مالَ الفَيْءِ هو المَأْخُوذُ مِنَ المُشْرِكِينَ بِغَيْرِ قِتالٍ ولا إيجافِ خَيْلٍ ولا رِكابٍ، فَجَعَلَ اللَّهُ لِرَسُولِهِ أنْ يَضَعَهُ حَيْثُ يَشاءُ لِأنَّهُ واصِلٌ بِتَسْلِيطِ الرَّسُولِ عَلَيْهِمْ لا بِمُحارَبَتِهِمْ وقَهْرِهِمْ. فَجَعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ طُعْمَةً لِرَسُولِهِ خالِصًا دُونَ النّاسِ، فَقَسَّمَهُ في المُهاجِرِينَ إلّا سَهْلَ بْنَ حَنِيفٌ وأبا دُجانَةَ فَإنَّهُما ذَكَرا فَقْرًا فَأعْطاهُما. ﴿كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأغْنِياءِ مِنكُمْ﴾ يُقالُ دُولَةٌ بِالضَّمِّ وبِالفَتْحِ وقُرِئَ بِهِما، وفِيهِما قَوْلانِ: أحَدُهُما: أنَّهُما واحِدٌ، قالَهُ يُونُسٌ، والأصْمَعِيُّ. الثّانِي: أنَّ بَيْنَهُما فَرْقًا، وفِيهِ أرْبَعَةُ أوْجُهٍ: (p-٥٠٤)أحَدُها: أنَّهُ بِالفَتْحِ الظَّفَرُ في الحَرْبِ، وبِالضَّمِّ الغِنى عَنْ فَقْرٍ، قالَهُ أبُو عَمْرِو بْنُ العَلاءِ. الثّانِي: أنَّهُ بِالفَتْحِ في الأيّامِ، وبِالضَّمِّ في الأمْوالِ، قالَهُ عُبَيْدَةُ. الثّالِثُ: أنَّ بِالفَتْحِ ما كانَ كالمُسْتَقِرِّ، وبِالضَّمِّ ما كانَ كالمُسْتَعارِ، حَكاهُ ابْنُ كامِلٍ. الرّابِعُ: أنَّهُ بِالفَتْحِ الطَّعْنُ في الحَرْبِ، وبِالضَّمِّ أيّامُ المُلْكِ وأيّامُ السِّنِينَ الَّتِي تَتَغَيَّرُ، قالَهُ الفَرّاءُ، قالَ حَسّانٌ ؎ ولَقَدْ نِلْتُمْ ونِلْنا مِنكم ∗∗∗ وكَذاكَ الحَرْبُ أحْيانًا دُوَلٌ ﴿وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وما نَهاكم عَنْهُ فانْتَهُوا﴾ فِيهِ أرْبَعَةُ أوْجُهٍ: أحَدُها: يَعْنِي ما أعْطاكم مِن مالِ الفَيْءِ فاقْبَلُوهُ، وما مَنَعَكم مِنهُ فَلا تَطْلُبُوهُ، قالَهُ السُّدِّيُّ. الثّانِي: ما آتاكُمُ اللَّهُ مِن مالِ الغَنِيمَةِ فَخُذُوهُ، وما نَهاكم عَنْهُ مِنَ الغُلُوِّ فَلا تَفْعَلُوهُ، قالَهُ الحَسَنُ. الثّالِثُ: وما آتاكم مِن طاعَتِي فافْعَلُوهُ، وما نَهاكم عَنْهُ مِن مَعْصِيَتِي فاجْتَنِبُوهُ، قالَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ. الرّابِعُ: أنَّهُ مَحْمُولٌ عَلى العُمُومِ في جَمِيعِ أوامِرِهِ ونَواهِيهِ لِأنَّهُ لا يَأْمُرُ إلّا بِصَلاحٍ ولا يَنْهى إلّا عَنْ فَسادٍ. وَحَكى الكَلْبِيُّ أنَّها نَزَلَتْ في رُؤَساءِ المُسْلِمِينَ قالُوا فِيما ظَهَرَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِن أمْوالِ المُشْرِكِينَ، يا رَسُولَ اللَّهِ صَفِيكَ والرُّبُعُ ودَعْنا والباقِي فَهَكَذا كُنّا نَفْعَلُ في الجاهِلِيَّةِ وأنْشَدُوهُ ؎ لَكَ المِرْباعُ مِنها والصَّفايا ∗∗∗ وحُكْمُكَ والنَّشِيطَةُ والفَضُولُ. فَأنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الآيَةُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب